102

الكامل في التاريخ

محقق

عمر عبد السلام تدمري

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

التاريخ
[ذِكْرُ قِصَّةِ لُوطٍ وَقَوْمِهِ]
قَدْ ذَكَرْنَا مُهَاجِرَ لُوطٍ مَعَ إِبْرَاهِيمَ ﵇ إِلَى مِصْرَ، وَعَوْدَهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَمُقَامَ لُوطٍ بِسَدُومَ.
فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِهَا، وَكَانُوا أَهْلَ كُفْرٍ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَرُكُوبِ فَاحِشَةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ - أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ [العنكبوت: ٢٨ - ٢٩] . فَكَانَ قَطْعُهُمُ السَّبِيلَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْمُسَافِرَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ وَيَعْمَلُونَ بِهِ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْخَبِيثَ، وَهُوَ اللِّوَاطَةُ، وَأَمَّا إِتْيَانُهُمُ الْمُنْكَرُ فِي نَادِيهِمْ فَقِيلَ كَانُوا يَحْذِفُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: كَانُوا يَتَضَارَطُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَقِيلَ: كَانَ يَأْتِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي مَجَالِسِهِمْ.
وَكَانَ لُوطٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي يَكْرَهُهَا اللَّهُ مِنْهُمْ مِنْ قَطْعِ السَّبِيلِ، وَرُكُوبِ الْفَوَاحِشِ، وَإِتْيَانِ الذُّكُورِ فِي الْأَدْبَارِ، وَيَتَوَعَّدُهُمْ عَلَى إِصْرَارِهِمْ، وَتَرْكِ التَّوْبَةِ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، فَلَا يَزْجُرُهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَزِيدُهُمْ وَعْظُهُ إِلَّا تَمَادِيًا، وَاسْتِعْجَالًا لِعِقَابِ اللَّهِ إِنْكَارًا مِنْهُمْ لِوَعِيدِهِ، وَيَقُولُونَ لَهُ: ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. حَتَّى سَأَلَ لُوطٌ النُّصْرَةَ عَلَيْهِمْ لَمَّا تَطَاوَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُمْ وَتَمَادِيهِمْ فِي غَيِّهِمْ.

1 / 106