فيا أيها الناس؛ اتقوا الله حق تقاته فإن التقوى هي الشافعة المشفوعة، واحذروا من بطش الله فإن بطشته لشديدة موعودة، واتقوا النار ولو بشق تمرة موهوبة، واعلموا أن الله ما خلق النفوس والأرواح إلا لتعبده فتكون شاكرة مشكورة، ووهب لها من البقاء أياما معدودة، وهداها النجدين وعلمها السبيلين، فإما ناجية وإما مطرودة، ألا تعتبرون بسرعة انقلاب الليالي والأيام المعهودة! ألا تنظرون إلى فناء المخلوقات المنشورة! ألكم خلود في الدنيا، أم لكم أمان من عذاب النار المعهود، أم تغترون بسعة رحمة الله تعالى ولا تتفكرون في ما يمضي عليكم في القبر ويوم الحشر من الأهوال المكروهة! كيف بكم إذا جمع بكم أرض المحشر، وجاءكم ربكم مع عرشه الأكبر، فيحاسبكم على الأعمال المقبوحة، وتوضع لكم موازين القسط فلا تظلمون شيئا، وتعرض عليكم كتب أعمالكم ولا تنقصون منها شيئا، فتدهش كل نفس منقوسة، ولو جاءت بأاعمال سبعين نبيا لظنت أنها هالكة مخذولة، فطوبى لنفس نجت من شدائد ذلك اليوم، وكتبت من النفوس المرحومة والمغفورة.
صفحة ١٠٠