تمهيد
هذا هو الكتاب الثامن في هذه السلسلة التي أطلقنا عليها اسم " المكتبة الأندلسية " نقدمه للقراء والباحثين الذين أيدوا عملنا بالإقبال عليه، وتقدير ما نبذله من جهد في جانبي الدراسة والبحث ونشر الأصول التي احتاجها الدارسون والباحثون. وكل ما نرجو أن نمضي قدمًا؟ بتوفيق من الله وعونه؟ في خدمة تراثنا العربي، داعين إخواننا المهتمين بأدب الأندلس وتاريخها؟ أينما كانوا؟ إلى الإسهام في هذا العمل، إذ أننا لا ندعي القدرة على الاضطلاع بكل ما تحتاجه المكتبة الأندلسية من خدمات وتضحيات، وإن كنا آلينا على أنفسنا أن لا نوفر جهدًا في هذا السبيل.
وقد كان تحقيق هذا الجزء من المكتبة الأندلسية ثمرة بفضل إخواني المغاربة في الرباط، الذين أمدوني بثلاث مخطوطات مما يحتفظون به في خزائنهم العامرة، فأنا أحب أن أسجل لهم هنا اعترافي بجميلهم، متوجهًا بشكري الخالص الوفير للأستاذ عبد الله الرجراجي مدير الخزانة العامة بالرباط؛ وأما أصدقائي العلماء الأجلاء الأستاذ محمد العابد الفاسي
1 / 1
والأستاذ إبراهيم الكتاني والأستاذ محمد المنوني، فأني اعجز عن أن أفيهم حقهم من الشكر على الحفاوة التي تلقوني بها في المغرب العربي في صيف عام ١٩٦٢ وعلى المساعدة التي بذلوها من اجلي، حفظهم الله ورعاهم وجزاهم عني خير جزاء.
لقد كتب لسان الدين بن الخطيب هذا الكتاب ليهديه للمشارقة، وإنما اقتدي بكرم نفسه حين اهديه - بعد تحقيقه - لأخواني في المغرب، وان على يقين من إننا جميعا نتعاون على خدمة تراث عربي مشترك. وان ليس هنالك ما يقال فيه إزاء العاملين في ميدان العلم: هذا تراث مغربي فهو وقف على المغاربة وذاك تراث مشرقي فهو وقف على المشارقة وقد كنت أرجو لفضل أخواني في المغرب أن لا يقنع لي بالنغبة اليسيرة من معين تراثهم الغزير وان لا يستكثروا علي الإخلاص في إظهار دورهم في تاريخ الأدب والحضارة العربيين وقد كنت اطمع في كرمهم وعونهم على ما بين يدي من دراسات تعطل جانب كبير منها لظنهم بما اعتقد انه حق للدارسين جميعا ومن الغبن أن يؤخذ المرء بجريرة غيره واشد الظلم ظلم عبقري ينالك من صديق وما سمحت لنفسي بهذا العتاب إلا إبقاء على صداقة اعتز بها والله يحفظهم من كل سوء؟.
بيروت في ١٥ أيلول (سبتمبر) ١٩٦٣
1 / 2
مقدمة
- ١؟
في غرة جمادى الآخرة من سنة ٧٧٣ جاز لسان الدين بن الخطيب إلى سبتة، تاركًا أعباء الوزارة بالأندلس مفارقًا المال والولد والجاه، فارًا إلى ما يرجوه من حياة هادئة مطمئنة في ظل السلطان المريني أبي فارس عبد العزيز. وقد كانت هجرته تلك وليدة أزمة نفسية طالت به معاناتها إلى أن وضح له المنهج واستبانت الطريق. وقد كشف هو عن هذه الأزمة في عهد مبكر حين كتب إلى الشيخ أبي عبد الله ابن مرزوق رسالة يعذله فيها على جنوحه إلى خدمة الدولة ونزوعه إلى الدنيا ويصور فيها مكاره الحياة السياسية ومكايدها وقد علق ابن مرزوق عليها حين قراها بقوله: " والعجب كل العجب أن جميع ما خاطبني به - أبقاه الله تعالى - تحلى به اجمع وابتلي بما منه حذر فكأنه خاطب نفسه وانذرها بما وقع له فالله تعالى يحسن له الخاتمة والخلاص " (١) . ولعل مما زاد في حدة تلك الأزمة النفسية انتشاب لسان الدين في التصوف قولا
_________
(١) النفح ٧: ٨٠.
1 / 3
يحفزه إلى الرياضة العملية، والى التجرد عن الدنيا.
