فيومُكَ إن أغنيتَهُ (^١) عادَ نفعُهُ … عَلَيْكَ وَمَاضي الأمسِ ليسَ يَعُودُ
فإنْ كُنتَ بالأمسِ اقْتَرفْتَ إساءةً … فَثَنِّ بإحْسانٍ وأنتَ حَمِيدُ
فلا تُرْجِ فِعلَ الخيرِ يومًا إلى غدٍ … لعل غدًا يأتي وأنتَ فقيدُ
وفي "تفسير عَبْدِ بن حُميد" (^٢) وغيره من التفاسير المسندة عن الحَسَنِ في قول الله ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ (^٣)، قال: مَنْ عَجَزَ (^٤) بالليل كانَ له في (^٥) أوَّلِ النَّهارِ مُسْتَعْتَبٌ، ومَنْ عَجَزَ عن النَّهارِ (^٦) كانَ له في (٥) الليلِ مُسْتَعْتَبٌ (^٧). وعن قَتَادَةَ، قال: إنَّ المؤمن قد ينسى بالليل ويذكُرُ بالنَّهارِ، وينسَى بالنَّهارِ ويذكُرُ بالليل. قال: وجاء رجل إلى سَلْمان [الفارسي] (^٨)، قال: [إني] (^٩) لا أستطيعُ قيامَ الليلِ. قال له: فلا تعجِزْ بالنَّهارِ. قال قَتَادَة: فأَدُّوا إلى اللهِ مِن أعمالِكُم خيرًا في هذا الليلِ والنَّهارِ؛ فإنَّهما مَطيَّتانِ تُقْحِمانِ النَّاسَ إلى آجالِهم، يقرِّبانِ كلّ بعيدٍ، ويُبْلِيانِ كُلَّ جديدٍ، ويجيئانِ بكلِّ موعودٍ، إلى يوم القيامة.
* * *
وقد استخرْتُ الله تعالى في أن أجمَعَ في هذا الكتاب وظائفَ شُهورِ العام وما يختصُّ بالشهورِ ومواسِمِها مِنَ الطاعاتِ، كالصَّلاةِ، والصِّيامِ، والذِّكْرِ، والشُّكْرِ، وبَذْلِ الطَّعامِ، وإفشاءِ السَّلامِ، وغيرِ ذلك مِن خِصالِ البَرَرَةِ الكِرامِ؛ ليكونَ ذلكَ
_________
(^١) في آ، ع: "أعتبته"، وفي ب: "أغيبته"، وما أثبته من (ط).
(^٢) هو عبد بن حميد، ابن نصر الكسي، ويقال: الكشي، ويقال: اسمه "عبد الحميد". حدّث عن عدد كبير من الأئمة، وحدّث عنه كثيرون، منهم: البخاري، ومسلم، والترمذي. مات سنة (٢٤٩) هـ؛ وهو ممن ذكره ابن حبان في الثقات. انظر سير أعلام النبلاء ١٢/ ٢٣٥ - ٢٣٨.
(^٣) سورة الفرقان الآية ٦٢. والخِلْفَةُ: كل شي بعد شيء؛ وكل واحد من الليل يخلف صاحبه.
(^٤) العَجْزُ: ترك ما يجب فعله بالتَّسويف، وهو عامٌّ في أمور الذنيا والدِّين. (النهاية). وقال ابن كثير في "التفسير" ٣/ ٣٢٤: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس في الآية، يقول: من فاته شيء من الليل أن يعمله أدركه بالنهار، أو من النهار أدركه بالليل، وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن. وقال مجاهد وقتادة: خلفة: أي مختلفين؛ أي هذا بسواده وهذا بضيائه.
(^٥) في ب، ط: "من".
(^٦) في ب: "من النهار"، وفي ط: "بالنهار".
(^٧) استعتب فلان، إذا طلب أن يعتَبَ، أي يُرضى. وفي الحديث: "ولا بعد الموتِ من مُسْتَعْتَب" أي ليس بعد الموت من استرضاء. وقال الزجاج: أراه يعني وقت استعتاب، أي وقت طلب عُتْبَى، كأنَّه أراد وقت استغفار. (اللسان).
(^٨) زيادة من (ع).
(^٩) زيادة من هامش نسخة (ع).
1 / 43