وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وسلم.
أخبرنا شيخنا الحافظ المتقن العالم العامل زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشافعي، أدام الله توفيقه، بقرآءتي عليه، في مجلس واحد يوم الثلاثاء السابع من شهر رمضان المعظم سنة سبع وأربعين وست مئة، بالمدرسة الكاملية من القاهرة.
قال: أنا الشيخ الجليل بقية المشايخ أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد ابن مفرج الأرتاحي، إذنا، في شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وخمس مئة.
قال: أنا الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي، إجازة.
صفحة ١٧
قال: ثنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الأرموي، المعروف بابن الشويخ، الفقيه بمصر، في جامعها، قراءة منه علينا، في سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
قال: أنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن بن إسحاق بن جعفر البزاز الكسائي، بقراءتي عليه في المسجد الحرام، بين الحطيمين، في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قال: أنا أبو يعلى أحمد بن عبيد الله بن الحسن النحوي.
قال: أملى علينا أبو بكر بن الأنباري محمد بن القاسم بن بشار.
قال: ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.
قال: ثنا عبد الله بن عبد الخالق.
قال: ثنا يعقوب بن محمد الزهري.
صفحة ١٨
قال: ثنا (كذا) أبو زيد مولى آل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن زيد بن أسلم.
قال أبو بكر الأنباري: وثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.
قال: ثنا عبد الله بن موسى بن طاهر أو مطهر -شك إسماعيل بن إسحاق-، عن أبيه، عن يعقوب بن محمد الزهري، -يزيد أحدهما على الآخر الحرف والحرفين، ولا يخلان بالمعنى- قالا:
صفحة ١٩
نص الخطبة (¬1)
بلغ عائشة رضي الله عنها أن قوما ينالون من أبيها، رضي الله عنه. فأرسلت إلى أزفلة (¬2) من الناس، فلما حضروا أسدلت ستارها وعلت وسادها ثم قالت:
أبي وما أبيه! أبي والله لا تعطوه (¬3) الأيدي، ذاك طود (¬4) منيف (¬5) ، وظل مديد، هيهات بعدت الظنون. أنجح والله إذ أكديتم (¬6) ، وسبق إذ ونيتم (¬7) سبق الجواد إذا استوى على الأمد (¬8) .
صفحة ٢٠
فتى قريش ناشئا، وكهفها كهلا، يريش (¬1) مملقها (¬2) ، ويرأب (¬3) شعبها (¬4) ، ويلم (¬5) شعثها، ثم استشرى (¬6) في دينه، فما برحت (¬7) شكيمته (¬8) في ذات الله، حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيي فيه ما أمات المبطلون.
صفحة ٢١
كان والله غزير الدمعة، وقيذ (¬9) الجوانح (¬10) شجي (¬11) النشيج (¬12) ، فأقصفت (¬13) عليه نسوان أهل مكة وولدانهم يسخرون منه ويستهزئون به، {الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون}.
وأكبرت ذلك رجالات قريش، فحنت قسيها، وفوقت سهامها، وامتثلته (¬1) غرضا (¬2) . فما فلوا (¬3) له صفاة (¬4) ، ولا قصفوا له قناة. ومضى على سيسائه (¬5) .
حتى إذا ضرب الدين بجرانه (¬6) ، ورست (¬7) أطواده، ودخل الناس فيه أفواجا، ومن كل فرقة أرسالا وأشياعا، اختار الله لنبيه ما عنده.
صفحة ٢٢
فلما قبض الله نبيه، صلى الله عليه وسلم ، اضطرب حبل الدين، ومرج (¬1) عهده، وماج (¬2) أهله، وبغي الغوائل (¬3) ونصبت له الحبائل، وظنت رجال أن قد أكثب نهزها (¬4) ، ولات حين الذي يظنون (¬5) ، وأنى والصديق بين أظهرهم.
صفحة ٢٣
فقام حاسرا مشمرا، فرفع حاشيتيه، وجمع قطريه (¬6) ، ولم شعثه بطبه (¬7) ، وأقام أوده (¬8) بثقافه (¬9) ، حتى امذقر (¬1) النفاق بوطئه، وانتاش الدين (¬2) فنعشه (¬3) ، وأراح الحق على أهله (¬4) ، وقرر الرؤوس على كواهلها (¬5) ، وحقن الدماء في أهبها (¬6) .
صفحة ٢٤
فلما حضرته منيته سد ثلمته بنظيره في المعدلة وشقيقه في السيرة والمرحمة. ذاك ابن الخطاب. لله در أم حفلت له (¬7) ، ودرت عليه، لقد أوحدت به (¬8) . ففتح الكفرة (¬9) ودنخها (¬1) ، وشرد الشرك شذر مذر (¬2) . وبخع الأرض فنخعها (¬3) ، حتى قاءت أكلها (¬4) ، ولفظت خبيها. ترأمه (¬5) ويصد عنها، وتصدى (¬6) له ويأباها. ثم ظعن عنها على ذلك.
فأروني ما ترتابون، وأي يومي أبي تنقمون؟ أيوم مقامه إذ عدل فيكم، أم يوم ظعنه إذ نظر لكم؟
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
ثم أقبلت على الناس بوجهها فقالت: أنشدكم الله هل أنكرتم مما قلت شيئا؟ قالوا: اللهم لا.
صفحة ٢٥
تمت خطبة عائشة رضي الله عنها وتفسير غريبها ولغتها والحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
صفحة ٢٦