وذوي اجتبائه، وأمره بالبلاغ، وترك الحفل باهل الزيغ والنفاق، وضمن له عصمته منهم، وكشف من خبايا أهل الريب وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه، فعقله (1) المؤمن والمنافق، فاعن معن، وتثبت (2) على الحق ثابت، وازدادت جهالة المنافق وحمية المارق، ووقع العض على النواجد، والغمز على السواعد، ونطق ناطق، ونعق ناعق (3) ونشق ناشق، واستمر على مارقته مارق، ووقع الاذعان من طائفة باللسان دون حقائق الايمان، ومن طائفة باللسان وصدق الايمان، وأكمل الله دينه، وأقر عين نبيه والمؤمنين والتابعين (4) وكان ما قد شهده بعضهم، وبلغ بعضكم، وتمت كلمة ربك (5) الحسنى على الصابرين، ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون، وبقيت حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا، فيقصدهم الله في ديارهم، ويمحوا آثارهم، ويبيد معالمهم، ويعقبهم عن قرب الحسرات، ويلحقهم عن بسط أكفهم ومد أعناقهم، ومكنهم من دين الله حتى بدلوه، [و] من حكمه حتى غيروه، وسيأتي نصر الله على عدوه لحينه، والله لطيف خبير.
وفي دون ما سمعتهم كفاية وبلاغ، فتأملوا - رحمكم الله - ما ندبكم [الله] (6) وحثكم عليه، واقصدوا شرعه، واسلكوا نهجه، * (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * (7)، هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج، ورفعت الدرج، وضحت الحجج، وهو يوم الايضاح والافصاح عن المقام الصراح، ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقائق الايمان، ويوم دحر الشيطان، ويوم البرهان، هذا يوم الفصل الذي كنتم [به] (8) توعدون، هذا يوم
صفحة ٦٢