وقد صور دواعي هذه الأزمة في رسالته إلى الغني بالله سلطان الأندلس حين فارقه، وفي رسالة إلى ابن خاتمة حين عذله على اعتزام الهجرة، وفي كتابة أعمال الأعلام، وفي مقدمة الكتيبة الكامنة، فتحدث عن رغبته في الراحة والذهاب إلى مكة وإيثاره للآخرة على الدنيا فقال في رسالته لابن خاتمة: " أني إلى الله تعالى مهاجر، وللعرض الأدنى هاجر، ولأضعان السرى زاجر، لنجد - إن شاء الله تعالى - وحاجر " (١) وفي رسالته للغني بالله يقول: " طرقته الأفكار وزعزعت صبره الرياح الخواطر وتذكر أشراف العمر على التمام وعواقب الاستغراق وسيرة الفضلاء عند شمول البياض فغلبته حال شديدة هزمت التعشق بالشمل الجميع والوطن المليح والجاه الكبير والسلطان القليل النظير وعمل بمقتضى قوله: موتوا قبل أن تموتوا " (٢) .
وكان الذي أيأسه من حياة السياسة تغير النفوس عليه لما بلغه من مكانة واستقلال في النظر وبسطة في النفوذ، فكثرت السعايات وتنكر له من كان هو سببا في تقريبهم ورفع جاههم، وسيطر الحسد على بعض النفوس، ولم يكن هو غافلا عما يجري من حوله، فهو يقول في وصف هذه الظاهرة: " وصرت انظر إلى الوجوه فالمح الشر في نظراتها، واعتبر الكلمات فأتبين الحسائف في لغاتها، والضغينة في كل يوم تستحكم والشر يتضاعف، ونعمة الولد تطلق لسان الحسود، وشبح الكلاب المطيفة تهيج حسائف النمور الجائعة والأسود، والأصحاب الذين تجمعهم المائدة كل يوم وليلة يفتنون في الإطراء والمديح وتحسين القبيح والمحاولات في الغي
_________
(١) النفح ٨: ١٤٣.
(٢) التعريف بابن خلدون: ١٤٨ - ١٤٩.
1 / 4
والتقرب بالسعي، انظر إليهم يتناقلون الإشارات بالعيون والمغامزة بالجفون والمخاطبة باللغوز، فإذا انصرفوا صرف الله قلوبهم فقلبوا الأمور ونقلوا العيوب وافسدوا القلوب وتعللوا بالأحلام وقواطع الأحكام " (١) .
ولقد قضى ابن الخطيب في هذا الجو المكفهر فترة من الزمن وهو فريسة للخوف والحذر، نهبة للتلوم النفسي والتردد، وكلما خلا إلى نفسه جعل يخاطبها قائلا: " يا مشئومة! أما تشعرين لما نزل بك، حملت هذا الكل على ضعفك، وأوسعت هذا الشغب في فكرك.. وتعرضت لان تسخطي الطالب الممنوع بخيبته، وتسخطي المعطى بما يرى انك قد منعته الزيادة في عطيته، وتسخطي الأجنبي بالقبول على عدوه؟ وتسخطي الجاني بإنفاذ العقوبة في جنايته؟ وتسخطي الجيش باختباره وعرضه؟ وتسخطي الرعية باستقصاء الجباية " (٢) .. وجاءت اللحظة الحاسمة التي وجد فيها أن الفرار أمر محتوم، وهي لحظة عبر عنها لسان الدين " بالعجز " حين قال للغني بالله " ونختم لكم هذه الغزارة بالحلف الأكيد: أني ما تركت لكم وجه نصيحة في دين ولا في دنيا ألا وقد وفيتها لكم ولا فارقتكم ألا عن عجز " (٣)، وهذا التصريح يدل على الحقيقة النفسية الكامنة التي كانت تتعلل بالماضي والمستقبل، أما الماضي فقد لفه لسان الدين في ثوب من الترفع عن الكسب وجمع المال وجعله كله عملا مخلصا ممتدا في الزمان، استطاع فيه أن يؤمن للدولة أسبابها ويطمئن على صاحبه، بإرضاء الجند وعقد المعاهدات مع الاعداء، وتكثير الأصدقاء، وأما المستقبل فسوف يكون هجرة إلى الله تعالى وزيارة لمكة وقبر
_________
(١) أعمال الأعلام: ٣١٦.
(٢) المصدر نفسه: ٣١٥.
(٣) التعريف بابن خلدون: ١٥٢.
1 / 5
الرسول، ولكن كلمة العجز كانت تدل على أن لا خيار ثمة، وان الاضطرار هو القوة الداعية إلى التحول، وهون الرجل على نفسه مفارقة الأهل والوطن بأنه لا يفر لذنب اقترفه وإنما خلف " الوسائل المرعية والآثار الخالدة والسير الجميلة " وانه - أن فسح الله له في الآجل - يود العودة إلى وطنه.
