80

============================================================

ومنامه متابعا، يقتدي به في كل أحواله، ويتأسى به في جميع أفعاله، وقد قيل: التصوف استقامة المناهج، والتطروق إلى المباهج.

قال الغزالي رحمه الله: ولما ولي الخلافة كانت له زوجة يحبها، فطلقها خيفة أن تشير عليه بشفاعة في باطل فيطيعها ويطلب رضاها، وهذا من ترك ما لا بأس به مخافة مما به بأس.

ودخلث له بنته وهو يقسم مال بيت المال، فأخذت درهما، فنهض في طلبها حتى سقطث ملحفته عن أحد منكبيه، ودخلت الصبية البيت تبكي، وجعلت الدرهم في فيها، فأدخل أصبعه فأخرجه وطرحه على الخراج، وقال: أيها التناس، ليس لعمر ولا لآل عمر إلا ما للمسلمين قريبهم وبعيدهم.

وكسح(1) أبو موسى بيت المال، فوجد درهما، فمر به بني لعمر، فأعطاء له، فرآه في يده فقال: أعطانيه أبو موسى. فقال: يا أبا موسي، ما كان في أهل المدينة بيث أهون عليك من آل عمر، أردت أن لا يبقى من أمة محمد أحد إلأ طالبنا بمظلمته ؟ ورد الدرهم لبيت المال.

وكان يستهدي عيوبه من إخوانه ويقول: رحم الله امرأ أهدى إلى أخيه عيوبه، وعرفه ذنوبه.

وقال في خطبته: لو صرفناكم عما تعرفون إلى ما ثنكرون ما كنتم تصنعون؟ فسكتوا، فكرره، فقال علي رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين، إذن نستتيبك، فإن تبت قبلناك، وإلأ ضربنا الذي فيه عيناك . فقال: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا اعوجخنا أقام أودنا (2) .

وكان على غاية من التقشف، يخطب وهو خليفة بإزار فيه اثنتا عشرة رقعة، وقميص فيه أربع رقاع وليس له غيرهما، وأبطأ يوما عن الخروج للجمعة، ثم اعتذر بأنه كان يغسل ثوبه، وليس له غيره.

(1) كسح: كنس. القاموس (كسح).

(2) الأود: الاعوجاج. النهاية (أود).

صفحة ٨٠