..........
وأما الإيجاز فلا يمكن تحقيق معرفته والبحث عن حقيقته إلا بمزيد بحث من علم المعاني والبيان.
ولما تصدينا لشرح كلام المصنف لزمنا البحث عن كل كلمة من كلامه والكشف عن حقيقتها من أي علم كان، ولما سمى كتابه ب«الموجز» لزمنا البحث عن حقيقة الإيجاز وتقرير معرفته من العلم الموضوع له، ولا يمكن تحقيق معرفته إلا بمعرفة ضده، وهو الإطناب، ولا يمكن تحقيق معرفتهما إلا بمعرفة معيارهما، وهو كلام الأوساط، ولا يتم ذلك إلا بإبراز أمثلة هذه الأقسام، فلذلك طال الكلام، ومع ذلك فهو لا يخلو من فوائد غريبة يلتذ [1] بها الناظر، وطرائف عجيبة ينشرح بها الخاطر، خصوصا لمن له انس بعلم الأدب، وله خوض في أشعار العرب، وله فهم باختلاف المعاني عند اختلاف التركيب والمباني، فهو يرتاح إلى هذا الكلام، ويطرب له طرب الشارب للمدام [2].
فنقول- وبالله المستعان-: القول في معرفة حقيقة هذه الأقسام الثلاثة التي هي الإيجاز والإطناب وكلام الأوساط.
وخلاصة ذلك: أن اللفظ بالنسبة إلى المعنى المقصود منه إما أن يساويه أن ينقص عنه أو يزيد عليه، ويسمون المساوي كلام الأوساط قال صاحب (المفتاح): وهو غير محمود في البلاغة (1).
صفحة ٨