الطبقة الأولى
في ذكر من وقعت وفاته من المتعينين من افتتاح سنة إحدى وتسعمائة إلى ختام سنة ثلاث وثلاثين:
المحمدون
ا - محمد بن عوجان: محمد بن محمد بن أبي بكر بن علي، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام ملك العلماء الأعلام، كمال الدين أبو المعالي ابن الأمير ناصر الدين بن أبي شريف المقدسي، المصري، الشافعي، سبط قاضي القضاة، شهاب الدين أحمد العمري، المالكي الشهير بابن عوجان. ولد ليلة السبت خامس في الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بالقدس الشريف، ونشأ في عفة، وصيانة، وديانة، ورزانة، وحفظ القرآن العظيم، والشاطبية، والمنهاج للنووي، وعرضهما على شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، وقاضي القضاة محب الدين بن نصر الله الحنبلي، وشيخ الإسلام سعد الدين الديري، وشيخ الإسلام عز الدين المقدسي في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ثم حفظ ألفية ابن عالك، وألفية الحديث، وقرأ القرآن بالروايات على الشيخ أبي القاسم النويري، وسمع عليه، وقرأ في العربية والأصول والمنطق والعروض واصطلاح أهل الحديث، وأذن له بالتدريس فيها في سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وتفقه على الشيخ العلامة زين الدين ماهر، والشيخ عماد الدين بن شرف، وحضر عند الشيخ شهاب الدين بن أرسلان، والشيخ عز الدين القدسي، ورحل إلى القاهرة سنة أربع وأربعين، وأخذ من علمائها منهم ابن حجر، وكتب له إجازة وصفه فيها بالفاضل
1 / 9
البارع الأوحد، وقاضي القضاة الشمس القاياتي، والعر البغدادي وغيرهم، وسمع الحديث على ابن حجر، والشيخ زين الدين الزركشي الحنبلي، والعز بن الفرات الحنفي وغيرهم، وتردد إلى القاهرة مرات، وحج بها صحبة القاضي عبد الباسط رئيس المملكة سنة ثلاث وخمسين، وسمع الحديث بالمدينة المنورة على المحب الطبري وغيره، وبمكة على أبي الفتح المراغي وغيره، ودرس وأفتى وأشير إليه في حاية شيخه ماهر، وكان يرشد الطلبة للقراءة عليه حتى ترك هو الإقراء، وفي سنة إحدى وثمانين توجه إلى القاهرة واستوطنها، وتردد الطلبة والفضلاء، وانتفعوا به، وعظمت هيبته، وارتفعت كلمته، ثم عاد إلى بيت المقدس بعد أن ولاه السلطان قايتباي الأشرف مدرسته المحدثة بها في سنة تسعين وثمانمائة، وفي شهر شوال سنة تسعمائة ورد إليه مرسوم شريف أن يكون متكلمًا على الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف، وكان قد تولى مشيختها قبل ذلك مدة، ثم أضيف إليه التكلم على المدرسة الجوهرية وغيرها لما هو معلوم من ديانته وورعه، وقد استوفى ترجمته وأحواله تلميذه صاحب الأنس الجليل فيه.
ومن تصانيفه: " الإسعاد بشرح الإرشاد " لابن المقري، و" الدرر اللوامع بتحرير شرح جمع الجوامع، في الأصول، و" الفرائد في حل شرح العقائد "، و" المسامرة بشرح المسايرة "، وقطعة على تفسير البيضاوي، وقطعة على المنهاج، وقطعة على صفوة الزبد لشيخه ابن أرسلان وغير ذلك، ومن إنشاده في بيت المقدس بعد غيبته عنه مدة طويلة ما ذكر في الأنس الجليل أنه سمع منه بدرب القدس الشريف حين عوده في غرة شهر ذي القعدة سنة تسعمائة. قال لي بروايتهما:
أحيي بقاع القدس ما هبت الصبا ... فتلك رباع الأنس في زمن الصبا
وما زلت من شوقي إليها مواصلًا ... سلامي على تلك المعاهد والربى
واشتهر من شعره في المواضع التي تباح فيها الغيبة:
القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعزف ومحذر
ولمظهر فسقًا ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر
ابن الحنبلي الحلبي في تاريخه عن شيخه العلامة شمس الدين الضيروطي المصري أنه توجه مع الشيخ نور الدين المحلي إلى الشيخ محمد الجلجولي المعروف بأبي العون
1 / 10
" المغربي "، وأخفى الشيخ نور الدين عن الشيخ أبي العون أنه من أهل العلم، فقال له الشيخ أبو العون كلامًا معناه أنه لا ينبغي لمن آتاه الله تعالى شيئًا من فضله أن يخفيه عن الناس، ثم إنه فرش له بساطًا كان في يده وأجلسه عليه قال وسأله الشيخ نور الدين عن الكمال بن أبي شريف الموافق له في الأخذ عن ابن أرسلان، فقال الشيخ أبو العون: قد رأينا مكتوبًا على ساق العرش محمد بن أبي شريف من المحبين لأولياء الله تعالى. وكانت وفاته كما قال النعيمي في عنوانه: في يوم الخميس خامس عشري جمادى الأولى سنة ست وتسعمائة. عن أخويه شيخ الإسلام البرهان، وكان حينئذ بمصر، والعلامة جلال الدين، وكان عنده بالقدس عن دنيا طائلة - رحمه الله تعالى -.
٢ - محمد المحرقي: محمد بن محمد الشيخ الفاضل ولي الدين ابن الشيخ العالم محب الدين المحرقي المباشر بالبيمارستان المنصوري بالقاهرة. توفي بها يوم الخميس ختام ربيع الأول سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة.
٣ - محمد القرافي: محمد بن محمد، الشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة بدر الدين ابن الشيخ العلامة شمس الدين القرافي المالكي، خليفة الحكم بالديار المصرية. توفي بها يوم الثلاثاء ثالث عشر القعدة سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن بالصحراء بالقاهرة، وكانت جنازته حافلة.
٤ - محمد القيراطي: محمد بن محمد بن إسماعيل، الشيخ الإمام، العلامة الصالح شمس الدين الشهير بالقيراطي، الدمشقي. ولد في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. قال الحمصي: وكان فاضلًا مفننًا، حفظ المنهاج للنووي، والتصحيح الكبير عليه للشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون. وتوفي ليلة الثلاثاء ثاني عشر رمضان سنة أربع عشرة وتسعمائة.
٥ - محمد التيزيني: محمد بن محمد بن أبي بكر، الشيخ العلامة، المؤقت شمس الدين التيزيني، الدمشقي. الحنفي. ولد في رجب سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، وكان عنده عقل وتؤدة، وحسن تصرف، وكان رئيس المؤقتين بالجامع الأموي. توفي يوم السبت ثالث صفر سنة إحدى عشرة وتسعمائة.
