العاشر أنه وقع الخلاف في أن ألفاظ العبادات، أسام لخصوص الصحيحة أو للأعم منها؟
وقبل الخوض في ذكر أدلة القولين، يذكر أمور:
منها: إنه لا شبهة في تأتي الخلاف، على القول بثبوت الحقيقة الشرعية، وفي جريانه على القول بالعدم إشكال.
وغاية ما يمكن أن يقال في تصويره: إن النزاع وقع - على هذا - في أن الأصل في هذه الألفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع، هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الأعم، بمعنى أن أيهما قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعاني اللغوية ابتداء، وقد استعمل في الآخر بتبعه ومناسبته، كي ينزل كلامه (1) عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغوية، وعدم قرينة أخرى معينة للآخر.
وأنت خبير بأنه لا يكاد يصح هذا، إلا إذا علم أن العلاقة إنما اعتبرت كذلك، وأن بناء الشارع في محاوراته، استقر عند عدم نصب قرينة أخرى على إرادته، بحيث كان هذا قرينة عليه، من غير حاجة إلى قرينة معينة أخرى، وأنى لهم بإثبات ذلك.
وقد انقدح بما ذكرنا تصوير النزاع - على ما نسب (2) إلى الباقلاني (3) -
صفحة ٢٣