وإياكم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا الأرحام، فقد ورد عن سيد البشر صلى الله عليه وعلى آله ما دار القمر: (إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع الرحم مقيم)(1) . واعلموا أن الواصل ليس بالمكافئ، إنما الواصل من إذا قطع رحمه وصله وتشاغل بالإصلاح والترميم، وحاسبوا نفوسكم قبل أن تحاسبوا وأسيلوا الدموع في الخلوات حسرة على ما فات من الخيرات، وندامة على ما صدر من السيئات؛ لعل الله يرحمكم، ويظلكم يوم لا ظل إلا ظله تحت ظل عرشه العظيم.
و{ادعوا ربكم تضرعا وخفية}(1)، واستغفروه في كل وقت ولمحة؛ عسى أن يغفر الله ذنوبكم وينجيكم من العذاب الأليم.
وقولوا من القلب الصميم: اللهم يا رحمن، يا رحيم؛ إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، يا كريم.
والحمد لله العلي العظيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}(2).
الخطبة الأولى للجمعة الثالثة من جمادى الآخرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، خالق كل مكان ومكين، مدبر السماوات والأرضين، أحمده حمدا كثيرا كحمد الشاكرين، وأشكره شكرا كثيرا في كل حين، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له ولا نظير له ولا معين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
صفحة ٨٤