ولم يفده الإلحاح على سلطانه بان يأذن له بالسفر فعمد إلى اصطناع جفاء يثير غضبه، والسلطان يعد ذلك إدلالا ويعتذر عما يفعله صاحبه. وعندئذ قرر لسان الدين أن يخفي أمر فراره، فاتصل بالسلطان المريني واخذ منه عهدا بالإقامة في كنفه، وبتمكينه من الحج والزيارة، واستأذن الغني بالله في تفقد الثغور " وسار إليها في لمة من فرسانه، وكان معه ابنه علي الذي كان خالصة للسلطان، وذهب لطيته فلما حاذى جبل الفتح، فرضة المجاز إلى العدوة مال إليه، وسرح أذنه بين يديه فخرج قائد الجبل لتلقيه، وقد كان السلطان عبد العزيز أوعز إليه بذلك وجهز له الأسطول من حينه، فأجاز إلى سبتة وتلقاه ولاتها بأنواع التكرمة وامتثال المراسم " (١) . وقد عيره أعداؤه من بعد بفراره وبهذه الخدعة التي اختارها، فقال القاضي النباهي في رده عليه: " ثم وريتم بتفقد ثغر الجزيرة الخضراء، مكرا منكم، فلما بلغتم ارض الجبل انحرفتم عن الجادة وهربتم بأثقالكم الهروب الذي أنكره عليكم من بلغه حديثكم - أو يبلغه إلى آخر الدهر - في العدوتين من مؤمن وكافر وبر وفاجر " (٢) .
أما بقية التهم التي وجهها النباهي إلى ابن الخطيب فتتلخص في إخلاد
_________
(١) تاريخ ابن خلدون ٧: ٣٣٥، والنفح ٨: ٣٠ - ٣١.
(٢) النفح ٧: ٥٦.
1 / 6
هذا الثاني إلى الدنيا بالاستكثار من العقار والبناء، وانه إنما هرب من الأندلس لأنه يمد عينيه إلى التمتع بغيرها، مع أن الأندلس دار رباط لا يستحب للرجل المؤمن أن يتركها إلا إلى مكة أو طيبة أو بيت المقدس. وسرد النباهي بعض القضايا التي تدل على تدخل ابن الخطيب في نزاهة القضاء، واتهم لسان الدين بالعبث في " الابشار والأموال وهتك الأعراض وإفشاء الأسرار وكشف الأستار واستعمال المكر والحيل والغدر في غالب الأحوال للشريف والمشروف والخادم والمخدوم " (١)، ولم ينس النباهي إن يوجه إلى ابن الخطيب تهمة الطعن في الشريعة والوقوع في جناب الرسول الكريم، وانه نقلت عنه في ذلك أشياء منكرة، وانه متأثر في ذلك بأستاذه وشيخه المستخف ابن هذيل منك علم الجزئيات القائل بعدم قدرة الرب - جل اسمه - على جميع الممكنات.
وما كان القاضي النباهي إلا واحدا من أولئك الذين ارصدوا العداوة والشنآن لابن الخطيب، ولعله آثار عليه كثيرا من القلوب، بما يروجه من نقد لتصرفاته، وكذلك كان تلميذه ابن زمرك من اشد الناس طعنا عليه وكيدا له، ومثلهما في ذلك ربيبه احمد بن سليمان بن فركون، - في اغلب الظن - وغير هؤلاء ممن كان لسان الدين قد رشحهم للمناصب ومكنهم منها، وكان هذا كله في نظر لسان الدين تنكرا للجميل، وعضا ليد المحسن الكريم، ولذلك عبر عن موقفه من الحياة السياسية بالعجز واثر الفرار. فوصل الباب العزيزي - أي باب السلطان عبد العزيز - بتلمسان في ١٩ رجب سنة ٧٧٣: " فتلقاني بما يليق بحسبه وشرف مذهبه: من اركاب الحجبة ورعي الوسيلة ودنو الجلسة واجراء
_________
(١) المصدر نفسه: ٥٥.
1 / 7
النعمة ". وكتب إلى سلطان الأندلس في استقدام أولاد ابن الخطيب أهله، فأرسلهم إليه.
إلا إن السعاية ضده لم تفتر، وذلك - حسبما يعتقد لسان الدين - كي يأمن أعداؤه عودته إلى الأندلس، ومال السلطان إلى رأي الوشاة والأعداء فقام النباهي بإصدار فتوى توجب حرق كتب لسان الدين لأنها تنطوي على الزندقة فحرقت، وصودرت أملاكه، واستحثت السلطان المريني على تسليمه لإجراء العقوبة عليه بسبب الإلحاد فأبى، وقال لرسل ابن الأحمر: " هلا أنقذتم فيه حكم الشرع وهو عندكم، وانتم عالمون بما كان عليه ".
