192

الكامل في للغة والأدب

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار الفكر العربي

رقم الإصدار

الطبعة الثالثة ١٤١٧ هـ

سنة النشر

١٩٩٧ م

مكان النشر

القاهرة

وقال مطرف بن عبد الله لابنه: يا عبد الله، العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين وشر السير الحقحقة. قوله: "الحسنة بين السيئتين"، يقول: الحق بين فعل المقصر والغالي. ومن كلامهم: خير الأمور أوسطها. قوله: "وشر السير الحقحقة" وهو أن يستفرغ المسافر جهد ظهره فيقطعه، فيهلك ظهره، ولا يبلغ حاجته. يقال: حقحق السير إذا فعل ذلك. وقال الراجز: وأنبت فعل١ السائر المحقحق وحدثت أن الحسن نفى سابق الحاج وقد أسرع، فجعل يومىء إليه بإصبعه فعل الغازلة وهو يقول: "خرقاء وجدت صوفًا". وهذا مثل من أمثال العرب يضربونه للرجل الأحمق الذي يجد مالًا كثيرًا فيعيث فيه وشبيه بهذا المثل قوله: "عبد وخلى٢ في يديه". ويروى عن رسول الله ﷺ أنه قال: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرًا أبقى". قوله: "متين"، المتين الشديد، قال الله ﷿: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ ٣. وقوله: "فأوغل فيه برفق"، يقول: ادخل فيه، هذا أصل الوغول، ويقال مشتقًا من هذا الرجل الذي يأتي شراب القوم من غير أن يدعى إليه: واغل، ومعناه أنه وغل في القوم وليس منهم، قال امرؤ القيس: حلت لي الخمر وكنت امرأ ... عن شربها في شغل شاغل فاليوم أسقى غير مستحقب٤ ... إثمًا من الله ولا واغل

١ زيادات ر: "فعل" بالنصب الرواية الصحيحة، لأنه مصدر معنى". ٢ الخلى: الرطب من الحشيش. ٣ سورة الأعراف ١٨٣. ٤ المستحقب: الذي يحمل الشيء في الحقيبة.

1 / 195