وزاد فيه وكذلك عثمان رضي الله عنه بعده بنى المسجد بماله وزاد فيه وبالغ في تزيينه فدل أن ذلك لا بأس به وإن تأويل ما روي بخلاف هذا ما أشار إليه في آخر الحديث وقلوبهم خاوية من الإيمان أي يزينون المساجد ولا يداومون على إقامة الصلاة فيها بالجماعة أو المراد التزيين بما ليس بطيب من الأموال أو على قصد الرياء والسمعة فعلى ذلك يحمل ليكون جمعا بين الآثار وهذ كله إذا فعل المرء هذا بمال نفسه مما اكتسبه من حلة فأما إذا فعله بمال المسجد فهو آثم في ذلك وإنما يفعل بمال المسجد ما يكون فيه إحكام البناء فأما التزين فليس من إحكام البناء في شيء حتى قال مشايخنا رحمهم الله للمتولي أن يجصص الحائط بمال المسجد وليس له أن ينقش الجص بمال المسجد ولو فعله كان ضامنا لأن في التجصيص إحكام البناء وفي النقش بعد التجصيص توهين البناء لا إحكامه فيضمن المتولي ما ينفق على ذلك من مال المسجد
قال ألا ترى الرجل قد يبني لنفسه دارا وينقش سقفها بماء الذهب فالا يكون آثما في ذلك يريد به أنه فيما ينفق على داره للتزيين يقصد به منفعة نفسه خاصة وفيما ينفق على المسجد للتزيين منفعته ومنفعة غيره فإذا جاز له أن يصرف ماله إلى منفعة نفسه بهذا الطريق فلإن يجوز صرفه إلى منفعته ومنفعة غيره كان أولى وقد أمرنا في المساجد بالتعظيم ولا شك أن معنى التعظيم يزداد بالتزيين في قلوب بعض الناس من العوام فيمكن أن يقال بهذا الطريق يؤجر على ما فعله وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يثاب المؤمن على إنفاق ماله في كل شئ إلا في البنيان زاد في بعض الروايات ما خلا المساجد فإن ثبتت هذه الزيادة فهو دليل
صفحة ١١٨