الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري

أحمد بن إسماعيل الكوراني ت. 893 هجري
44

الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري

محقق

الشيخ أحمد عزو عناية

الناشر

دار إحياء التراث العربي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لاَ قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا ــ روم بن عيص بن إسحاق (دعا بتُرجمانه) - بضم التاء وفتحه، والثاني أفصح - وهو الذي يفسر لسانًا بآخر، من الرجم، لأنه إلقاء المعنى في لفظ آخر، والباء زائدة، وقيل: لفظ عَجَمي، وقيل: الباء أصلية (فاجعلوه عند ظهره) لأنه إذا كان مواجهًا يُسْتَحى من تكذيبه (فإن كَذَبَني فكَذِّبوه) - الأول مخفف، والثاني مثقل - أي: انسبوه إلى الكذب (لولا الحياء من أن يؤثروا علي الكذب) أي: يقولوه علي، من أثرت الحديثَ نقلته (وكان أولُ ما سألني) بالرفع اسم كان، وخبره: أن قال، ويجوزُ العكس (قطُّ) ظرف الزمان الماضي على وجه الاستغراق، وفيه ستُ لغاتٍ أفصحُها: فتح القاف وضم الطاء مشددًا، ومجيئه في الإثبات قليلٌ (هل كان من آبائه من مَلِكٍ) بمِن الجارة وكسر اللام، ورُوي بفتح الميم على أنها مِن الموصوفةُ، وملك: فعل ماض صفته، وفي رواية مسلم: "مَلِكٌ" بدون مِن، فتعَيّن اْن يكون اسمًا (هل يرتدُّ أحدٌ سُخْطةً لدينه) فعلَةٌ من السخط وهو عدم الرضا، ويُروى: سُخْطًا - بضم السين -. فإن قلتَ: قد ارتدّ في زمانه أناسٌ كالعرنيين، وكاتب الوحي؟ قلتُ: لم يرتدوا سُخْطة للدين، بل لأمور أخرى. (يَغْدِر) - بكسر الدال - من الغدر وهو عدم الوفاء بالعهد (لم تمكني كلمة) بالتاء

1 / 50