ويقول لسان الدين في التعليق على هذه الحال (١): " وكنت لغروري بالزمان، وثقتي منه بالأمان أظن أن لا سبيل للدهر علي، ولا تطرق له ألي، وان مفارقتي لمن بالأندلس إنما هي مفارقة أب لولد، وقلب لخلد، وان عقاري الموروث والمكتسب جار مجرى الوقف الذي لا يبدل، وصريح الشريعة الذي لا يتأول، وان فوائده تلحق بي حيث كنت من المعمور، فلا أكلف رزقا جهدا لغرور " (٢) .
- ٢ -
توفي السلطان أبو فارس عبد العزيز أو " دك الجبل العاصم من الطوفان، والممسك للأرض عند الرجفان " في شهر ربيع الآخر سنة ٧٧٤هـ؟. وانتقل ابن الخطيب من تلمسان إلى فاس مع الوزير أبي بكر ابن غازي الوصي على
_________
(١) تاريخ ابن خلدون ٧: ٣٣٥.
(٢) أعمال الأعلام، ٣١٩ - ٣٢٠.
1 / 8
السلطان الابن - لم يحج كما انتوى حين هاجر من الأندلس، ولم يعتزل الدنيا والحياة السياسية، بل انه حين أقام بفاس استكثر من شراء الضياع وتأنق في بناء المساكن واغتراس الجنات (١) واخذ يستغل الحال التي تمخضت عنها الأزمة النفسية والهجرة استغلال المؤلف الذي لا يزال مورط الخواطر في العداوة الفردية وفي التقلبات السياسية.
ففي حياة السلطان عبد العزيز آلف له كتابه " المباخر الطيبة في المفاخر الخطيبية " يذكر فيه نباهة سلفه وما لهم من المجد، وقصده الرد على أهل الأندلس المجاهرين له بالعداوة القادحين في فخر سلفه (٢) ألف للسلطان المذكور كتابا آخر اسماه: " خلع الرسن في التعريف بأحوال ابن الحسن " جمع فيه نوادر وحكايات عن النباهي، وقال في وصف الكتاب " انه لاشيء فوقه في الظرف والاستطراف يسلي الثكالي، ونستغفر الله تعالى " (٣) .
وفي جمادى الآخر من سنة ٧٧٤ كان يكتب كتابه هذا الذي سماه: " الدرر الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة "، أي كان تأليفه له بعد نحو ثلاثة اشهر من وفاة السلطان عبد العزيز (٤) وسأتحدث
_________
(١) تاريخ ابن خلدون ٧: ١٠٨.
(٢) النفح ٧: ١٠٨.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) اخطأ الأستاذ محمد عبد الله عنان حين ظن أن هذا الكتاب من أوائل مؤلفات ابن الخطيب وانه وضعه في شبابه ولما يتجاوز الخامسة والعشرين (انظر مقدمة الإحاطة ١: ٦٩) وإنما الذي أوقعه في الخطأ أن النسخة الخطية بالجزائر تحمل فيما يقوله كوديرا تاريخ سنة ٧٣٨، هذا مع أن لسان الدين ذكر في درج كتابه، تاريخ العمل في ذلك الكتاب، وعلى هذا فهناك وهم لا ادري من أين جاء اهو من ناسخ نسخة الجزائر أو من الأستاذ كوديرا أو من الأستاذ عنان، ومن المعقول أن تكون نسخة الجزائر قد كتبت عام ٧٨٣ أي بعد سنوات قليلة من وفاة المؤلف (أو٨٣٧) ولا يمكن مجال أن يكون التاريخ ٧٣٨ صحيحا.
1 / 9
بعد قليل عن هذا الكتاب حديثا مفصلا.
لما توفي السلطان أبو فارس عبد العزيز واصبح الآمر بيد ابن غازي الوزير صديق لسان الدين والوصي على ابن صغير من أبناء السلطان هو أبو زيان محمد السعيد، كثرت القالة في الوزير لأنه بايع صبيا وقال الطامحون والمعترضون في الأندلس والمغرب أن البيعة له لا تجوز فألف لسان الدين انتصارا لصديقه كتاب " أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام " (١) وفيه يقول رادا على أهل الأندلس: " فمتى نبس أهل الأندلس بإنكار بيعة صبي صغير، أو نيابة صاحب أو وزير فقد عموا وصموا، وخطروا بربع الأنصاف فاعرضوا وما الموا، وبما سنوه لغيرهم ذموا " (٢) .