1 / 11
٦ - محمد الفرفوري: محمد بن محمد بن عبد الله، قاضي القضاة بدر الدين بن الفرفور الدمشقي. الحنفي، اشتغل يسيرًا في الفقه على البرهان بن عون، ثم ولي كتابة السر عوضًا عن أمين الدين الحسباني، ثم استنزل له عمه قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور قاضي القضاة محب الدين الغصيف عن نظر القصاعية وتدريسها، وأسمعه الحديث على جماعة من الدمشقيين، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية بالشام مرارًا. عزل من آخرها في شوال سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وتوفي بعد سنة ست وعشرين وتسعمائة لأن ابن طولون ذكر أن عمه الولوي بن الفرفور بعثه في صفر إلى صيدا هو والجلال البصروي في خزينة.
٧ - محمد بن هشام: محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله، الشيخ العلامة محب الدين الشهير بابن هشام، النحوي، المصري نزيل دمشق. ولد في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتفقه بالعلامة قاسم بن قطلوبغا، والعلامة تقي الدين الشمني وغيرهما، وأخذ النحو عنهما أيضًا، والحديث عن ابن حجر وغيره، وكان علامة. وتوفي يوم السبت رابع القعدة سنة سبع وتسعمائة، ودفن في جوار المزار المعروف بسيدي بلال رضي الله تعالى عنه بمقبرة باب الصغير.
٨ - محمد بن عطية الإسكندري: محمد بن محمد بن علي بن صالح بن عثمان ابن أبي الفتح بن عمر بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عبد الله بن عطية بن عبد الصمد بن علي بن عبد المعطي بن أحمد بن يحيى بن موسى بن حمزة بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن محمود بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، الشيخ الإمام العارف بالله، الفقيه اللغوي، المحدث المسند، المعمر، المرشد، المسلك المربي، القدوة أبو الفتح شمس الدين السكندري المولد، الآفاقي المنشأ، العاتكي المزي الشافعي المذهب، العوفي النسب، الصوفي المشرب. قيل: ولد في الإسكندرية في أول شهر المحرم سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وقرأت بخطه أنه ولد عاشر المحرم سنة عشرة وثمانمائة، ولما حملت والدته دخل والده الشيخ بدر الدين العوفي على
1 / 12
الشيخ الإمام العارف بالله تعالى الشيخ عبد الرحمن الشبريسي وسأله لها الدعاء، فقال له: إن زوجتك آمنة معها ولدان أحدهما يموت بعد سبعة أيام والآخر يعيش زمانًا طويلًا، وسمه بأبي الفتح، وسيكون له فتح من الله تعالى، وتوكل على الله وسير إلى الله. يعيش سعيدًا، ويموت شهيدًا. يخرج من الدنيا كيوم ولدته أمه يضع قممه على جبل قاف المحيط يسوح زمانًا، وينال من الله أمانًا، فاستوص به خيرًا، واصبر عليه، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا، فلما وضعته أمه كان الأمر كما قال الشيخ عبد الرحمن، فصنع والده وليمة بعد تمام أربعين يوما من ولادته، ودعا الشيخ عبد الرحمن وجماعة من الفقراء والصالدين وأضافهم، فلما رفعوا السماط حمله أبوه ووضعه بين أيديهم، فأخفه الشيخ عبد الرحمن الشبريسي وحنكه بتمرة، ثم مضغها وعصرها في فيه، ثم طلب شيئًا من العسل فأحضر له، فلعق الشيخ عبد الرحمن ثلاث لعقات، ثم ألعق المولود ثلاثا، ثم وضعه بي يدي الفقراء، وأمرهم فلعقوا منه، ثم قرأ الفاتحة سبع مرات، ثم قال لوالد الشيخ أبي الفتح: ادفع هذا لأمه لا يشاركها فيه أحد ولا تخش على الولد المبارك، فوالله إني لأرى روحه تجول حول العرش، ثم خرج من ساعته، وكان والد الشيخ أبي الفتح يقول حكايات الإشبريس.
نقلت هذه الحكاية ملخصًا من خط الشيخ أبي الفتح في كتابه المسمى بالحجة الراجحة. قال: ثم إني رأيته - يعني الشيخ عبد الرحمن - بعد مدة، فلما أقبلت عليه قبل بين عيني، ونظر بعين لطفه إلي، ثم لقنني الذكر وأخذ علي العهد، ثم قال: عش في أمان الله، مؤيدًا بالله، هائمًا بالله، فانيًا عما سواه، باقيًا به. أنت إمام زمانك، وفريد أوانك، مقدمًا على أقرانك، مباركًا على إخوانك، رعاك الله حفظك الله آواك الله " فرحين بما آتاهم من فضله " " سورة آل عمران: الآية ١٧ " الآية. قال: ثم ألبسني الخرقة الشريفة، ثم قال: أيامنا انقضت، وساعاتنا انقرضت، قال: فلما تم لي سبع سنين لبستها من يد الشيخ الإمام الورع الزاهد الناسك العابد العارف أبي الحسن
علي الدمنهوري الصوفي، ومن يد الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الأتكاوي يوم عاشر المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة بلباسهما من الشبريسي، ثم نشأ الشيخ أبو الفتح، وطلب العلم والحديث، وتفقه بجماعة أولهم جده لأبيه القاضي نور الدين أبو الحسن علي، وهو أخذ الفقه والحديث عن جماعة منهم الحافظ علاء الدين علي بن إبراهيم بن داود بن سليمان بن سالم بن سلامة العطار، وتفقه ابن العطار بالشيخ الإمام الحافظ الفقيه أبي زكريا
1 / 13
