الكامل في التاريخ

ابن الأثير ت. 630 هجري
56

الكامل في التاريخ

محقق

عمر عبد السلام تدمري

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

التاريخ
[ذِكْرُ مُلْكِ جَمْشِيدَ] وَأَمَّا عُلَمَاءُ الْفُرْسِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مَلَكَ بَعْدَ طَهْمُورُثَ جَمْشِيدُ، وَالشِّيدُ عِنْدَهُمُ الشُّعَاعُ، وَجَمُّ الْقَمَرُ، لَقَّبُوهُ بِذَلِكَ لِجَمَالِهِ، وَهُوَ جَمُّ بْنُ وَيُونْجَهَانَ، وَهُوَ أَخُو طَهْمُورُثَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَلَكَ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ وَسُخِّرَ لَهُ مَا فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَعَقَدَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَمَرَ لِسَنَةِ مَضَتْ مِنْ مُلْكِهِ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ مِنْهُ بِعَمَلِ السُّيُوفِ وَالدُّرُوعِ وَسَائِرِ الْأَسْلِحَةِ وَآلَةِ الصُّنَّاعِ مِنَ الْحَدِيدِ، وَمِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ مِنْ مُلْكِهِ إِلَى سَنَةِ مِائَةٍ بِعَمَلِ الْإِبَرَيْسَمِ، وَغَزْلِهِ، وَالْقُطْنِ، وَالْكَتَّانِ، وَكُلِّ مَا يُسْتَطَاعُ غَزْلُهُ وَحِيَاكَةُ ذَلِكَ وَصَبْغُهُ أَلْوَانًا وَلُبْسُهُ، وَمِنْ سَنَةِ مِائَةٍ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ صَنَّفَ النَّاسَ أَرْبَعَ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةَ مُقَاتِلَةٍ، وَطَبَقَةَ فُقَهَاءَ، وَطَبَقَةَ كُتَّابٍ، وَصُنَّاعٍ، وَطَبَقَةَ حَرَّاثِينَ، وَاتَّخَذَ مِنْهُمْ خَدَمًا، وَوَضَعَ لِكُلِّ أَمْرٍ خَاتَمًا مَخْصُوصًا بِهِ، فَكَتَبَ عَلَى خَاتَمِ الْحَرْبِ: الرِّفْقُ وَالْمُدَارَاةُ، وَعَلَى خَاتَمِ الْخَرَاجِ: الْعِمَارَةُ وَالْعَدْلُ، وَعَلَى خَاتَمِ الْبَرِيدِ وَالرُّسُلِ: الصِّدْقُ وَالْأَمَانَةُ، وَعَلَى خَاتَمِ الْمَظَالِمِ: السِّيَاسَةُ وَالِانْتِصَافُ، وَبَقِيَتْ رُسُومُ الْخَوَاتِيمِ حَتَّى مَحَاهَا الْإِسْلَامُ. وَمِنْ سَنَةِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ حَارَبَ الشَّيَاطِينَ وَأَذَلَّهُمْ وَقَهَرَهُمْ وَسُخِّرُوا لَهُ. وَمِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَكَّلَ الشَّيَاطِينَ بِقَطْعِ الْأَحْجَارِ وَالصُّخُورِ مِنَ الْجِبَالِ وَعَمَلِ الرُّخَامِ، وَالْجَصِّ، وَالْكَلْسِ، وَالْبِنَاءِ بِذَلِكَ الْحَمَّامَاتِ، وَالنَّقْلِ مِنَ الْبِحَارِ، وَالْجِبَالِ، وَالْمَعَادِنِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَسَائِرِ مَا يُذَابُ مِنَ الْجَوَاهِرِ، وَأَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَالْأَدْوِيَةِ، فَنَفَّذُوا فِي ذَلِكَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ أَمَرَ فَصُنِعَتْ لَهُ عَجَلَةٌ مِنَ

1 / 60