كل هذا وابن الأحمر لا يفتر عن المطالبة بابن الخطيب وقد فسد ما بين البلاطين - بلاط غر ناطة وبلاط فاس - بسبب تمسك الوزير ابن غازي بحماية صديقه وعدم إسلامه إلى أعدائه، واتصلت كتب ابن زمرك بابي العباس المستنصر ووزيره محمد بن عثمان تحثه على الثورة وخلع الصبي أو اسط عام ٧٧٥، وانتصر أبو العباس في هذه الحركة في أوائل ٧٧٦، فتحقق لبلاط غر ناطة ما يريده، إذ قبض السلطان الجديد على لسان الدين، أودع السجن، وأرسل الخبر بذلك إلى ابن الأحمر، فأرسل كاتبه ابن زمرك إلى فاس، وعقد لابن الخطيب مجلس وبخ فيه وعذب على مشهد من الملأ، ثم دس له أحد مبغضيه من قتله في السجن خنقا ثم طرح في اليوم التالي
_________
(١) سماه المقري: أعلام الأعلام بمن بويع من ملوك الإسلام قبل الاحتلام (النفح ٧: ١٠٧) ثم أورد اسمه كما ذكرناه هنا (٩: ٣٠٧) .
(٢) المصدر نفسه.
1 / 10
وقد جمعت حول جثته أعواد أضرمت عليه نار فاحترق شعره واسودت بشرته ثم أعيد إلى حفرته، بمقبرة باب المحروق بمدينة فاس (١) .
- ٣ -
قلت أن ابن الخطيب كان يكتب " الكتيبة الكامنة " في جمادى الآخرة من عام ٧٧٤، وعمدتي في ذلك ما قاله هو في كتابه " الورقة: ٨٥ب ": " وكل من ذكر إلى هذا الحد من المشايخ والإعراب، وقد تسابقوا تسابق العراب إلى التراب؟ ومن يجري ذكره بعد هذا فهم بقيد الحياة لتمام جمادى الآخرة عام أربعة وسبعين وسبعمائة ". وتدل مقدمته للكتاب أيضا على انه كتبه وهو في سن عالية، وانه كان قد تخلى عن الحياة السياسية واستكمل دوره: " واستوعبت من صحبة المغرب حصتي، وختمت بالدعاء قصتي، ونزلت عن منصتي، وابتلعت غصتي ".
لكن يبقى هنالك أشكالا لابد من أثارته، وهو أن لسان الدين ذكر كتابه: " الكتيبة الكامنة في أدباء المائة الثامنة " في ثبت كتبه الذي أورده في كتاب الإحاطة (٢) . ونحن نعلم أن ابن الخطيب بدا تأليف الإحاطة في دور مبكر من حياته لعله يرقى إلى عام ٧٥٥هـ؟. ألا أن هذا الأشكال ينتفي إذا نحن تذكرنا أن الإحاطة لم يكتب دفعة واحدة، فحتى سنة ٧٦٣ كان ابن الخطيب قد جعله في مجلدات ستة،
_________
(١) تاريخ ابن خلدون ٧: ٣٤١ والنفح ٧: ٣٨ - ٣٩.
(٢) النفح ٨: ٣٠٣.
1 / 11
قال ابن الأحمر: " ولما عاد ابن الخطيب إلى الأندلس بعودة جدنا الغني بالله تعالى ملكه عام ثلاثة وستين وسبعمائة، تلاحقت الفروع من كتاب الإحاطة بالأصول، أنجز من التبحر فيه الوعد الممطول، ووضعت بخناقاه سعيد السعداء النسخة المتممة من اثني عشر سفرا " (١) . وفي تراجم الإحاطة ما يشير إلى أن المؤلف ظل يضيف إليها حتى عام ٧٧١هـ ولا نستبعد أن يكون قد زاد فيها بعد ذلك وكان مما زاد في ترجمته بعض ما جد من كتبه بعد هجرته من الأندلس.
غير أن المقري بعد أن نقل أسماء كتبه من الإحاطة، عاد يقول: ولنذكر ما تأخر تاريخه عن الإحاطة أو أشير أليه فيها مجملا؟ وذكر في جملة هذه الكتب كتاب " الكتيبة الكامنة في شعراء المائة الثامنة "، فأنت ترى إن هذا الكتاب يذكر مرة الإحاطة ويذكر مرة في ما تأخر تأليفه عن الإحاطة مع تغيير في الاسم، ففي المرة الأولى ذكر كلمة " أدباء " وفي المرة الثانية لفظة " شعراء "، فهل الإشارة إلى كتابين أو كتاب واحد؟ أن لسان الدين لم يهتم في الكتاب الذي بين أيدينا بنثر من ترجم لهم وإنما اهتم بإيراد أمثلة من أشعارهم. ومع ذلك فإني استبعد أن يكون قد ألف كتابين باسم " الكتيبة الكامنة "، وإذا كان اهتمامه بالنثر قليلا فما ذلك ألا لأنه دون قسما كبير امن هذا النثر في كتبه الأخرى. أما تغيير العنوان والتصرف به بعض التصرف، فأمر مألوف كثيرا، وهاهو المقري نفسه يورد اسم الكتاب مرة ثالثة على النحو الآتي: " الكتيبة الكامنة في أبناء المائة الثامنة (٢) ".