يحيى بن شرف الدين النووي، وسمع الحديث على ابن حجر، والتقي الرسام، وعائشة بنت عبد الهادي، ومريم بنت أحمد بن محمد الأذرعي، والعز أبي محمد بن الفرات الحنفي وغيرهم. وقرأ على الحافظ شمس الدين أبي الخير المقدسي الحموي بمنزله بجامع القاف صحيحي البخاري ومسلم، وعوارف المعارف للسهروردي، وكتاب ارتقاء الرتبة في اللباس والصحبة، للقطب القسطلاني، والسيرة لابن هشام، وسنن ابن ماجة، وجامع الترمذي، ومسند الرافعي، ومجالس من مسند ابن حيان، ومن الموطأ، وسنن أبي داود وغير ذلك. وأجازه بجميع ما يجوز له روايته، وألبسه خرقة التصوف أيضًا، فلبسها منه وممن تقدم، ومن أبي العباس أحمد بن محمد بن الحسن الترابي، ومن أبيه القاضي بدر الدين الصوفي، ومن جده، ومن خاله أبي العباس أحمد بن القاسم بن موسى بن خلف بن محمد بن أحمد بن خلف الله ابن الشيخ الإمام العارف محرز بن خلف الله التونسي، ومن الحافظ ابن ناصر الدين، وابن الجزري، والشيخ عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود الحنبلي الصالحي، والشيخ أبي الفتح محمد ابن الشيخ أحمد بن أبي بكر القوي، والشيخ أبي بكر محمد بن محمد بن علي الخافي، ومن الشيخ شهاب الدين بن أرسلان ومن غيرهم، وممن أخذ عن الشيخ أبي فتح المزي رضي الله تعالى عنه شيخ الإسلام الجد، واستجازه لشيخ الإسلام الوالد، وأحضره إليه وهو عون السنتين، فلقنه الذكر، وألبسه الخرقة، وأجازه بكل ما يجوز له وعنه روايته، والشيخ العلامة أبو المفاخر المحيوي النعيمي، وتلميذه الشيخ شمس الدين بن طولون، والشيخ شمس الدين الوفائي الواعظ وغيرهم. وألف كتابًا حافلًا في اللغة وقفت عليه بخطه، وله كتاب آخر سماه " بالحجة الراجحة في سلوك المحجة الواضحة " وقفت عليه بخطه أيضًا، كتاب آخر في آداب اللباس والصحبة وغير ذلك، ومن شعره ما كتبه في ختام الجزء الأول من كتاب الحجة الراجحة:
يا ناظرًا منعمًا فيما جمعت وقد ... أضحى يردد في أثنائه النظرا
سألتك الله إن عاينت من خطإ ... فاستر علي، فخير الناس من سترا
وقال أيضًا رضي الله تعالى عنه:
لم أنسى مذ قالوا فلان لقد ... أضحى كبير النفس ما أجهله
فقلت: لا أصل لهذا وقال ... الناس: لم يكبر سوى المزبله
وقال أيضًا رضي الله تعالى عنه:
من كان حقا مع الرحمن كان معه ... نعم ومن ضر فيه نفسه نفعه
1 / 14
ومن تذلل للمولى، فيرفعه ... ومن تفرق فيه شمله جمعه
وقال أيضًا رضي الله تعالى عنه:
يربى الخليل على ما كان صاحبه ... يعتاده وعلى ما كان فيه ربي
وفي الحقيقة يعتاد الصغير بما ... قد كان ينظر من أم له وأب
والعبد يربى بما رباه سيده ... من كثرة الخير أو من قلة الأدب
ومن تراه بضرب الدف ملتهبًا ... يميل سامعه للرقص والطرب
كذا لسانك من نطق يفوه بما ... عودته منك من صدق ومن كذب
والشيخ إن كان ذا جهل فتتبعه ... فيه تلاميذه جهلًا بلا عجب
وطالب الخير غير الخير ليس يرى ... وطالب الشر غير الشر لم يصب
ومن مشى في طريق كان متهمًا ... ما زال متهمًا بالعيب والريب
ومن أسر لشيء كان يفعله ... فسوف في وجهه يبدو لمرتقب
ومن يماش فتى بالقبح متصفًا ... فسوف يرمى به في الحكم والسبب
ومن له طمع يزداد فيه فلم ... يمل من كثرة الإلحاح في الطلب
ومن له سوء خلق وابتليت به ... ففي مداراته ما زلت في تعب
ومن يمل عن طريق الحق منحرفًا ... كالكلب ما زال يلفى أعوج الذنب
ومن له حسن وجه لا حياء به ... فذاك برق بلا غيث ولا سحب
ومن له يا فتى علم بلا عمل ... فذاك نخل بلا طلع ولا رطب
ومن له في اللقا قول وليس له ... فعل، فذاك حكى كرمًا بلا عنب
أخبرت عن شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - أنه كان يحكي عن شيخه الشيخ أبي الفتح المزي أنه ذكر عن بعض شيوخه بدمشق أنه قال له يومًا: تعال إلي عند صلاة العشاء، فجاء إليه، فصلى معه العشاء، ثم خرج الشيخ المذكور، وخرج معه الشيخ أبو الفتح حتى كانا بالربوة، ثم خرج به من المكان المعروف بالمنشار، وتعلقا بسفح قاسيون، فلما أشرفا على الجبل قال الشيخ للشيخ أبي الفتح: انظر إلى هذه المشاعل وعدها واحفظ عددها، ثم سار به على السفح حتى وصلا إلى مقام السيد إبراهيم الخليل ﵊ المعروف بقرية برزة، فلما كان هناك قال الشيخ للشيخ أبي الفتح: كم عددت مشعلًا؟ قال: ثمانمائة، قال:
1 / 15
تلك أرواح الأنبياء المدفونين بهذا السفح المبارك عليهم الصلاة والسلام، قال: وذاك مصداق ما يقال إن بين أرض أرزة، وأرض برزة قبور ثمانمائة نبي.
وكانت وفاة الشيخ أبي الفتح - رضي الله تعالى عنه - ليلة الأحد ثامن عشر ذي الحجة سنة ست وتسعمائة بمحلة قصر الجنيد قرب الشويكة، ودفن في الجانب الغربي في الأرض التي جعلت مقبرة، وأضيفت لمقبرة الحمرية - رحمه الله تعالى -.
٩ - محمد الحصكفي: محمد بن محمد بن علي، الشيخ الإمام العلامة شمس الدين بن أبي اللطف الحصكفي، ثم المقدسي، سبط العلامة شيخ الإسلام تقي الدين القرقشندي. توفي والده شيخ الإسلام أبو اللطف، وهو حمل في عاشر جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وثمانمائة، فنشأ بعده، واشتغل بالعلم الشريف على علماء بيت المقدس إذ ذاك منهم شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، ثم رحل إلى الديار المصرية، وأخذ عن علمائها منهم الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الجوجري، وسمع الحديث وقرأه على جماعة، وأذن له بالإفتاء والتدريس، وصار من أعيان العلماء الأخيار الموصوفين بالعلم والدين والتواضع، وكان عنده تودد إلى الناس، ولين جانب وسخاء نفس، وإكرام لمن يرد إليه، وأجمع الناس على محبته، وكانت وفاته رحمه الله تعالى ليلة السبت ثالث عشر القعدة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه بجامع دمشق غائبًا يوم الجمعة سادس عشري شهر القعدة المذكور - رحمه الله تعالى -.
١٠ - محمد الدوسي: محمد بن محمد بن عمر، الشيخ العالم، ولي الدين ابن القاضي شمس الدين، الدوسي، الصالحي، الحنبلي. توفي بصالحية دمشق يوم السبت تاسع عشر في الحجة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. ودفن بها.
١١ - محمد بن غازي: محمد بن محمد بن غازي القاضي كمال الدين ابن الشيخ العلامة القاضي محيي الدين بن غازي الشافعي، ولي قضاء بعلبك والبقاع من أعمال دمشق مرارًا، وتوفي بدمشق يوم الأحد سابع عشري الحجة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير - رحمه الله تعالى -.
