نعم وقد عرفت أيها الطالب الرشاد أن النفس تأتي على تلك الأربعة المعاني المذكورة عن السيد المحقق رحمه الله، وأن من معانيها هذه النفس المقارنة للعقل والمفارقة له فيما ذكر، وبذلك يعلم أن إطلاقها على الله تعالى لا يصح بهذا المعنى، وإنما المراد بها إلا المشاكلة للنفس الحقيقية في قول عيسى عليه السلام {تعلم ما في نفسي { أو كناية عن العلم الواجب له تعالى، فالمشاكلة حينئذ مع التركيب لأن علم الله لا يصح أن يقوم بنفس له تعالى كما قام بنفس الإنسان، والمعنى من الآية ما ذكره المؤلف عليه السلام من قوله: والمراد تعلم ما في سري وغيبي ولا أعلم سرك وغيبك، وحكى شيخنا رحمه الله تعالى عن الإمام قاموس العترة محمد بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام: أنه من مجاز الزيادة في القول، أي تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم، قال: وقال الإمام في الأساس: إنه من المشاكلة، وهو الظاهر من كلام الأئمة ويمكن أن يرد إليه جميع التفاسير، [ ووجهه: ] في قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك } [الرحمن:27]، {كل شيء هالك إلا وجهه } [القصص:88]، [ ذاته ] تعالى [ ونفسه، ] كما تقول: هذا وجه الرأي ونفس الصواب - أي ذات الرأي ونفسه-، وعطف النفس على الذات هنا من باب عطف الترادف، وكما يقول المتوجه في الصلاة: وجهت وجهي -أي ذاتي -، وأنشد الهادي عليه السلام:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت .... له الأرض تحمل صخرا ثقالا
ويستعمل الوجه بمعنى: أول الشيء كما قال تعالى: { وجه النهار } [آل عمران:72]، أي أوله، وبمعنى القصد والإرادة كقوله تعالى: {ومن يسلم وجهه إلى الله} [لقمان:22]، {فأقم وجهك للدين } [الروم:30]، وكقول الشاعر:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه .... رب العباد إليه الوجه والعمل
ويستعمل أيضا بمعنى: الجهة والحيثية كما في قول الشاعر:
صفحة ٢٥٦