كشف المشكل من حديث الصحيحين

ابن الجوزي ت. 597 هجري
85

كشف المشكل من حديث الصحيحين

محقق

علي حسين البواب

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

الرياض

على النَّبِي ﷺ، فَغَضب وَقَالَ: " أمتهوكون فِيهَا يَا ابْن الْخطاب؟ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لقد جِئتُكُمْ بهَا بَيْضَاء نقية. لَا تسألوهم عَن شَيْء فيخبركم بِحَق فتكذبوا بِهِ أَو بباطل فتصدقوا بِهِ. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو أَن مُوسَى ﵇ كَانَ حَيا مَا وَسعه إِلَّا أَن يَتبعني ". وَأما آيَة الْحجاب فَإِن النَّبِي ﷺ كَانَ جَارِيا على عَادَة الْعَرَب فِي ترك الْحجاب، حَتَّى أَمر بذلك، وَالَّذِي أَشَارَ بِهِ عمر لم يكن يخفى على رَسُول الله، لكنه كَانَ ينْتَظر الْوَحْي فِي الْأَشْيَاء، وَكَانَ السَّبَب فِي نزُول الْحجاب أَن رَسُول الله ﷺ تزوج زَيْنَب، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا، فَأكل جمَاعَة من الصَّحَابَة عِنْده فِي الْبَيْت وَهِي مولية وَجههَا لحائط، فانتظر رَسُول الله خُرُوجهمْ فَلم يخرجُوا، وجلسوا يتحدثون، فَخرج رَسُول الله فَلم يخرجُوا، ثمَّ عَاد وَلم يخرجُوا، فَنزلت: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم﴾ [الْأَحْزَاب: ٥٣] . وَهَذَا يَأْتِي مشروحا فِي مُسْند أنس إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأما أُسَارَى بدر فَإِن رَسُول الله كَانَ قد اسْتَشَارَ فيهم أَبَا بكر وَعمر، فَأَشَارَ أَبُو بكر بِالْفِدَاءِ، وَأَشَارَ عمر بِالْقَتْلِ، على مَا سَيَأْتِي عَن قريب، فَنزل قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض﴾ [الْأَنْفَال: ٦٧] فَكَانَ ذَلِك على مُوَافقَة عمر. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ خَفِي الصَّوَاب على رَسُول الله وَأبي بكر؟ فَالْجَوَاب لثَلَاثَة أوجه:

1 / 83