1 / 16
١٢ - محمد البردعي: محمد بن محمد بن محمد، العالم الفاضل، محيي الدين البردعي، الحنفي، أحد موالي الروم. كان من أولاد العلماء، واشتغل على والده، ثم دخل شيراز وهراة، وقرأ على علمائها، وحصل علمًا كثيرًا، ثم ارتحل إلى بلاد الروم، وصار مدرسًا بمدرسة أحمد باشا بمدينة بروسا، ثم تنقلت به الأحول حتى صار مدرسًا بإحدى المدرستين المتلاصقتين بأدرنة، وتوفي وهو مدرس بها، وله حواشي على تفسير البيضاوي، وحواشي على حاشية شرح التجريد للسيد الشريف، وحواشي على التلويح، وشرح على آداب البحث للعضد، وكان له حط وافر من العلوم، ومعرفة تامة بالعربية والتفسير والأصول والفروع، وكان حسن الأخلاق، لطيف الذات، متواضعًا متخشعًا، وكان له وجاهة ولطف، وكان يكتب الخط الحسن مع سرعة الكتابة. توفي في سنة سبع وعشرين وتسعمائة بأدرنة - رحمه الله تعالى -.
١٣ - محمد الخطيب: محمد بن محمد بن أحمد بن علي، الشيخ العالم، العلامة شمس المصري، الحنفي، الشهير بالخطيب. ولد ثاني عشر القعدة أو شوال سنة خمسين وثمانمائة، وتفقه بقاسم بن قطلوبغا وغيره. وتوفي بعقبة أيلة في المحرم سنة تسع عشرة وتسعمائة.
١٤ - محمد بن منعة: محمد بن محمد بن يوسف، الشيخ العلامة قاضي القضاة أبو الفضل نور الدين الخزرجي، الدمشقي. الصالحي، المعروف بابن منعة. ولد بصالحية دمشق رابع شعبان سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم، وحفظ درر البحار للقونوي، ثم المنار للنسفي، وسمع بعض مسانيد أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - على قاضي القضاة حميد الدين، وتصحيح القدوري على الشيخ قاسم بن قطلوبغا، وتفقه بالشيخ عيسى الفلوجي، وولي تدريس الجمالية، وكانت سكنه، وبها كان ميلاده، والجوهرية، والشبلية
1 / 17
الجوانية، والمرشدية. وأفتى ودرس وناب في الحكم زمانًا، وكانت سيرته فيه حسنة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان عنده أمانة وصبر، وحصل كتبًا كثيرة، وانفرد في آخرة عمره بالرجوع إليه في مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - بدمشق، ثم ولي في آخر عمره قضاء القضاة الحنفية بعد أن كره عليه، واعتقل بقلعة دمشق، ثم أطلق وولي القضاء في أول، سنة إحدى وتسعمائة. ثم كانت وفاته بقرية الفيجة مطعونًا في مستهل الحجة سنة أربع وتسعمائة، وأتي به إلى الصالحية، وصلي عليه بها، ودفن بتربة " الناظرة " المعظمية بسفح قاسيون رحمه الله تعالى.
١٥ - محمد بن قدامة: محمد بن محمد، " العلامة " قاضي القضاة بهاء الدين بن قدامة المقدسي الصالحي، ثم المصري الحنبلي. ولد في ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة. النعيمي: كذا أخبرني به، وأنه وجد ذلك بخط جده لأمه قاضي الحنابلة الشهير بابن الحبال انتهى.
واشتغل في العلم، ودرس وأفتى، ثم ولي قضاء الحنابلة بالشام، ولم تحمد سيرته. لكن كان عنده حشمة، وتوفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر سنة عشر وتسعمائة، وصلي عليه بجامع الحنابلة بالسفح القاسيوني، ودفن به في الروضة - رحمه الله تعالى -.
١٦ - محمد النحريري: محمد بن محمد، الشيخ العلامة أقضى القضاة ولي الدين بن الشيخ العلامة فتح الدين النحريري، المصري، المالكي. توفي سابع ربيع الأول سنة تسع وتسعمائة بتقديم التاء بالقاهرة، ودفن بالصحراء.
١٧ - محمد المعري: محمد بن محمد الشيخ شمس الدين العزي بالعين المهملة، الدمشقي الشافعي. ولد ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. قال النعيمي: رافقني على جماعة من العلماء والمحدثين، وشاهد ببابي مدة، ثم توجع وانعزل عن الناس، ثم توفي نهار الجمعة سلخ القعدة سنة خمس عشرة وتسعمائة.
١٨ - محمد الجوجري: محمد بن محمد الشاب العالم الفاضل، المفنن البارع أمين الدين ابن شيخ الإسلام شمس الدين الجوجري المصري، الشافعي، شارح
1 / 18
الإرشاد. والده توفي بالقاهرة مستهل صفر سنة اثنتي عشر وتسعمائة.
١٩ - محمد العنبري: محمد بن محمد الخواجا سري الدين العاتكي، الشهير بابن العنبري. كان يحب أهل العلم والحديث، وعنده عدة كتب في الفقه للمطالعة، وكان يلازم درس الشمس بن طولون وغيره. توفي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وهو والد الخواجا عبد القادر بن العنبري.
٢٠ - محمد الياسوفي: محمد بن محمد، الشيخ العالم، المفتي المدرس بدر الدين الشهير بابن الياسوفي الدمشقي. الشافعي، ولد سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسافر إلى القاهرة مرارًا آخرها مطلوبًا مع جماعة مباشري الجامع الأموي في جمادىالآخرة سنة ست عشرة وتسعمائة، فحصل له قبل دخول القاهرة توعك، واستمر إلى رابع يوم من وصوله إليها، فتوفي يوم الاثنين تاسع رجب، وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة ثالث شعبان المكرم.
٢١ - محمد بن بري: محمد بن محمد بن بري، العبد الصالح، شمس الدين بن بري الدمشقي. كان من أهل الخيرات. مات في سنة ست عشرة وتسعمائة، وأوصى ولده الشهابي أحمد بعمارة جامع مسلوت بحارة زقاق البركة بعد أن آل إلى الخراب، وكان قد تدارك جداره القبلي رجل من أهل الخير أيضًا يقال له: الخواجا شهاب الدين بن سليمان، فأتم المذكور عمارته، وصار أعجوبة.
٢٢ - محمد الحصني: محمد بن محمد، الشيخ العلامة شمس الدين ابن الشيخ محب الدين الحسني، الحصني الدمشقي. الشافعي. توفي في دمشق يوم الأربعاء ثامن عشري شوال سنة إحدى وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
٢٣ - محمد البازلي: محمد بن محمد بن عاود، الشيخ الإمام، العالم العلامة كمال الدين ابن الشيخ الإمام العلامة شمس الدين البازلي الكردي الأصل، الحموي، الشافعي. قال الحمصي: باشر نيابة القضاء بدمشق، ومشيخة المدرسة الشامية، وكان عالمًا من أهل الفضل مفننًا. توفي بدمشق يوم السبت تاسع عشري شوال سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وكان والده إذا ذاك حيا.
