وإني أخوفك من يوم الساعة شديد الأهوال والمناقشة، يوم تشهد فيه عليك أعضاؤك، ويخاصم معك أصحابك، ويعارضك أقرانك الأقرب فالأقرب، ولا تظنن بعد ذلك اليوم، فقد انتشرت علامات الساعة في الآفاق، وقرب قيام القيامة واقترب، صار المغنم دولا والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وجفا أباه وشربت الخمور وانتشر سماع القيان مع المعارف واتخذ الناس جهالهم فقهاء، وقبض العلم بموت العلماء، واعتقدت البدعة سنة والسنة بدعة، ولعن الآواخر الأوائل، وكثرت الحوادث والوقائع والفتن والزلازل، وتحاب الناس بالألسن، وتباغضوا بالقلوب وارتفع الصدق وكثر الكذوب، فهل بقي شيء من علامات الساعة إلا الداهية العظمى ذات الدهشة والعطب؟ فعسى أن يفاجئك خروج الإمام المهدي ويتلوه الدجال الأعور الأكذب، ما هذه الغفله؟! وما هذه الجرأه؟! أأنت من البهائم! أم أنت نائم! هذا الأمر عجب، اسمع الكلام لا كما تسمع سائر الكلام، واصغ إليه سمعك بالقلب الشهيد؛ لعل الله ينفعك به ويجعلك يوم الأهوال في المسرة والطرب.
اللهم يا من هو حي لا يموت، قديم لا يفوت؛ نحن عبيدك وأنت مولانا عملنا سوء وظلمنا فارحمنا يوم القيامة، ونجنا من النار ذات اللهب.
والحمد لله الرب الكريم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه}(1).
صفحة ١٧٠