_________
(١) المصدر نفسه: ٣١٤، وهذه النسخة المذكورة قد أودعت في الخانقاه سنة ٧٦٨هـ؟؟. (انظر النفح أيضا: ٣١٢) .
(٢) النفح ٧ - ٦٦.
1 / 12
ويبدو أن تأليف هذا الكتاب إنما اقترن بإزماع ابن الخطيب أن يؤدي فريضة الحج، وانه صرف إلى المشرق وجه، واخذ يمني النفس برؤية المشاهد الكريمة، والمعاهد التي طاب ثراها " نسأل الله أن يتم علينا فضله باحتلالها، وتسكين الأشواق في ضلالها " ثم يقول معتذرا عن هديته هذه التي يحتقبها إلى المشرق: " وان كان كل جالب مثل هذا إلى البلاد المشرقية - اعز الله اهلها، وامن حزنها وسهلها - جالب نغبة إلى غدير، وحبابة إلى كاس مدير " (١) . فالكتاب في صورته العامة " تقرير " يقدمه ابن الخطيب إلى المشارقة معرفا بشعراء الأندلس المعاصرين على مثال ما فعل ابن سعيد وابن اليسع وابن دحية من قبل: " فجمعت في هذا الكتاب جملة وافرة، وكتيبة ظافرة، ممن لقيناه في بلدنا الذي طوينا جديد العمر في ظله، وطاردنا قنائص الآمال في حرمه وحله ما بين من تلقينا أفادته، أو أكرمنا وفادته، وبين من علمناه وخرجناه، ورشحناه ودرجناه، ومن اصطفيناه ورعيناه، فما أضعناه " (٢) . وفي هذه النية غرض كامن، تدل عليه هذه الكلمات المقتبسة، وذلك أن الكتاب شهادة لابن الخطيب نفسه، بما كان له من مكانة وما أثار من نشاط ادبي، وما أفاض على غيره من فضل، إذ يكاد يكون محور هذا الكتاب هو ابن الخطيب نفسه، ممدوحا أو متفضلا أو مثيرا إلى القول أو مواجها بنكران الجميل.
ثم أن لسان الدين كان قد كتب في عصر الشباب كتابه " التاج المحلى في مساجلة القدح المعلى " وفاته أن يذكر فيه بعض من لم يكن بلغه شئ
_________
(١) الورقة: ٣ب.
(٢) الورقة: ٣ ا.
1 / 13
من إنتاجه، أو من شب في خدمة الأدب، بعد تأليف ذلك الكتاب فجاء كتاب الكتيبة الكامنة زيادة تعريف أو صلة للكتاب الأول، وان اعتمد لسان الدين على التاج نفسه في ذكر بعض التراجم المكررة، كما اعتمد على كتاب له آخر اسمه " الإكليل الزاهر، فيما فضل عند نظم التاج من الجواهر " فكتاب الكتيبة مع هذين الكتابين ومع رابع سماه " النقابة بعد الكفاية " كلها تمثل جانبا من جهد ابن الخطيب في تراجم الشعراء وإيراد نماذج من أشعارهم. وتلتقي هذه الكتب الأربعة في أنها تعتمد السجع محاكاة لما صنعه الفتح ابن خاقان في القلائد والمطمحين (١) . على أني المح عاملا آخر قويا حدا على تأليف هذه الكتاب وهو رغبة لسان الدين في أن يعيد النظر في تقدير الأشخاص الذين تنكروا له مثل القاضي النباهي وابن فركون وابن زمرك وأبي القاسم بن قطبة الدوسي، وان يكيل لهم من الذم ما يشفي به بعض غليله، ويصحح آراءه التي سجلها فيهم من قبل في الإحاطة وغيرها من كتبه ورسائله، وحسبك أن تقارن مثلا بين ما كتبه في ظهير بتولية ابن الحسن القضاء وفي ترجمته له في الإحاطة وفي الإشارات التي دونها عنه في مواضع أخرى منها (٢) وبين ترجمته في الكتيبة " لجعسوس " (٣) حتى ترى مبلغ التغير الذي أصاب نظرة ابن الخطيب نحو صديق قديم، ومثل ذلك
_________
(١) انظر كلام المقري عن هذه الناحية في النفح ٨: ٣٢٦.
(٢) انظر الظهير في النفح ٧: ٥٩، وقد ذكر ابن الحسن في ترجمته للسلطان محمد بن يوسف بن نصر (الإحاطة ٢: ١٩) فقال: ثم قدم الفقيه القاضي الحسيب أبا الحسن علي عبد الله بن الحسن عين الأعيان ببلدة مالقة والمخصوص برسم التجلة والقيام بوظيفة العقد والحل بها في الدولة الأولى.. فسدد وقارب وحمل الكل واحسن فصاحة الخطبة واكرم المشيخة وارضى، واستشعر النزاهة، ولم يقف في حسن التاتي عند غاية؟ الخ.