1 / 19
٢٤ - محمد الفناري: محمد بن محمد، العالم الفاضل، المولى زين الدين. وقيل: زين العابدين الفناري الرومي الحنفي أول قضاة القضاة بدمشق من الدولة العثمانية. قرأ على علماء عصره منهم الفاضل ابن " عمه " المولى علاء الدين الفناري، ثم وصل إلى خدمة المولى العالم ابن المعرف معلم السلطان أبي يزيد بن عثمان، ثم تنقلت به الأحوال حتى صار قاضيًا بدمشق، ثم بحلب قال في الشقائق النعمانية: كان عالمًا فاضلًا ذكيًا صاحب طبع وقاد، وذهن نقاد، وكان قوي الجنان، طلق اللسان، صاحب مروءة وفتوة، محبًا للفقراء والمساكين. يبرهم ويرعى جانبهم، وكان في قضائه مرضي السيرة محمود الطريقة. انتهى.
وذكر الشيخ شمس الدين بن طولون أن سيرته بدمشق كانت أحسن منها بحلب. قلت: حتى قال فيه شيخ الإسلام الجد رحمه الله تعالى حين كان قاضيًا بالشام:
أحب السادة الأروام لما ... أقاموا الشرع واتخذوه دينا
وإن تسأل عن العباد منهم ... فقاضي الشام زين العابدينا
وذكر ابن الحنبلي وابن طولون في تاريخهما هفوة صدرت منه حين كان قاضيًا بحلب، وهي أن البدر بن السيوفي مفتي حلب وعالمها عقد بعض الأنكحة في أيام توليته بها، ولم يستأذن منه بناء على ما كان يعهده في دولة الجراكسة من عدم توقف عقود الأنكحة على أذن القضاة إذ لا يفتقر إلى إذنهم شرعًا، ولأنهم كانوا لا يأخذون عليها رسمًا، فلما بلغ صاحب الترجمة أمر الشيخ بدر الدين السيوفي أن يستأذنه إذا أراد أن يعقد نكاحًا لأحد ليأخذ ما عليه من الرسم، فلم يبال الشيخ بذلك، وعقد لواحد نكاحًا من غير استئذان، فبعث إليه من أحضره إلى بابه ماشيًا، فلما دخل عليه شتمه، ثم أمر به أن يكون في بيت محضر باشي تلك الليلة، وهم أن يوقع به ما لا يليق لولا أن الله تعالى دفعه عنه، ولم تمض على الشيخ بدر الدين مدة قليلة حتى مات قهرًا بسبب ذلك، ثم مات صاحب الترجمة بعده بمدة يسيرة، وهو قاضي حلب في أول ربيع الأول سنة ست وعشرين وتسعمائة - عفا الله تعالى عنه -، وكان قد بعث، أولاقًا إلى دمشق ليأتي بالرئيس شمس الدين بن مكي ليعالجه، وبعث له معه أربعة آلاف درهم ليستخرج منها، فوصل أولاق إلى دمشق في رابع ربيع الأول المذكور، فذهب الأولاق بالرئيس المذكور إلى حلب، فوجدوا صاحب الترجمة قد توفي يوم الأحد مستهل ربيع، فسبحان الباقي.
1 / 20
٢٥ - محمد الأنطاكي: محمد بن محمد الشيخ شمس الدين بن الأنطاكي الحلبي الشافعي، أحد الشهود بالمكتب الكائن داخل باب قنسرين بحلب في دولة الجراكسة. قال ابن الحنبلي: كان ذا نسخ لطيف، وتعليق حلو ظريف، ماجنًا، لطيف العشرة، كثير النسخ لمجاميع كان يلتقطها من جواهر الأشعار، ونوادر الأخبار، من الهزليات والجديات. قال: وكان قديمًا يميل إلى أكل الحشيشة الخبيثة، وشرب أم الخبائث، فكتب له شخص دين من أحبائه تجاه وجهه من حيث لا يشعر قول الشاعر:
إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم
فتاب عند ذلك توبةً نصوحًا، وصار يعتزل الشهادة، إلى أن توفي في سنة ثمان وعشرين أو بعدها - رحمه الله تعالى.
٢٦ - محمد بن الجرحي: محمد بن محمد الشيخ شمس الدين الشهير بابن الجرحي الحلبي قال ابن الحنبلي: كان أولًا أحد عدول حلب بالمكتب الكائن على باب الأسدية الجوانية ثم صار إمام السلطانية في الدولة العثمانية، وتوفي في سنة ثمان وعشرين أو بعدها.
٢٧ - محمد بن القوجوي: محمد بن محمد، العالم الفاضل المولى. محي الدين القوجوي الرومي الحنفي. كان عالما بالتفسير والأصول وسائر العلوم الشرعية والعقلية، وأخذ العلم عن والده، وكان والده من مشاهير العلماء ببلاد الروم، ثم قرأ على المولى عبدي المدرس بأماسية، ثم على المولى حسن جلبي بن محمد شاه الفناري، وولي التدريس والولايات حتى صار قاضي العسكر بولاية أناطولي، ثم استعفي منه فأعفي وأعطي إحدى المدارس الثماني، ثم صار قاضيًا بمصر، فأقام بها سنة ثم حج وعاد إلى القسطنطينية، وبها مات سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
٢٨ - محمد المصري: محمد بن محمد، الشيخ العلامة القاضي أفضل الدين
1 / 21
الرومي المصري الحنفي قرأ الفقه على ابن قاسم وأجازه جماعة في استدعاء سبط شيخ الإسلام ابن حجر، وكان دينًا عاقلًا، وحج صحبة الشيخ أمين الدين الأقصراني، وتوفي بمصر في المحرم سنة اثنتين وثلاثين وتسعمئة عن نحو ثمانين سنة، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى.
٢٩ - محمد الزيتوني: محمد بن محمد الشيخ الفاضل البارع محب الدين الزيتوني العوفي نسبة إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف، رضي الله تعالى عنه المصري الشافعي. دخل إلى دمشق وأخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وحضر الكثير من تقاسيم المنهاج عليه، وحضر تقسيم التنبيه عليه وغير ذلك من دروسه، واستجاز من شيخ الإسلام، فأجازه بصحيح البخاري والتنبيه والمنهاج بعد أن سمع عليه الكثير من الصحيح، وتوفي سنة اثتتين وثلاثين وتسعمئة.
٣٠ - محمد بن الغرس: محمد بن محمد، الشيخ الفاضل العلامة، شمس الدين ابن الشيخ العلامة الألمعي بدر الدين الشهير بابن الغرس بالمعجمة الحنفي المصري. كان ذا يد في النحو والأعاريب، وله شعر، وافتقر في آخر عمره، وسقم سنين بعد عز وترف ووجاهة، كان صابرًا شاكرًا، توفي رحمه الله تعالى في القعدة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة عن نحو خمسين سنة.
