الحادي عشر الحق وقوع الاشتراك، للنقل والتبادر، وعدم صحة السلب، بالنسبة إلى معنيين أو أكثر للفظ واحد. وان أحاله بعض، لاخلاله بالتفهم المقصود من الوضع لخفاء القرائن، لمنع الاخلال أولا، لامكان الاتكال على القرائن الواضحة، ومنع كونه مخلا بالحكمة ثانيا، لتعلق الغرض بالاجمال أحيانا، كما أن استعمال المشترك في القرآن ليس بمحال كما توهم، لاجل لزوم التطويل بلا طائل، مع الاتكال على القرائن والاجمال في المقال، لولا الاتكال عليها. وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى جل شأنه، كما لا يخفى، وذلك لعدم لزوم التطويل، فيما كان الاتكال على حال أو مقال أتي به لغرض آخر، ومنع كون الاجمال غير لائق بكلامه تعالى، مع كونه مما يتعلق به الغرض، وإلا لما وقع المشتبه في كلامه، وقد أخبر في كتابه الكريم (1)، بوقوعه فيه قال الله تعالى (فيه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات) (2).
وربما توهم وجوب وقوع الاشتراك في اللغات، لاجل عدم تناهي المعاني، وتناهي الألفاظ المركبات، فلا بد من الاشتراك فيها، وهو فاسد لوضوح (3) امتناع الاشتراك في هذه المعاني، لاستدعائه الأوضاع الغير المتناهية، ولو سلم لم يكد يجدي إلا في مقدار متناه، مضافا إلى تناهي المعاني الكلية، وجزئياتها وإن كانت غير متناهية، إلا أن وضع الألفاظ بإزاء كلياتها، يغنى عن وضع لفظ بإزائها، كما لا يخفى، مع أن المجاز باب واسع، فافهم.
صفحة ٣٥