الكامل في التاريخ
محقق
عمر عبد السلام تدمري
الناشر
دار الكتاب العربي
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
التاريخ
[ذِكْرُ مُلْكِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ﵇]
لَمَّا تُوُفِّيَ دَاوُدُ مَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ سُلَيْمَانُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَآتَاهُ اللَّهُ مَعَ الْمُلْكِ النُّبُوَّةَ، وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ وَسَخَّرَ لَهُ الْإِنْسَ، وَالْجِنَّ، وَالشَّيَاطِينَ، وَالطَّيْرَ، وَالرِّيحَ، فَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى مَجْلِسِهِ عَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْرُ وَقَامَ لَهُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ حَتَّى يَجْلِسَ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ، وَالْجِنَّ، وَالشَّيَاطِينَ، وَالطَّيْرَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ زَالَ مُلْكُهُ، وَأَعَادَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَكَانَ أَبْيَضَ جَسِيمًا كَثِيرَ الشَّعَرِ يَلْبَسُ الْبَيَاضَ، وَكَانَ أَبُوهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي حَيَاتِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَصَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ [الأنبياء: ٧٨]، الْآيَةَ. وَكَانَ خَبَرُهُ: أَنَّ غَنَمًا دَخَلَتْ كَرْمًا فَأَكَلَتْ عَنَاقِيدَهُ وَأَفْسَدَتْهُ، فَقَضَى دَاوُدُ بِالْغَنَمِ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ: أَنْ تُسَلِّمَ الْكَرْمَ إِلَى صَاحِبِ الْغَنَمِ فَيَقُومَ
1 / 200