بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الذي هدانا لمعرفة الحلال والحرام، وأوجب علينا طاعة نبينا محمد سيد الأنام، وندبنا لاتباع شريعته الغراء ومعرفة الأحكام، وأباح لنا النظر إلى وجهه المجيد في دار السلام، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان والآثام. أحمده حمد مقر له بالوحدانية على الدوام، وأشكره شكر عبد أسدل عليه سوابغ الإنعام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي للتفقه في الدين الخاص والعام صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه السادة الأعلام.
وبعد:
فهذا مختصر في الفقه على مذهب إمام الأئمة، ومحيي السنة، والصابر في المحنة الزاهد الرباني والصديق الثاني: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني - سقى الله ضريحه صوب الرحمة والغفران، وحشره مع المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء في دار الأمان -، اجتهدت في تحريره واختصاره وتهذيبه وإيضاحه، مؤملا من الله جزيل الثواب، وأن يحشرني في زمرة نبيه محمد سيد الأحباب. واقتصرت فيه على قول واحد وهو ما اعتمده وصححه معظم الأصحاب، وما عليه الفتوى عند الأئمة المحققين الأنجاب، وسميته: «كافي المبتدي من الطلاب»؛ لأنه بمعونة الملك الوهاب اشتمل على ما يغني عن التطويل والإطناب، والله أسأل أن ينفع به إنه النافع لمن اتقى وأناب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه متاب.
صفحة ٣
كتاب الطهارة
وهي: ارتفاع حدث وما في معناه، وزوال خبث، أو ارتفاع حكم ذلك.
المياه على ثلاثة أقسام:
الأول: طهور، يرفع الحدث ويزيل الخبث الطارئ.
وهو أربعة أنواع:
نوع غير مكروه: وهو الباقي على خلقته، ومنه متغير بمكثه أو بمجاورة ميتة أو بما يشق صونه عنه ما لم يوضع قصدا، ومسخن بشمس أو بطاهر.
ونوع مكروه بلا حاجة: كمتغير بغير ممازج من عود قماري وغيره، أو بدهن، أو ملح مائي، وكمسخن بنجس، ويسير مستعمل في نفل طهارة، وماء بئر بمقبرة. وفي خبث: ماء زمزم.
ونوع لا يرفع حدث رجل وخنثى، ويزيل الخبث، وهو: يسير خلت به مكلفة لطهارة كاملة عن حدث.
ونوع لا يرفع الحدث مطلقا بل يزيل الخبث الطارئ مع تحريمه، وهو المغصوب، وماء آبار ثمود غير بئر الناقة.
الثاني: طاهر لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث، ويستعمل في غيرهما؛ كماء ورد، وطهور تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بطاهر، أو طبخ، أو رفع بقليله حدث، أو انفصل عن محل نجس حكم بطهارته غير متغير، أو حصل في كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء بنية أو غيرها، لكن يجب أن يستعمل ذا، وما خلت به أولى منه إن عدم غيرهما، ثم يتيمم.
الثالث: نجس، يحرم استعماله مطلقا إلا لضرورة كغصة ونحوها، وهو ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير، أو لاقاها في غيره وهو يسير، أو انفصل عن محل نجس لم يطهر، فإن لم يتغير بها الكثير، لم ينجس إلا ببول آدمي أو عذرته المائعة ما لم يكن مما يشق نزحه كمصانع طريق مكة.
وحكم جار كراكد.
صفحة ١٧
والكثير قلتان، واليسير ما دونهما، وهما: خمسمائة رطل عراقي تقريبا، ومائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل بالدمشقي، وأحد وسبعون رطلا وثلاثة أسباع رطل بالبعلي. ومساحتهما مربعا ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا، ومدورا: ذراع طولا، وذراعان ونصف عمقا.
فإن زال تغير نجس كثير بنفسه، أو أضيف إليه ماء طهور كثير وزال التغير، أو نزح منه فبقي بعد كثير غير متغير طهر.
وغير الماء من المائعات ينجس بأقل نجاسة مطلقا.
ويعمل بيقين في كثرة ماء وقلته وطهارته ونجاسته.
