185

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

الناشر

دار صادر

مكان النشر

بيروت

وقته وَعنهُ الشَّيْخ سُلْطَان المزاحي وَالشَّمْس مُحَمَّد البابلي وَغَيرهمَا وَكَانَ لَهُ مهارة فِي عُلُوم الحَدِيث والعلوم النظرية وفقهه بتكلف وَاتفقَ للشَّيْخ سُلْطَان مَعَه أَنه حصل مَعَه يَوْمًا فِي صَلَاة الْجُمُعَة فِي مَسْجِد كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة إِمَامًا فِيهِ وَكَانَ من عَادَته أَن يُقيم وَلَده للخطبة وَيُصلي الْجُمُعَة هُوَ بِنَفسِهِ فَلَمَّا فرغ وَلَده من الْخطْبَة تقدم للصَّلَاة على عَادَته فَأمْسك بِيَدِهِ الشَّيْخ سُلْطَان وَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي تفيدوا أَن من شَرط إِمَام الْجُمُعَة أَن يكون خَطِيبًا أَو سمع الْخطْبَة وَكَانَ المترجم عرض لَهُ ثقل فِي سَمعه فَقدم وَلَده حِينَئِذٍ للصَّلَاة بدله انْتهى وَكَانَت وَفَاته فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف عَن ثَلَاث وَتِسْعين سنة وَدفن بفسقية أحدثها بجوار الإيوان الصَّغِير الغربي من الْمدرسَة الْمَذْكُورَة ذكر ذَلِك مَدين القوصوني
أَحْمد بن خَلِيل الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بالسلموني الأديب الشَّاعِر ذكره بعض فضلاء مصر فِي جمعيته وَقَالَ فِي وَصفه جَامع أشتات الْمَعَالِي وحسنة الْأَيَّام والليالي عَلامَة الزَّمَان ووحيد الأقران والمشار إِلَيْهِ بالبنان فِي الْبَيَان زين الأكابر والأماثل وَرَأس الْأَعْيَان والأفاضل ومقصد الملتمس والسائل ومحط رَحل أمل الآمل حسن الْأَخْلَاق حَلِيم النَّفس يلتذ بِالْعَفو عَن الزلة كَمَا يلتذ الأحمق بالعقاب عَلَيْهَا مشكور السِّيرَة صافي السريرة لَهُ مهارة جَيِّدَة فِي فنون مُتعَدِّدَة وأشعاره أنيقة حَسَنَة السبك رقيقَة مِنْهَا قَوْله من قصيدة يمدح بهَا بعض الْقُضَاة ومطلعها
(مَاذَا الَّذِي وسق الأحشاء بالنصل ... وَلم يدع موضعا فِيهَا لمنتصل)
(أذاك زرق عَوَالٍ من كماة وغى ... أم ذَاك رشق نبال من بني ثعل)
(أم هِيَ عُيُون بأوتار الجفون رمت ... سِهَام ألحاظها قيس الحواجب لي)
(أم هِيَ سيوف لحاظ فِي الحشا فعلت ... فعال سيف أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ)
(أم هِيَ خناجر طعن فِي الْحَنَاجِر من ... رنا محاجر تِلْكَ الْأَعْين النجل)
(أم هِيَ رماح قدود لَا يعادلها ... فِي القدّ سمر القنا العسالة الذبل)
(بيض الْوُجُوه لَهَا الْبيض الصفاح طلا ... سود الْعُيُون لَهَا السمر الرماح حلي)
(مَالِي وعشق ملاح من محاسنها ... تبدي أحد سلَاح مرهف صقل)
(واحيرتي الأغراء والغرام بذا ... الْجمال أجنح للوام والعذل)
(أصبو لذاك وَلَا أصغي لذين وَلَا ... أسلو حلاوة مص الرِّيق والقبل)
(لكنني فِي الْهوى أَصبَحت ذَا ولهٍ ... وَمِنْه أمسيت شبه الذاهل الوهل)

1 / 186