٣١ - محمد وأخوه الغزيان: محمد بن محمد وأخوه أحمد أبناء القاضي رضي الدين الغزي، الجد الشابان الفاضلان أبو الخير قوام الدين، وأبو المكارم شهاب الدين. توفيا شهيدين بالطاعون في دمشق سنة اثنتين وتسعمائة. ثانيهما وهو الأصغر قبل أولهما وهو الأكبر يوم الأحد ثاني عشر القعدة عن ست عشرة سنة، وأولهما وهو الأكبر بعده باثنين وعشرين يومًا يوم الخميس رابع الحجة، وكان والدهما الجد الشيخ رضي الدين إذ ذاك بمصر، ولم يبق له بعدهما ولد، فبشره القطب كما قيل بأن يعوضه الله تعالى بولد صالح، فعوضه الوالد الشيخ بدر الدين سنة أربع وتسعمائة.
٣٢ - محمد النكساري: محمد بن إبراهيم بن حسن العالم، العامل، الفاضل، الكامل، المولى محي الدين النكساري الرومي الحنفي. كان عالمًا بالعربية، والعلوم الشرعية العقلية، ماهرًا في علوم الرياضة. أخذ عن المولى فتح الله الشرواني، وقرأ على المولى حسام الدين التوقاني، ثم على المولى يوسف بالي بن محمد الفناري، ثم على المولى يكان، وكان
1 / 22
حافظًا للقرآن العظيم، عارفًا بعلم القراءات، ماهرًا في التفسير. وكان يذكر الناس كل يوم جمعة تارة في أيا صوفيا، وتارة في جامع السلطان محمد خان، وكان حسن الأخلاق، قنوعًا راضيًا بالقليل من العيش، مشتغلًا بإصلاح نفسه، منقطعًا إلى الله تعالى. صنف تفسير سورة الدخان، وكتب حواشي على تفسير القاضي البيضاوي، وحاشية على شرح الوقاية لصدر الشريعة، ولما آن أوان انقضاء مدته ختم التفسير في أيا صوفيا، ثم قال: أيها الناس إني سألت الله تعالى أن يمهلني إلى ختم القرآن العظيم، فلعل الله تعالى يختم لي بالخير والإيمان، ودعا فأمن الناس على دعائه، ثم أتى إلى بيته ومرض. وتوفي بالقسطنطينية في سنة إحدى وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
٣٣ - محمد بن الخطيب: محمد بن إبراهيم، العالم العلامة، المولى محي الدين الشهير بابن الخطيب الرومي الحنفي، وكان من مشاهير موالي الروم. قرأ على والده المولى تاج الدين، وعلى العلامة علي الطوسي والمولى خضر بيك، وتولى المناصب، وترقى حتى جعله السلطان محمد بن عثمان معلمًا لنفسه، ثم ادعى البحث مع المولى خواجه زاده، فقال له السلطان محمد: أنت تقدر على البحث معه. قال: نعم سيما ولي مرتبة عند السلطان، فعزله السلطان لهذا الكلام، ولما تولى السلطان أبو يزيد خان جمعه في ولايته مع المولى علاء الدين العربي في محفل من العلماء، فجرى بينهما مباحثة في الرؤية والكلام. انتهى فيها البحث إلى كلام أنكره عليه السلطان، ففطن ابن الخطيب لذلك، وصنف رسالة في البحث المذكور، وذكر في خطبتها اسم السلطان، وأرسلها إليه على يد وزيره إبراهيم باشا، فلما عرضها على السلطان، فقال السلطان: ما اكتفى بذلك الكلام الباطل باللسان حتى كتبه في الأوراق. اضرب برسالته وجهه، وقل له: يخرج البتة من مملكتي، فتحير الوزير، وكتم غضب السلطان عن ابن الخطيب، وانتظر ابن الخطيب جائزة الرسالة، وتألم من تأخرها، وقال للوزير: أستأذن السلطان أن أذهب من مملكته وأجاور بمكة وأدى أمره إلى الاختلال عند السلطان، وتحير الوزير، ثم أرسل إلى ابن الخطيب من ماله باسم السلطان عشرة آلاف درهم، وناسى السلطان القضية، ثم أن المولى جلال الدين الدواني رحمه الله تعالى أرسل كتابًا إلى بعض أصدقائه إلى الروم، وهو المفتي يومئذ وكتب في حاشيته: السلام على المولى ابن الخطيب، وعلى المولى خواجه زاده، فسمع ابن الخطيب بذلك، فطلب الكتاب وأرسله إلى الوزير وقال له: إنه يعتقد فضل خواجه زاده علي، وأنا مفضل عليه ببلاد الروم. يدل عليه كتاب المولى جلال الدين حيث قدمني عليه ذكرًا، فلما وصل الكتاب إلى الوزير قال: إنه سؤال دوزي، والتقديم في
1 / 23
الذكر لا يستلزم التقديم في الفضل. قلت: وهذا الرجل وإن كان من الموالي المحققين، فأنت خبير بما اشتملت عليه سيرته من الدعوى، والحسد، وعدم الرضا من زمانه.
وذكر صاحب الشقائق عن والده أنه دخل مع ابن الخطيب حين كان يقرأ عليه وهو متقاعد عن المناصب إلى السلطان أبي يزيد خان - رحمه الله تعالى في يوم عيد، فلما مر مع موالي بالديوان والوزراء جالسون سلم المولى بن فضل الله، وكان مفتيًا في ذلك الوقت عليهم، فضرب ابن الخطيب في صدره بظهر يده، وقال: هتكت عرض العلم، وسلمت عليهم أنت مخدوم، وهم خدام سيما وأنت رجل شريف. قال: ثم دخل ونحن معه، فاستقبله سبع خطوات، وسلم عليه وما انحنى له، وصافحه ولم يقبل يده، وقال للسلطان: بارك الله لك في هذه الأيام الشريفة، ثم سلم ورجع. قلت: قد اشتملت هذه الحكاية على أمور بعضها معروف، وبعضها منكر، فأما ترك حنائه للسلطان، وتقبيل يده، فمن السنة، وأما إنكاره على المفتي السلام على الوزراء، وأهل الديوان ولومه على ذلك، وضرب يده في صدره، فجرأة وقلة أدب وخطأ ظاهر، ولابن الخطيب من المؤلفات حواشي على شرح التجريد للسيد الشريف، وحواشي على حاشية الكشاف للسيد أيضًا وغير ذلك، وكانت وفاته في سنة إحدى تسعمائة عفا الله تعالى عنه.
