249

لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية

محقق

عبد الله بن محمد بن سليمان البصيري

الناشر

مكتبة الرشد للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

والحكم ما لم يخص به غيرهم من سائر الأمم، وقد أوترا من ذرابة (١) اللسان ما لم يؤت مثله إنسان. ومن فصل الخطاب ما يقيد الألباب، جعل إذنه تعالى لهم ذلك طبعا وسليقة، وفيهم غريزة وحقيقة يأتون منه على البديهة بالعجب العجاب، ويدلون به إلى كل سبب من الأسباب، فإذا مدحوا أعجبوا، وإذا وصفوا أغربوا، وإذا هجوا أبدعوا، وإذا ذموا أقذعوا، وإذا تغزلوا هيجوا النفوس، وهيموا البليد فضلًا عن المأنوس (٢). وعلى كل حال لهم من البلاغة البالغة والقوة الدامغة، والفنون البديعة والضروب الرفيعة ما يعجز عن وصفه الواصفون ويحجم عن إستقصائه العارفون فبينما هم في ذلك كذلك فما راعهم إلا والرسول الكريم قد أتى بهذا القرآن العظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قد أحكمت آياته وفصلت كلماته وبهرت بلاغته العقول وسمت فصاحته على كل معقول وتظافر إيجازه وإعجازه وتظاهرت حقيقته ومجازه. وهم أفسح ما كانوا في هذا الباب مجالا وأوسعه في اللغة والغريب مقالا. والقرآن العظيم نزل بلغتهم التي بها يتحاورون ومنازعهم التي عنها يتناضلون صارخًا بهم في كل حين ومفزعًا لهم بضعًا وعشرين من السنين وموبخًا لهم على رؤوس الخلائق أجمعين.

(١) ذرابة اللسان: حدة اللسان وسلاطته بحيث لا يبالي ما قال. القاموس (ص ١٠٩)؛ والنهاية (٢/ ١٥٦). (٢) المأنوس: الذي فيه أنس: أي في فرح وسرور. المعجم البسيط (١/ ٢٩ - ٣٠).

1 / 254