ولو اشتبه طهور مباح بمحرم أو نجس: تيمم وجوبا بلا تحر ولا إعدام، أو بطاهر: توضأ مرة من ذا غرفة ومن ذا غرفة وصلى صلاة واحدة، أو ثياب طاهرة مباحة بنجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجسة أو المحرمة وزاد صلاة. ويلزم من علم نجاسة شيء إعلام من أراد استعماله.
فصل
ويحرم اتخاذ واستعمال إناء ذهب أو فضة ومضبب بهما على ذكر وأنثى مطلقا، وتصح الطهارة منه، وتباح ضبة يسيرة من فضة لحاجة، وتكره مباشرتها بلا حاجة، وكل إناء طاهر غير ذلك مباح ولو ثمينا، إلا جلد آدمي وعظمه.
وما لم تعلم نجاسته من آنية كفار، وثيابهم: مباح مطلقا.
وجلد الميتة النجسة نجس ولو دبغ، ويحل استعماله بعده في يابس إذا كان من حيوان طاهر في الحياة، ولبنها وكل أجزائها نجسة غير شعر ونحوه، وبيضها إن صلب قشره طاهر، والمنفصل من حي كميتته.
فصل
والاستنجاء واجب من كل خارج، إلا الريح والطاهر وغير الملوث.
صفحة ١٨
وهو من شروط الوضوء والتيمم.
وسن عند دخول خلاء قول: «بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»، وبعد خروجه منه: «غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني»، وتغطية رأس، وانتعال، وتقديم الرجل اليسرى دخولا، والاعتماد عليها حال الجلوس، واليمنى خروجا، عكس مسجد ونعل ونحوهما، وبعد في فضاء، وطلب مكان رخو لبول، ومسح الذكر بيد يسرى إذا انقطع البول من أصله إلى رأس ثلاثا، ونتره ثلاثا.
وكره دخول خلاء بما فيه ذكر الله، وكلام فيه لغير حاجة، ورفع ثوب قبل دنو من الأرض، وبول في شق ونحوه، ومس فرجه بيمينه حتى باستنجاء أو استجمار إلا لحاجة، واستقبال النيرين.
وحرم استقبال قبلة واستدبارها في غير بنيان، ولبثه فوق الحاجة، وبول في طريق مسلوك ونحوه، وتحت شجرة مثمرة ثمرا مقصودا.
وسن استجمار ثم استنجاء بماء، وإن اقتصر على أحدهما جاز، وعلى الماء أفضل، وبداءة ذكر وبكر بقبل، وتخير ثيب.
ولا يصح استجمار إلا بطاهر ناشف مباح منق، وحرم بروث وعظم وطعام وذي حرمة ومتصل بحيوان، وشرط له عدم تعدي خارج موضع العادة، وثلاث مسحات منقية فأكثر، ومتى جاوز الثلاث سن قطع على وتر.
فصل
يسن السواك بعود لين رطب منق غير مضر كل وقت، إلا لصائم بعد الزوال فيكره، ويتأكد عند صلاة ونحوها، وانتباه، وتغير فم ونحوه. وسن كونه عرضا بالنسبة إلى الأسنان، وبداءة بالأيمن فيه، وفي طهوره وشأنه كله. وادهان غبا، واكتحال في كل عين ثلاثا، ونظر في مرآة، وتطيب، واستحداد، وحف شارب، وتقليم ظفر، ونتف إبط، وتسريح شعر ، وإعفاء لحية.
وكره قزع، ونتف شيب، وثقب أذن صبي، وتسوك بعود آس ورمان وزكي الرائحة وطرفاء وقصب ونحوه.
صفحة ١٩
ويجب ختان ذكر وأنثى بعد بلوغ مع أمن الضرر، ويسن قبله، ويكره من الولادة إلى السابع وفيه.
فصل
فروض الوضوء ستة:
غسل الوجه؛ ومنه: فم، وأنف.
واليدين.
والرجلين.
ومسح الرأس.
والترتيب.
والموالاة؛ وهي أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله، يليه بزمن معتدل.
والنية شرط لكل طهارة شرعية؛ إلا إزالة خبث وغسل كتابية، وتغتسل مسلمة ممتنعة قهرا بلا نية، لكن لا تصلي به، ومجنونة من حيض ونفاس وينوى عنها، وقصد رفع الحدث، أو استباحة ما تجب له الطهارة، فلو نوى ما تسن له؛ كقراءة، وأذان، أو التجديد إن سن بأن صلى بينهما ناسيا حدثه ارتفع، ومن نوى مسنونا أو واجبا أجزأ عن الآخر، والسنة: الغسل للواجب ثم المسنون. وإن اجتمعت أحداث توجب الوضوء أو الغسل ونوى أحدها ارتفع الكل، وسن تقديمها على أول مسنون طهارة واستصحاب ذكرها، ويجب استصحاب حكمها وتقديمها على واجبها وهو التسمية، ويضر بزمن كثير.