(٣) هي الترجمة رقم: ٥٠ في هذا الكتاب.
1 / 14
موقفه من سائر الأشخاص الذين تنكروا له وتأمروا عليه. وإذا كان ابن الخطيب ملوما من الزاوية التاريخية فأولئك الأشخاص يتلقون قدرا مكافئا من اللوم. هذا ابن زمرك الذي حرق البخور الكثير على أعتاب أستاذه تحين كل فرصة بعد تغير الحال لينحي عليه بالذم في قصائده ويعرض به تقربا إلى السلطان، أنها أزمة لم تحرق ابن الخطيب وحده بنارها بل حرقت خصومه أيضا.
ترجم ابن الخطيب في كتاب الكتيبة الكامنة لثلاثة أشخاص ومائة جعلهم في قسمين كبيرين: الذين قضوا نحبهم قبل تأليف الكتاب (من رقم ١ ٨٤) والذين كانوا ما يزالون على قيد الحياة عند تأليفه (من رقم ٨٥ - ١٠٣) . وفي هذه القسمة شئ من التجوز فان بعض الذين ترجم لهم في القسم الأول وعاشوا بعد وفاة الخطيب نفسه مثل القاضي النباهي. ثم قسم المترجمين حسب ما غلب على كل واحد منهم فجاءوا في الطبقات آلاتية:
١ - طبقة الخطباء والصوفية (١ - ١٩) وحظهم في الإجادة قليل.
٢ - طبقة المقرئين والمدرسين (٢٠ - ٣٠) وهم اقل شانا من الطبقة السابقة في باب الشعر.
٣ - طبقة القضاة (٣١ - ٥٤) وهي طبقة منحطة في البيان لاقتصار مداركها على علوم الأديان ويندر فيها المجيد.
٤ - طبقة من خدم أبواب الأمراء من الكتاب والشعراء (٥٥ - ١٠٣) وربما كانوا متميزين بالإجادة اكثر من أفراد الطبقات السابقة.
وإذا قارنا هذا العدد بما احتواه " التاج المحلى " وجدنا أن الكتيبة تنقص عن التاج بمقدار سبعة تراجم، فهل هذا كل ما أدرجه لسان الدين في الكتيبة؟ أن النسخ التي اعتمدناها في تحقيقها لا تختم بشيء يشير إلى
1 / 15
نهاية الكتاب، وقد ورد في هامش آخر ورقة من النسخة ك: " يوجد في الأصول المكتوب منها بطرتها ما نصه: " إلى هنا توجد هذه الكتيبة ولعل مؤلفها اخترمته المنية قبل تمامها، والله تعالى اعلم ". لعل لسان الدين لم يشغل عن إتمام الكتيبة لأنه عاش ليكتب لعدها أعمال الأعلام، وإنما تقاعس عن إتمامها لان رحلته إلى المشرق لم تتم، وفترت حماسته بفقدان الغاية الأولى التي ألف الكتاب من اجلها: ثم إذا صح أن نسخ الكتيبة جميعا تقف عند الترجمة رقم: ١٠٣ فلعل المؤلف شاء أن يتركها دون خاتمة لأنه عهد إلى ابنه عبد الله أن يكملها فقد قال في ترجمة ابنه هذا: " فحسبي أن اقدم منه على تذييل هذا الكتاب بعدي وكيلا، يوفي منه مكيلا، وينكل الحسدة تنكيلا " (١) .
- ٤ -
وإذا كان كتاب الكتيبة، لقيامه على السجع، قليل الفائدة من الناحية التاريخية الأخبارية، إذا نحن قارناه بكتاب الإحاطة، فانه يقدم لنا صورة عن جانب من الحياة الأدبية في القرن الثامن بالاندلس، وعن الاتجاهات التي كان الشعر يسلكها حينئذ، وإذا لمس القارئ ضعف النماذج الأدبية فليذكر أن هذا الشعر حصيلة القرن الثامن، وليحاول أن يستعيد إلى ذاكرته صورة الشعر في هذا القرن في المشرق نفسه، فانه يكون حينئذ اقرب إلى الأنصاف في حكمه.
_________
(١) انظر الترجمة رقم: ٩٤.
1 / 16
وليس يستقل كتاب الكتيبة الكامنة بإعطاء صورة عن الأدب الأندلسي حينئذ لأنه ليس إلا حلقة واحدة من عدة حلقات إذا نحن جمعناها معا تكاملت جوانب الصورة أصبحت أتم وأوضح، ومن تلك الحلقات مؤلفات لسان الدين الأخرى كالتاج والإكليل والنقاية والإحاطة وعائد الصلة ونفاضة الجراب. ولكن لسان الدين لا يستقل بالإحساس بعصره وبالتوفر على تدوين ظواهره الأدبية - وان تميز بالإكثار من ذلك - بل لعل القرن الثامن في الأندلس والمغرب كان عصر هذا الشعور بالتاريخ المعاصر يومئذ ولابد لمن شاء أن يستكمل صورته من الوقوف على حلقات أخرى تمثلها المؤلفات الآتية:
١ - فهرسة أبي عبد الله الحضرمي.