٣٤ - محمد بن جماعة: محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن علي بن جماعة، ابن حازم بن صخر، الشيخ الإمام شيخ الإسلام قاضي القضاة، خطيب الخطباء نجم الدين أبو البقاء ابن قاضي القضاة برهان الدين ابن قاضي القضاة، شيخ الإسلام جمال الدين بن جماعة الكناني، المقدسي، الشافعي، سبط قاضي القضاة سعد الدين الديري - رحمهم الله تعالى - ولد في أواخر صفر سنة ثلاث وثلاثين ثمانية بالقدس الشريف، ونشأ به، واشتغل في صغره بالعلم على جده وغيره، وأذن له قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي شهبة بالإفتاء والتدريس مشافهةً، حين قدم إلى القدس الشريف، وتعين في حياة والده وجده، ولما توفي جده كان والده حينئذ قاضي القضاة الشافعية، فتكلم له في تدريس الصلاحية عند الملك الظاهر خشقدم، فأنعم له بذلك، ثم عن للقاضي برهان الدين أن يكون التدريس لولده الشيخ نجم الدين، لاشتغاله هو بمنصب القضاء، فراجع السلطان، فأجاب، وولى نجم الدين تدريس الصلاحية، فباشرها أحسن مباشرة وحضر معه يوم جلوسه قاضي القضاة حسام الدين بن العماد الحنفي قاضي دمشق، وكان إذ ذاك ببيت المقدس جماعة
1 / 24
من الأعيان شيوخ الإسلام، كالكمال والبرهان ابني أبي شريف، والبرهان الأنصاري، والشيح أبي العباس المقدسي، والشيخ ماهر المصري وغيرهم، ولم تزل الوظيفة بيده، حتى توفي والده في صفر سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، فجمع له بين قضاء القضاة، وتدريس الصلاحية، وخطابة المسجد الأقصى ولم يلتمس على القضاء ولا الدرهم الفرد، حتى تنزه عن معاليم الأنظار مما يستحقه شرعًا، ثم صرف عن القضاء والتدريس بالعز ابن عبد الله الكناني أخي الشيخ أبي العباس المقدسي، فانقطع في منزله بالمسجد الأقصى، يفتي، ويدرس، ويشغل الطلبة، ويباشر الخطابة، ثم عزل قاضي القضاة عز الدين، فتولى تدريس الصلاحية الكمال بن أبي شريف في صفر سنة ست وسبعين وثمانمائة، واستمر بها إلى سنة ثمان وسبعين، فأعيدت إلى صاحب الترجمة، فجلس للتدريس وافتتح التدريس بخطبة بليغة، وتكلم على قوله تعالى: " ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم " " سورة يوسف: الاية ٦٥ " الآية. ثم تنزه عن القضاء، ولم يلتفت إليه بعد ذلك، ثم عن حصته من الخطابة، وانجمع عن الناس، وله من المؤلفات شرح على جمع الجوامع لابن السبكي سماه بالنجم اللامع، وتعليق على الروضة إلى أثناء الحيض في مجلدات، وتعليق على المنهاج في مجلدات، والدر النظيم في أخبار موسى الكليم، وغير ذلك، وتأخرت وفاته عن سنة إحدى وتسعمائة، رحمه الله تعالى.
٣٥ - محمد الخليلي: محمد بن إبراهيم بن عبد الرحيم، الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو الجرد ابن شيخ الإسلام برهان الأنصاري الخليلي، ثم المقدسي الشافعي، ولد بمدينة الخليل ﵊ في شعبان سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وحفظ القرآن والمنهاج، وألفية بن مالك، والجزرية، وبعض الشاطبية، واشتغل على والده، ثم أخذ العلم عن جماعة من علماء مصر، أجلهم شيخ الإسلام قاضي القضاة شرف الدين المناوي، والشيخ العلامة كمال الدين ابن إمام الكاملية الشافعيان، وأخذ العلوم عن الشيخ تقي الدين الشمني الحنفي، وفضل وتميز، وأجيز بالافتاء والتدريس، وأعاد بالصلاحية، وله تصانيف من شرح الجرومية، وشرح الجزرية، وشرح مقدمة الهداية في علم الرواية، لابن الجزري، ومعونة الطالبين في معرفة اصطلاح المعربين، وقطعة من شرح تنقيح اللباب لشيخ الإسلام ولي الدين العراقي، وغير ذلك، تأخرت وفاته عن سنة إحدى وتسعمائة.
٣٦ - محمد بن أبي عامر: محمد بن إبراهيم بن محمد، الشيخ العلامة شمس الدين
1 / 25
الحنفي المقري، عرف بابن أبي عامر، أخذ عن الشهاب، أبي الطيب محمد بن أحمد بن علي الحجازي الشافعي، الأدب المحدث، وأخبره أنه يروي ألفية الحديث، والقاموس عن مؤلفيهما، وتلخيص المفتاح عن إبراهيم الشامي عن المؤلف.
٣٧ - محمد بن الذهبي: محمد بن إبراهيم، الشيخ الإمام العالم الفاضل، أبو الفضل شمس الدين بن صارم الدين الرملي الشافعي، الشهير،، بابن الذهبي، أحد الشهود المعتبرين بدمشق، ذكر النعيمي، أنه كان قديمًا بخدمة الشيخ رضي الدين الغزي الجد، وأن ميلاده كان سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وقال الشيخ شهاب الدين الحمصي: أنه كان فاضلًا، ورأيت بخط شيخ الإسلام الوالد، أنه كان يعرف القراءات وكانت وفاته ليلة الجمعة ثالث عشر المحرم سنة سبع عشرة وتسعمائة بدمشق، بعد عوده من القاهرة.
٣٨ - محمد بن مزهر: محمد بن أبي بكر القاضي، كمال الدين بن مزهر، كاتب الإسرار بالديار المصرية، توفي مطعونًا، يوم السبت خامس عشرين رمضان، سنة عشر وتسعمائة بالقاهرة، ودفن بتربة البارزي بها رحمه الله تعالى.
٣٩ - محمد بن هلال: محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن مضر بن عمر بن هلال: الشيخ الفاضل العلامة الزاهد قوام الدين أبو يزيد الحيشي الأصل، الحلبي، الشافعي. كان عالمًا فاضلًا مناظرًا، له حدة في المناظرة، وذكاء مفرط، وحفظ عجيب. حفظ الشاطبية، وعرضها بحلب في سنة ثلاث ثمانين وثمانمائة، وسافر مع أبيه إلى بيت المقدس، فعرض أماكن منها ومن " الرائية " على إمام الأقصى عبد الكريم بن أبي الوفاء ثم جاور بمكة سنين، واشتغل بها، وسمع مع أبيه على الحافظ السخاوي، ثم عاد من مكة إلى حلب، واشتغل على عالمها البدر السيوفي، وقرأ عليه الإرشاد لابن المقري، وسمع بقرائة الشيخ زين الدين بن الشماع، ودرس بجامع حلب، ووعظ به وكان يأتي في وعظه بنوادر الفوائد، وسرد مرة النسب النبوي طردًا وعكسًا، ثم أعرض عن ذلك، وكان صوفيًا بسطاميًا كأبيه يلف المئزر، ويرخي له عذبه رعاية للسنة، وكانت وفاته في حياة أبيه في شوال سنة أربع وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه والده في جامع حلب في مشهد عظيم، ودفن في تربة أسلافه بالأطعانية.