وصفته:
أن ينوي.
ثم يسمي؛ وهي واجبة: في وضوء، وغسل، وتيمم، وغسل يدي قائم من نوم ليل ناقض لوضوء، وتسقط سهوا أو جهلا، فإن ذكرها في الأثناء سمى وبنى، والاستئناف أفضل.
صفحة ٢٠
ثم يغسل كفيه ثلاثا.
ثم يتمضمض، ويستنشق.
ويغسل وجهه؛ وحده طولا: من منابت شعر رأس معتاد غالبا إلى ما طال من اللحيين والذقن، وعرضا: من الأذن إلى الأذن. ويجب غسل شعر خفيف فيه وما تحته، وظاهر كثيف مع ما استرسل منه.
ثم يديه مع مرفقيه.
ثم يمسح كل رأسه مع أذنيه.
ثم يغسل رجليه مع كعبيه، والأقطع من مفصل مرفق وكعب يغسل طرف عضد وساق، ومن دونها ما بقي من محل فرض.
وسننه:
استقبال قبلة.
وسواك.
وغسل يدي غير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء، ويجب ذلك ثلاثا تعبدا، ويسقط سهوا وجهلا.
ومنها بداءة - قبل غسل وجه -: بمضمضة، فاستنشاق، وعدم فصل بينهما، ومبالغة فيهما لغير صائم، وفي بقية الأعضاء مطلقا.
وإكثار ماء الوجه.
وتخليل لحية كثيفة، وكذا سائر شعر وجه كثيف.
وأخذ ماء جديد لمسح أذن، وكونه بعد رأس.
وتخليل الأصابع.
صفحة ٢١
ومجاوزة محل الفرض.
والتيامن.
وثانية، وثالثة، وكره أكثر، ونفض الماء عن الأعضاء، ويباح تنشيفها والمعونة.
وسن بعد فراغ: رفع بصره إلى السماء وقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، سبحانك وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك».
فصل
يجوز المسح على:
خف ونحوه.
وعمامة ذكر محنكة أو ذات ذؤابة، وخمر نساء مدارة تحت حلوقهن، لا قلانس ونحوها.
وعلى جبيرة لم تتجاوز قدر الحاجة إلى حلها، وإن جاوزته أو وضعها على غير طهارة لزم نزعها، فإن خاف الضرر تيمم مع مسح موضوعة على طهارة، ولا يمسح غيرها في الكبرى.
ويمسح مقيم وعاص بسفره من حدث بعد لبس يوما وليلة، ومسافر سفر قصر مباحا ثلاثة بلياليهن، فإن مسح في سفر ثم أقام، أو عكس، أو شك في ابتدائه، فكمقيم، وإن أحدث ثم سافر قبل المسح، فكمسافر.
وشرط: تقدم كمال الطهارة بماء؛ ولو تيمم فيها عن جرح، وستر ممسوح محل فرض وثبوته بنفسه، وإمكان مشي به عرفا، وطهارته، وإباحته، وإن لبس عليه آخرا قبل حدث وكانا صالحين مسح أيهما شاء وبعده التحتاني، ويتعين صالح وحده.
ويجب مسح أكثر دوائر عمامة، وأكثر ظاهر قدم خف، وجميع جبيرة، وإن ظهر بعض محل فرض أو تمت المدة استأنف الطهارة.
صفحة ٢٢
فصل نواقض الوضوء ثمانية: خارج من سبيل مطلقا حتى لو ظهر رأس مصران أو دودة نقض، وخارج من بقية بدن من بول وغائط، وكثير نجس غيرهما، وزوال عقل - إلا نوم النبي صلى الله عليه وسلم، واليسير عرفا من قائم وقاعد لا مع استناد واحتباء واتكاء، ومس فرج آدمي متصل، أو حلقة دبره، أو قبل خنثى مشكل بيده، ولمس ذكر أو أنثى الآخر مع شهوة بلا حائل، لا لشعر وسن وظفر، ولا بها ولا من دون سبع ورجل لأمرد ، ولا ينتقض وضوء ملموس مطلقا، وغسل ميت، وأكل لحم أبل، والردة، وكل ما أوجب غسلا غير موت.
