الله ﷿ (^١): أعددت لعبادي الصَّالحين ما لا عين رأت، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطر على قلب بشرٍ. ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾] (^٢).
وفي "صحيح مسلم" عن المغيرة بن شُعبةَ يَرفعُه: سأل موسى ربَّه، قال: يا ربّ، ما أدنى أهلِ الجنةِ منزلةً؟ قال: هو رجلٌ يجيء بعدَما أُدْخِلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، فيقالُ له: ادخُلِ الجنَّةَ، فيقولُ: يا ربّ، كيفَ وقد أخذَ النَّاسُ (^٣) منازلَهم، وأخذُوا أَخَذَاتِهم (^٤)؟ فيقال له: أترضى أن يكونَ لك مثلُ [مُلْكِ] مَلِكٍ مِن ملوكِ الدُّنيا؟ فيقولُ: رضيتُ يا ربِّ، فيقولُ: لكَ ذلكَ ومثلُهُ، ومثلُهُ ومِثلُهُ [وَمِثْلُهُ]، فقال له (^٥) في الخامسةِ: رضيتُ يا ربّ، فيقال: هذا لكَ وعشرةُ أمثالِه، ولكَ ما اشْتَهَتْ نفسُك ولذَّتْ عينُك، فيقول: رضيتُ ربِّ. قال: فأعلاهم منزِلةً؟ قال: أولئك الَّذِينَ أردْتُ، غرسْتُ كرامَتَهُم بيدي، وختمْتُ عليها، فلم تَرَ عَيْنٌ، ولم تسمَعْ أذُنٌ، ولم يخطُرْ على قَلْبِ (^٦) بشَرٍ. قال: ومِصداقُهُ في كتابِ اللهِ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ (^٧) (^٨).
الثاني: مِلاطُ الجنةِ وأنَّه المِسْكُ الأذْفَرُ، وقد تقدَّم مثلُ ذلك في غير حديثٍ (^٩).
والمِلاطُ: هو الطّينُ، ويقال: الطّينُ الذي يُبنَى منه البُنيانُ. والأَذْفَرُ: الخالِصُ (^١٠).
ففي "الصحيحين" عن أنسٍ، عن النَّبيِّ ﷺ، قال: "دخلْتُ الجنَّةَ فإذا فيها جَنابِذُ اللؤلؤ، وإذا ترابُها المِسْكُ" (^١١). والجَنابِذُ (^١٢): مثلُ القِبابِ. وقد قيل: "إنَّه أرادَ
_________
(^١) أي في الحديث القدسي.
(^٢) ما بين قوسين ساقط في (ط).
(^٣) في صحيح مسلم: "نزل الناس".
(^٤) أخذوا أخذاتِهم: أي نزلوا منازلهم.
(^٥) لفظ "له" لم يرد في ب، ط.
(^٦) لفظ "قلب" ساقط في (آ).
(^٧) سورة السجدة الآية ١٧.
(^٨) رواه مسلم رقم (١٨٩) في الإِيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.
(^٩) انظر ص (٦٢).
(^١٠) قال ابن الأثير: أي طيّب الريح.
(^١١) قطعة من حديث طويل رواه البخاري رقم (٣٣٤٢) في الأنبياء: باب ذكر إدريس ﵇، و(٣٤٩) في الصلاة: باب كيف فرضت الصلوات في الإِسراء؛ ومسلم رقم (١٦٣) في الإِيمان: باب الإِسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات وفرض الصلوات. ورواه أيضًا أحمد في "المسند" ٥/ ١٤٤.
(^١٢) الجَنَابذ: مفردها جُنْبُذَة، وهو ما ارتفع من الشيء واستدار كالقُبَّة.
1 / 65