أما بعد؛ فإني رأيث الأمر في الدين منعكسا بضده، والتفريط فيه خارجا عن حدره، وصارت الرؤوس أعجازا، والإكثار من الباطل إيجازا (1)، وكثر السفهاء وقل العلماء، واندرس الكاشفون للشبه، وعر الطالبون للسنة، إلا من أدر كه الله جلل بالعصمة وخصه بالتوفيق، وقليل ماهم، والله عجلق بفضله القديم وبره العميم، لا يخلي الأرض من قائل عليم وعالم حكيم، يقول الحق ويدفع الباطل، ولا يدع لذي بدعة قولا يعلو ولا أمرا يسمو، فقال تعالى: {(ولتن منحم أمه يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروفي وينهون عن ألمنگر وأولكيك هم المفلحون} [آل عمران: 104]، فلا معروف أفضل من السنة، ولا منگر أشد من البدعة.
وقد تفضل الله عبلك وأظهر لكل طائفة من المبتدعة ما نفر عنهم قلوب العامة ويبعدهم عن العلم والتعليم الذي هو أصل الشريعة وقوام الملة، وأصل الشريعة وقوام الملة على آية محكمة، أو شنة قائمة، أو فريضة عادلة.
قال: ولم تزل المبتدعة هذه أوصافهم حتى نشأ علك بن أبي بشر المنتمي إلى أبي موسى الأشعري، وليس مايدعيه في نسبه بنافعه في دينه، لأن الأنبياء والصديقين رضوان الله عليهم أجمعين ولدوا الكفار وعبدة الأوثان، وقد قال الله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحا وابرهيم وجعلنا فى ذريتهما الثبوة وألكتب فينهم مهتد وكثير منهم فليفون) [الحديد:26]، وآدم أبو البشر التلنة الأغلب على أولاده الگفر والجحود.
صفحة ١٠٢