فصل
ومن شك في طهارة أو حدث بنى على يقينه، وإن تيقنها وجهل أسبقهما، فعلى ضد حاله قبلهما.
ويحرم على محدث مس مصحف، وصلاة، وطواف، وعلى جنب ونحوه ذلك، وقراءة قرآن، ولبث في مسجد بغير وضوء.
فصل
موجبات الغسل سبعة: خروج مني من مخرجه، ويعتبر تدفق ولذة في غير نائم ونحوه، وانتقاله، فلو اغتسل له ثم خرج، لم يعد، وتغيب حشفة أصلية في فرج أصلي - ولو دبر بهيمة، أو ميت - بلا حائل، وإسلام كافر، وموت، وحيض، ونفاس، لا ولادة بلا دم.
وسن غسل لجمعة، وعيد، وكسوف، واستسقاء، وجنون، وإغماء لاحتلام معهما، واستحاضة لكل صلاة، وإحرام، ودخول مكة وحرمها، ووقوف بعرفة، وطواف زيارة، ووداع، ومبيت بمزدلفة، ورمي جمار.
والغسل: كامل، ومجزئ.
فالكامل: أن ينوي، ثم يسمي، ثم يغسل كفيه ثلاثا، وما لوثه، ويتوضأ، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثا، ثم بقية جسده ثلاثا، ويدلك، ويتيامن، ويعيد غسل رجليه في مكان آخر.
والمجزئ: أن ينوي، ثم يسمي، ثم يتمضمض ويستنشق ويعم بالماء بدنه.
صفحة ٢٣
وتنقض المرأة شعرها لحيض لا جنابة إذا روت أصوله.
وسن توضؤ بمد - وهو رطل وثلث بالعراقي، وثلاث أواق وثلاثة أسباع أوقية بالدمشقي، وأوقيتان وسبعا أوقية بالبعلي -، واغتسال بصاع - وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي، ورطل وأوقية وخمسة أسباع أوقية بالدمشقي، وتسع أواق وسبع أوقية بالبعلي -.
ورطل العراق: مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم.
وكره إسراف، لا إسباغ بأقل من ذلك، وإن نوى بالغسل رفع الحدثين أو الحدث وأطلق ارتفعا.
وسن لجنب غسل فرجه، والوضوء لأكل وشرب ونوم ومعاودة وطء؛ والغسل لها أفضل.
وكره نوم جنب بلا وضوء.
وأبيح دخول حمام إن أمن النظر إلى عورات الناس ونظرهم إلى عورته، وحرم مع علم ذلك، وكره مع خوفه، وشرط كون للمرأة أيضا عذر من حيض أو جنابة أو حاجة ولا يمكنها الغسل في بيتها.
والله أعلم.
فصل
يصح التيمم بتراب طهور مباح له غبار إذا عدم الماء أو لم يبع إلا بزيادة كثيرة على ثمنه، أو بثمن يعجز، أو خيف باستعماله أو طلبه ضرر ببدن، أو مال، أو رفيق محترم، أو حرمة معصوم من عطش، أو مرض، أو برد، أو لص ونحوها، لا لخشية فوت مكتوبة أو غيرها، إلا إذا وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت، أو علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعده، أو علمه قريبا، أو دله عليه ثقة وخاف دخول وقت الضرورة، أو فوت غرض مباح، ويفعل كل ما يفعل بما سوى نجاسة على غير بدن إذا دخل وقت فرض وأبيح غيره، وإن وجد ما لا يكفي طهارته استعمله ثم تيمم، ويتيمم للجرح عند غسله إن لم يمكنه مسحه بالماء، ويغسل الصحيح. وطلب ما برحله وقربه ودلالة ثقة فرض، فإن نسى قدرته عليه تيمم وأعاد.
صفحة ٢٤
وفروضه: مسح وجهه ويديه إلى كوعيه، وفي أصغر ترتيب وموالاة أيضا.
