33

الكشف والبيان

محقق

الإمام أبي محمد بن عاشور

الناشر

دار إحياء التراث العربي

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢

سنة النشر

هـ - ٢٠٠٢ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

ولهت نفسي الطروب إليهم ... ولها حال دون طعم الطعام «١» فكأنه سمّي بذلك لأن القلوب تولّه لمحبّته وتضطرب وتشتاق عند ذكره. وقيل: معناه: محتجب لأن العرب إذا عرفت شيئا، ثم حجب عن أبصارها سمّته إلها، قال: لاهت العروس تلوه لوها، إذ حجبت. قال الشاعر: لاهت فما عرفت يوما بخارجة ... يا ليتها خرجت حتّى رأيناها «٢» والله تعالى هو الظاهر بالربوبيّة [بالدلائل والأعلام] وهو المحتجب من جهة الكيفيّة عن الأوهام. وقيل: معناه المتعالي، يقال: (لاه) أي ارتفع. وقد قيل: من [إلا هتك]، فهو كما قال الشاعر: تروّحنا من اللعباء قصرا «٣» ... وأعجلنا الألاهة أن تؤوبا «٤» وقيل: هو مأخوذ من قول العرب: ألهت بالمكان، إذا أقمت فيه، قال الشاعر: ألهنا بدار ما تبين رسومها ... كأن بقاياها وشام على اليد «٥» فكأن معناه: الدائم الثابت الباقي. وقال قوم: [ان يقال] «٦» ذاته وهي قدرته على الإخضاع. وقال الحارث بن أسد المجلسي، أبو عبد الله البغدادي: الله من (ألههم) أي أحوجهم، فالعباد مولوهون إلى بارئهم أي محتاجون إليه في المنافع والمضارّ، كالواله المضطرّ المغلوب. وقال شهر بن حوشب: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وقال أبو بكر الوراق: هو. وغلّظ بعض بقراءة اللام من قوله: (اللَّهِ) حتى طبقوا اللسان به الحنك لفخامة ذكره، وليصرف عند الابتداء بذكره وهو الرب. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، قال قوم: هما بمعنى واحد مثل (ندمان، ونديم) و(سلمان،

(١) لسان العرب: ١٣/ ٥٦١. (٢) تفسير القرطبي: ١٧/ ١٠١. (٣) في اللسان: عصرا. (٤) تفسير الطبري: ٩/ ٣٥، ولسان العرب: ١/ ٢١٩. (٥) تاج العروس: ٩/ ٣٧٥. (٦) كذا في المخطوط.

1 / 98