٢ - فهرسة أبي زكريا السراج.
٣ - المؤتمن في أنباء من لقيه من أبناء الزمن لأبي البركات ابن الحاج.
٤ - نثير فرائد الجمان في من نظمني وإياه الزمان لابن الأحمر.
٥ - تراجم المعاصرين من أبناء القرن الثامن في مراقبة العليا للنباهي ومزية المرية لابن خاتمة.
٦ - كتب مفردة في التراجم مثل " التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا " لابن خلدون نفسه، والبقية والمدرك من شعر ابن زمرك لابن الأحمر، وتنبيه الساهي على طرف النباهي، وخلع الرسن في أمر القاضي ابن الحسن لابن الخطيب، وأشباهها. هذا عدا الكتب التاريخية الجامعة الهامة.
وبين هذه الحلقات لابد أن يكون للكتيبة الكامنة مقامه في دراسة الحياة الأدبية بالأندلس والمغرب في القرن الثامن الهجري.
1 / 17
وقد قمت بتحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ:
(١) النسخة " ك " وهي رقم ٢٢٩١ بالمكتبة الكتانية. كتبت بخط مغربي واضح وجميل، مشكول بعض الشكل، جيدة الضبط وعلى هامشها رواية من نسخة أخرى تتفق في بعض صورها مع النسخة التالية، وتقع في٢١٢ صفحة. تحتوي كل صفحة على ٢١ سطرا، والبياض فيها قليل. وقد اعتمدتها في اغلب القراءات.
(٢) النسخة " د " وهي رقم ١٣٢ بالخزانة العامة بالرباط، وخطها مغربي جميل، وتقع في ٢١١ صفحة وهي أيضا جيدة الضبط، ولولا أن النقص في مواطن منها اكثر مما هو في الأولى لكانت أحق أن تعتمد.
(٣) النسخة " ج " وهي رقم ٥٦ج بالخزانة العامة بالرباط، وتقع في ٢٣٥ صفحة، وتتفق مع ك كثيرا، إلا إن المواضع التي تعسر قراءتها من ك قد تركت فيها بياضا، لذلك كانت اقل قيمة من النسختين السابقتين، ولعلها اشتركت مع ك في الأصل الذي نقلت عنه النسختان.
وبعد أن قمت بالمقارنة بين النسختين عرضت الكتاب على المصادر المتيسرة وزودته بالتعليقات التي وجدتها لازمة. راجيا بتقديمه المشاركة بشيء من الجهد المتواضع في بعث اثر من آثار ابن الخطيب، التي تمثل " مكتبة " كاملة، تستحق العناية والاهتمام والنشر العلمي المحقق.
إحسان عباس
1 / 18
مراجع التحقيق
الإحاطة في أخبار غر ناطة ج؟ ١ تحقيق الأستاذ محمد عبد الله عنان ط. دار المعارف بمصر.
الإحاطة في أخبار غر ناطة (الجزء١، ٢) ط. مصر ١٣٢٩.
أعمال الإعلام تحقيق الأستاذ ل. بروفنسال، ط. بيروت ١٩٥٥.
اللمحة البدرية في الدولة النصرية ط. السلفية ١٣٤٧.
أزهار الرياض (١ - ٣) للمقري تحقيق الأستاذ السقا والابياري وشلبي، لجنة التأليف ١٩٣٩، ١٩٤٢.
نفح الطيب (١ - ١٠) للمقري بعناية الشيخ محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية ١٩٤٩.
الديباج المذهب لابن فرحون ط. مصر.
نيل الابتهاج (على هامش الديباج) .
نيل الابتهاج للتنبكي ط، فاس.
بغية الوعاة للسويطي ط. الخانجي بمصر.
المرقبة العليا للنباهي تحقيق الأستاذ ل. بروفنسال، ط. دار الكاتب المصري.
الدرر الكامنة لابن حجر. ط. حيدر آباد الدكن.
التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا تحقيق الأستاذ محمد بن تاويت الطنجي ط. لجنة التأليف ١٩٥١.
رحلة البلوي المسماة تاج المفرق في تحلية علماء المشرق (نسخة خطية رقم ١٠٧٥ جغرافيا بدار الكتب المصرية) .
مسالك الأبصار للعمري (ج١١) نسخة خطية رقم ٢٧٩٧ بمكتبة طوبقبو سراي.
1 / 19
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد واله وسلم
(اللهم الإعانة على التمام بجاه سيد الأنام، عليه افضل الصلاة وأزكى السلام) (١) .
_________
(١) هامش ك.
1 / 25