ونية الاستباحة شرط لما يتيمم له من حدث أكبر أو أصغر أو نجاسة، فلا تكفي نية أحدها عن غيره، وإن نواها أو أحد أسباب حدث بتيمم أجزأ عن الكل، وإن نوى شيئا استباحه ومثله ودونه؛ لا أعلى منه، ولا يصلي فرضا إن أطلق.
ويبطل: بخروج الوقت وكذا وضوء معه، ومبطلات وضوء، ووجود ماء إن تيمم لفقده ولو في صلاة لا بعد فراغها.
وسن لراج وجود ماء وشاك فيه: تأخير تيمم لآخر الوقت المختار.
ومن عدم الماء والتراب، أو لم يمكنه استعمالهما صلى على حسب حاله، ولا إعادة، ويقتصر على ما يجزئ، ولا يقرأ في غير صلاة إن كان جنبا ونحوه.
وصفته: أن ينوي، ثم يسمي، ثم يضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع بعد نزع خاتم ونحوه، مرة، يمسح وجهه بباطنهما، وكفيه براحتيه، ويخلل أصابعه، ويجوز بضربتين.
والله أعلم.
فصل
وتطهر أرض وما هو منها بإزالة عين النجاسة وأثرها بالماء، وبول غلام لم يأكل طعاما بشهوة وقيؤه ونحوه بغمره به، وغيرهما بسبع غسلات إحداها بتراب ونحوه في نجاسة كلب وخنزير فقط مع زوالها.
ولا يضر بقاء لون أو ريح أو هما عجزا، لا بشمس، وريح، ودلك، ونار، وجفاف، ولا باستحالة غير خمرة انقلبت بنفسها خلا، ودنها مثلها، وعلقة خلق منها حيوان طاهر.
ولا تطهر نجاسة عينية بحال، وكذا متشرب نجاسة، ودهن متنجس، وإن خفي موضعها غسلت حتى يعلم زوالها، وعفي في غير مائع ومطعوم عن يسير دم نجس ونحوه من حيوان طاهر حيا لا دم سبيل إلا من حيض، وعن أثر استجمار في محله.
صفحة ٢٥
والآدمي، وما لا دم له سائل متولد من طاهرة، وسمك ونحوه، وقمل، وبراغيث، وبق، وبعوض، ونحوهما طاهرة في الحياة والموت.
ومائع وحشيشة مسكران، وما لا يؤكل من طير وبهائم فوق الهر خلقة، ولبن، ومني، وعرق، وبول، وروث، ونحوهما من غير مأكول اللحم نجسة.
ومنه طاهرة كمما لا دم له، وكمني آدمي ولبنه وعرقه ونحوه، ورطوبة فرج المرأة، والهر ومثل خلقه ودونه طاهر حيا كسؤره وعرقه ونحوه، ولو أكل نجاسة ولم يغب، وكذا فم طفل وبهيمة طاهرة، وما ينضم دبره من ذلك إذا وقع في مائع أو ماء يسير ومات فيه نجسه وإلا فلا، وما لا ينضم ينجسها مطلقا، وميت من ذلك في جامد يلقى وما حوله والباقي طاهر. ويعفي عن يسير طين شارع عرفا إن علمت نجاسته، وإلا فطاهر.
فصل في الحيض
وأقل سنه تمام تسع سنين، وأكثره خمسون، ولا يوجد مع حمل.
وأقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر، وغالبه ست أو سبع.
وأقل طهر بين حيضتين ثلاثة عشر، ولا حد لأكثره.
وعلى حائض إذا طهرت قضاء صوم لا صلاة، وحرم عليها فعلهما، ووطؤها في الفرج لا استمتاع بما دونه، ويحب بوطئها دينار أو نصفه كفارة.
وإذا انقطع الدم لم يبح قبل غسل إلا صيام وطلاق ولبث في مسجد بوضوء.
