ولولا ما اعتللت به من اعتراض الرافضة، واحتجاج القوم علينا بمذهب معمر، وأبي كلدة، وعبد الحميد، وثمامة، وكل من زعم أن أفعال الطبيعة مخلوقة على المجاز دون الحقيقة، وأن متكلمي الحشوية والنابتة قد صار لهم بمناظرة أصحابنا، وبقراءة كتبنا بعض الفطنة لما كتبت لك، رغبة بك عن أقدارهم، وضنا بالحكمة عن إعثارهم، وإنما يكتب على الخصوم والأكفاء، وللأولياء على الأعداء، ولمن يرى للنظر حقا، وللعلم قدرا، وله في الإنصاف مذهب، وإلى المعرفة سبب.
وزعمت أنك لم تر في كتب أصحابنا إلا كتابا لا تفهمه، أو كتابا وجدت الحجة على واضع الكتاب فيه أثبت.
وقلت: وإياك أن تتكل على مقدار ما عندهم، دون أن تعتصر قوى باطلهم، وتوفيهم جميع حقوقهم، وإذا تقلدت الإخبار عن خصمك فحطه كحياطتك لنفسك، فإن ذلك أبلغ في التعليم، وآيس للخصوم.
صفحة ٢٨٨