الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

الفقيه العزي محمد بن يحيى مداعس ت. 1351 هجري
209

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

فصل في معان بعض آيات من المتشابه الذي تعلقت المجسمة بظاهره

ولما فرغ عليه السلام من الكلام على أن الله تعالى لا يشبه الأشياء ولا يجوز عليه تعالى ما يجوز عليها، تكلم في معان بعض آيات من المتشابه الذي تعلقت المجسمة بظاهره.

اعلم أولا أن الحكمة في إنزال المتشابه ووروده في الكتاب ووروده في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعلى آله الكرام من وجوه:

أحدها: الزيادة في البلوى على عباده والمحنة لهم وتعبدهم وتكليفهم بالنظر والفحص لاستخراج الوجه البليغ الأنسب بجلاله وعظيم كبريائه عز وجل، فيزدادوا بمعرفته إيمانا إلى إيمانهم، ويقينا إلى يقينهم، ويكتب لهم الثواب الجليل، والأجر الجزيل باستخراج ذلك الوجه، وبالمباحثة والمراجعة بين العلماء رحمهم الله والمناظرة بالإنصاف وقول التي هي أحسن، ويتعبدهم جميعا بتعبدات العارف بالإيضاح والبيان وإزاحة الإشكال، والجاهل المتمكن من النظر بالاستيضاح وطلب البرهان والتواضع للاسترشاد والسؤال، ويتعبد من لم يتمكن من النظر في المتشابهات بالإيمان الجملي وهو الاعتقاد أنها من عند الله وأنها حق لا باطل فيها وإن لم يعرف معانيها، ولو لم يكن إلا هذا الوجه لإنزال المتشابه لكفى في حسنه ودخوله في دائرة الحكمة الربانية والمصالح الدينية.

صفحة ٢٣٤