اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح
محقق
لجنة مختصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
سوريا
تصانيف
أنَّه ﷺ قال لخَدِيجة: "أَظُنُّ أنَّه عَرَضَ لي منهُ جُنونٌ"، انتهى.
قلتُ: وفيما قالَه سُوءُ تعبيرٍ مع إمكان رُجوعه إلى ما سبَق، وإنّما عَلم ﷺ أنَّ الجائي له جبريل لا الشَّيطان؛ لأن الله -تعالى- قد نصَب له دَليلًا على ما يُميِّز بينهما كما نصَب لنا دَليلًا على أنَّ الرَّسول صادقٌ لا كاذبٌ، وهو المُعجِزة.
قلتُ: قال الإِسْمَاعِيْلي: وخبَره لخديجة ومجيئُهما لوَرَقَة على صُورةِ الاستِثبات ليس للارتياب فيما حصَل له، بل لأنَّ الأُمور العظيمة الّتي يُراد انتِشار عِلْمِها يسبقُها مُقدِّماتٌ؛ لتَتمكَّن مِن قُلوب السَّامعين، فأَبدتْ خَديجة ما يعلمه الله تعالى من أَحواله الجَميلة الدَّالَّة على أنَّه لا يُصاب بضَيمٍ، وعرَّفت بذلك مَنْ له عِلْم بالشَّرائع وأَعلام النُّبوات، وقِراءة الكتُب مع وُفور عقْله وبَصيرته في الدِّين، وقَبول النَّاس ما يقُوله، وأيضًا فلحُصول التَّأْنيس له حيث ورَدَ عليه ما يُخالف عادتَه قبل النُّبوَّة، وما بلَغَ من نظْم القُرآن وتأْليفه وإعجازه وخُروجه عن حالِ كلام البشَر، انتهى مُلخَّصًا بالمعنى.
(كلا) معناها هنا النَّفْي والرَّدع عن هذه الخَشْية، وأنَّه مُنزَّهٌ عن ذلك.
(مَا يُخْزِيكَ)، الرِّواية: (ما يُخْزِيْكَ)، وفي نُسَخ الكِرْمَاني: (لا)، وهو وهمٌ، و(يُخزيك) بضم الياء، والخاء (١) المعجَمة، مِن
(١) "والخاء" ليس في الأصل.
1 / 52