الكامل في التاريخ
محقق
عمر عبد السلام تدمري
الناشر
دار الكتاب العربي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
التاريخ
[ذِكْرُ الْأَحْدَاثِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ]
قَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ نُوحٍ، وَأَمْرِ وَلَدِهِ وَاقْتِسَامِهِمُ الْأَرْضَ بَعْدَهُ، وَمَسَاكِنِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ، فَكَانَ مِمَّنْ طَغَى وَبَغَى فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، هَذَانِ الْحَيَّانِ مِنْ وَلَدِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، أَحَدُهُمَا عَادٌ، وَالثَّانِي ثَمُودُ.
فَأَمَّا عَادٌ فَهُوَ عَادُ بْنُ عُوضِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامٍ بْنِ نُوحٍ، وَهُوَ عَادٌ الْأُولَى، وَكَانَتْ مَسَاكِنُهُمْ مَا بَيْنَ الشِّحْرِ، وَعُمَانَ، وَحَضْرَمَوْتَ بِالْأَحْقَافِ، فَكَانُوا جَبَّارِينَ طِوَالَ الْقَامَةِ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُمْ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً، فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ هُودَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ الْجُلُودِ بْنِ عَادِ بْنِ عُوضٍ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ هُودٌ وَهُوَ غَابِرُ بْنُ شَالَخَ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَكَانُوا أَهْلَ أَوْثَانٍ ثَلَاثَةٍ، يُقَالُ لِأَحَدِهَا ضُرَا، وَلِلْآخَرِ ضَمُورُ، وَلِلثَّالِثِ الْهَبَا، فَدَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَتَرْكِ ظُلْمِ النَّاسِ، فَكَذَّبُوهُ، وَقَالُوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً! وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهُودٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ.
وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: إِنَّ عَادًا أَصَابَهُمْ قَحْطٌ تَتَابَعَ عَلَيْهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ هُودًا، فَلَمَّا أَصَابَهُمْ قَالُوا: جَهِّزُوا مِنْكُمْ وَفْدًا إِلَى مَكَّةَ يَسْتَسْقُونَ لَكُمْ، فَبَعَثُوا
1 / 79