1 / 26
٤٠ - محمد المشهدي: محمد بن أبي بكر، الشيخ الإمام الفاضل، المسند الصوفي بدر الدين ابن الشيخ العلامة المسند بهاء الدين المشهدي المصري الشافعي، ولد في سنة اثنتين وستين وثمانمائة، وسمع على المسند أبي الخير الملتوتي مسند الطيالسي عن أبي الفرح عبد الرحمن بن المبارك الغزي ببلده، وسمع على عدة من أصحاب ابن الكويك، وابن الجزري، منهم والده، وعلى بعض أصحاب الشهاب الواسطي، وعلى قاضي القضاة بدمشق، القطب الخيضري، وأخذ عن الشهاب الحجازي الشاعر والرضى الأوجاقي، وعن غيرهم، وأجاز له ابن بلال المؤذن في آخرين من حلب، وسمع على جماعة من أصحاب شيخ الإسلام ابن حجر، وابن عمه شعبان، وغيرهما، ودرس وأسمع قليلًا، ناب في مشيخة سعيد السعدا الصلاحية عن ابن نسيبة، وكان عاقلًا، دمث الأخلاق دينًا صينًا، غير أنه كان ممسكًا حتى عن نفسه وفي مرض موته، كما قال العلائي، وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: كان عالمًا صالحًا، كثير العبادة، محبًا للخمول، إن رأى أحدًا يقرأ عليه فتح له، وإلا أغلق باب داره، قال: فقلت له يومًا: ما أصبرك يا سيدي على الوحدة فقال: من كان مجالسًا لله فما ثم وحدة؟! وقد جاوزت الأربعين سنة، وما بقي يناسبنا إلا الجد والاجتهاد وعدم الغفلة عن الله تعالى، ثم قال لي: هكنا أدركنا الأشياخ خلاف ما عليه أهل هذ (االزمان، يتعلم أحدهم مسائل، فيود أن لو عرف جميع أهل الأرض، قال: وكانيقول مدح الناس للعبد قبل مجاوزته الصراط كله غرور انتهى.
وممن أخذ عنه الشيخ نجم الدين الغيطي، سمع عليه الموطأ برواية أبي مصعب، وقطعة من مسند الطيالسي، وأخذ عنه النخبة لابن حجر، وغير ذلك، وهو الذي تخرجت به، وانتفعت في فن الحديث، قال: وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة انتهى.
وما ذكره من وفاته تقريب وتحرير وفاته، كما قرأت بخط العلائي يوم الاثنين سابع القعدة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ثم دفن يوم الثلاثاء بعد الصلاة عليه في جماعة قليلة بباب النصر، في تربة الصلاحية على أبيه، وتوفر له حظه من إيثار الخمول على الشهرة حيًا وميتًا رحمه الله تعالى - وقال: وهو آخر ذرية ابن خلكان فيما يعلم، ولم يعقب رحمه الله تعالى.
٤١ - محمد بن الصعيدي: محمد بن أبي بكر، الشيخ الصالح المعتقد بدر الدين ابن الشيخ أبي بكر المصري الأحمدي، المعروف بابن الصعيدي، شيخ السادة الأحمدية. كان
1 / 27
الناس يتبركون به، ولهم فيه مزيد اعتقاد، وكان تحمل إليه الهدايا والإدرارات خصوصًا إذا شرع في التوجه إلى مولد سيدي أحمد البدوي - رضي الله تعالى عنه -، وكان مقبول الشفاعة، في الدولتين، مسموع الكلمة عند ملك الأمراء، فمن دونه، وكان إذا دخل على نائب مصر انتصب له قائمًا، وانفرد به وقضى حوائجه، وقبل شفاعته، واعتبر كلامه، وأظهر ذلك بين خواصه وجماعته، وجعله أبًا له، وكان يقطع خصومات، وينفذ أمورًا لا يقدر عليها غيره، وكان يستخلص من القتل، وكان عليه السكينة والدهابة، وظهرت عليه خوارق وهابه الناس، وأقبلت عليه الدنيا، وكثرت مزارعه ومواشيه، وزوجه الأعيان ببناتهم، وبنيت له الزوايا، وعمرت له العمائر، وبقي على مكانته إلى أن توفي يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الثانية سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. ولما بلغ ملك الأمراء موته تأسف عليه، وأجلس أولاده في حجره، ورسم لهم بإمضاء جميع جهاتهم، وأبقاهم على ما كان بيده رحمه الله تعالى.
٤٢ - محمد بن ظهيرة: محمد بن أبي السعود بن إبراهيم، الشيخ الإمام العلامة، قاضي قضاة مكة المشرفة صلاح الدين بن ظهيرة المكي الشافعي. جرت له محنة في أيام الجراكسة، وهي أن السلطان الغوري حبسه بمصر من غير جرم ولا ذنب. بل للطمع في مال يأخذه منه على عادته، ولما خرج بعساكره من مصر لقتال السلطان سليم بن عثمان. أطلق كل من في حبسه من أرباب الجرائم وغيرهم، ولم يطلق صاحب الترجمة. بل أبقاه في الحبس، وسافر، فقتل في مرج دابق، فلما وصل الخبر بقتله، وكسر عسكر الجراكسة إلى مصر، وتسلطن طومان باي. توجه السلطان طومان باي إلى الحبس، وأطلق القاضي صلاح الدين، ثم لما وصل السلطان سليم خان إلى مصر جاء إليه القاضي صلاح الدين، فاكرمه وعظمه وخلع عليه وجهزه إلى مكة معزوزًا مكرمًا مع الإحسان إليه، وكان بمصر جماعة من الحجازيين، فأحسن السلطان سليم إليهم كلهم، وكان القاضي صلاح الدين هو المشار إليه في تفرقة الصدقات السليمية في تلك السنة، وخطب عام إذ في الموقف الشريف خطبة عرفة، وبقي بمكة إلى أن توفي رحمه الله تعالى - في أواخر سنة ست أو أوائل سنة سبع وعشرين وتسعمائة. وصلي عليه غائبًا بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة سابع عشري ربيع الأول سنة وعشرين وتسعمائة.
٤٣ - محمد المقري: محمد بن أبي عبيد، الشيخ الإمام العالم العلامة، شمس الدين المقري الشافعي خليفة الحكم العزيز بالقاهرة. قال الحمصي: وكان فاضلًا ذكيًا مفننًا. توفي بالقاهرة يوم الجمعة ثالث عشري رمضان سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وصلي عليه بجامع الحاكم، وكانت جنازته حافلة.
1 / 28