كشف المشكل من حديث الصحيحين

ابن الجوزي ت. 597 هجري
133

كشف المشكل من حديث الصحيحين

محقق

علي حسين البواب

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

الرياض

كَانَت عِبَادَته أحسن. وَكَانَ بعض السّلف يَقُول: إِذا تَكَلَّمت فاذكر من يسمع، وَإِذا نظرت فاذكر من يرى، وَإِذا تفكرت فاذكر من يعلم. وَقَوله: فَأَخْبرنِي عَن أمارتها: الأمارة: الْعَلامَة، وَكَذَلِكَ الأمار. وَالْأَمر الْحِجَارَة المنضودة على الطَّرِيق للأمارة. وَقَوله: أَن تَلد الْأمة ربتها: المُرَاد بِهَذَا أَن الْإِسْلَام يظْهر ويستولي أَهله على بِلَاد الْكفْر فيسيبونهم، فَإِذا ملك الْمُسلم الْجَارِيَة فاستولدها كَانَ الابْن بِمَنْزِلَة رَبهَا، وَالْبِنْت بِمَنْزِلَة ربتها، لِأَنَّهُ ولد سَيِّدهَا. وَفِي لفظ: " وَأَن تَلد الْأمة بَعْلهَا ". وَالْمرَاد بالبعل هَاهُنَا: الْمَالِك. وَكَانَ بعض الْعَرَب قد ضلت نَاقَته، فَجعل يُنَادي: من رأى نَاقَة أَنا بَعْلهَا، فَجعل الصّبيان يَقُولُونَ: يَا زوج النَّاقة. وَقَوله: " وَأَن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشَّاء " - وَفِي مُسْند أنس: " رعاء البهم " والعالة: الْفُقَرَاء، والعيلة: الْفقر. والبهم: صغَار الْغنم، وَالْمعْنَى أَن الْعَرَب الَّذين كَانُوا لَا يستقرون فِي مَكَان وَإِنَّمَا كَانُوا ينتجعون مواقع الْغَيْث، يسكنون الْبلدَانِ ويتطاولون فِي الْبُنيان، كل ذَلِك لاتساع الْإِسْلَام. وَفِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث قصَّة آدم ومُوسَى، وفيهَا: " فحج آدم مُوسَى " وَمعنى غَلبه بِالْحجَّةِ. ٧٦ - / ٨٣ - الحَدِيث الْخَامِس: لما كَانَ يَوْم خَيْبَر قتل نفر من أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ، فَقَالُوا: فلَان شَهِيد، وَفُلَان شَهِيد، حَتَّى مروا على رجل فَقَالُوا: فلَان شَهِيد، فَقَالَ النَّبِي ﷺ: " كلا، إِنِّي رَأَيْته فِي النَّار فِي بردة غلها - أَو عباءة " ثمَّ قَالَ: " يَا ابْن الْخطاب،

1 / 131