صفحة ٢٦
والمبتدأة تجلس أقله ثم تغتسل وتصلي، فإن لم يجاوز دمها أكثره اغتسلت أيضا إذا انقطع، فإن تكرر ثلاثا، فهو حيض تقضي ما وجب فيه، وأن أيست قبله أو لم يعد فلا، وإن جاوزه فمستحاضة، فما بعضه أسود أو ثخين أو منتن وصلح حيضا تجلسه في الشهر الثاني والباقي استحاضة، وإن لم يكن متميزا أو كان ولم يصلح جلست أقل الحيض من كل شهر حتى تتكرر استحاضتها ثم غالبه، ومستحاضة معتادة ولو مميزة تجلس عادتها، فإن نسيتها عملت بتمييز صالح، فإن لم يكن، فغالب الحيض، ومن زادت عادتها أو تقدمت أو تأخرت لم تلتفت إلى ذلك حتى يتكرر ثلاثا، ونقصها لا يحتاج إلى تكرار، والعائد فيها تجلسه، وصفرة وكدرة في زمنها حيض، ومن ترى دما متفرقا يبلغ مجموعه أقل الحيض ونقاء متخللا فالدم حيض والنقاء طهر، وإن عبر أكثره فمستحاضة.
فصل
يلزم المستحاضة ومن حدثه دائم: غسل المحل وعصبه، والوضوء لوقت كل صلاة إن خرج شيء، ونية الاستباحة. وحرم وطؤها بلا خوف عنت.
وأكثر مدة نفاس أربعون يوما، والنقاء زمنه طهر يكره الوطء فيه قبل تمامها، وإن عاد فيها فمشكوك فيه، وتصوم وتصلي معه وتقضي واجب صوم ونحوه لا صلاة، ولا توطأ، وهو كحيض إلا في عدة وبلوغ، وإن وضعت ولدين فأكثر، فأول نفاس وآخره من الأول.
كتاب الصلاة
تجب على كل مسلم مكلف، إلا حائضا ونفساء.
ويقضي نائم ومغطى عقله بإغماء أو شرب دواء أو محرم.
ولا تصح من مجنون ولا كافر؛ فإن صلى ركعة أو أذن وتجاوز الشهادتين حكم بإسلامه، ولا من صغير لم يميز، وعلى وليه أمره بها لسبع سنين، وضربه على تركها لعشر، فإن بلغ في مفروضة أو بعدها في وقتها أعادها مع تيمم إن كان.
وحرم تأخير صلاة إلى وقت الضرورة إلا لمن له الجمع إذا نواه، ولمشتغل بشرط لها يحصل قريبا.
وجاحد وجوبها كافر، وكذا تارك صلاة واحدة تهاونا وكسلا إذا دعاه إمام أو نائبه وأبى حتى تضايق وقت التي بعدها، ويقتل فيهما بعد استتابته ثلاثة أيام إن لم يتب.
صفحة ٢٧
فصل الأذان والإقامة فرضا كفاية على الرجال الأحرار المقيمين للخمس المؤداة والجمعة، فيقاتل أهل بلد تركوهما.
وسن كونه مؤذنا صيتا أمينا عالما بالوقت، وترتيل أذان، وحدر إقامة، والتفات يمينا ل «حي على الصلاة» وشمالا ل «حي على الفلاح»، وقول «الصلاة خير من النوم» مرتين بعدها في أذان الصبح.
ولا يصح إلا مرتبا متواليا منويا من ذكر مميز عدل ولو ظاهرا، وبعد الوقت إلا لفجر.
ومن جمع أو قضى فوائت أذن للأولى وأقام لكل صلاة.
وسن لمؤذن وسامعه متابعة قوله سرا - لا مصل ومتخل؛ ويقضيانه - إلا في الحيعلة فيقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، وفي: «الصلاة خير من النوم»: «صدقت وبررت»، وعند: «قد قامت الصلاة»: «أقامها الله وأدامها»، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه. وقول: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته»، والدعاء.
وحرم خروج من مسجد بعده بلا عذر أو نية رجوع.
فصل
شروط صحة الصلاة ستة:
الأول: طهارة الحدث، وتقدمت.
الثاني: دخول الوقت، ولا تصح قبله بحال.
فوقت الظهر من الزوال حتى يتساوى منتصب وفيئه سوى ظل الزوال، وتعجيلها أفضل إلا مع حر مطلقا حتى ينكسر، ومع غيم لمصل جماعة إلى قريب ثانية.
ويليه المختار للعصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه سوى ظل الزوال، والضرورة إلى الغروب، وسن تعجيلها مطلقا.
صفحة ٢٨
ويليه المغرب حتى يغيب الشفق الأحمر، وسن تعجيلها إلا ليلة مزدلفة لمحرم قصدها، وفي غيم لمصل جماعة.
ويليه المختار للعشاء إلى ثلث الليل، وتأخيرها إليه أفضل إن سهل، والضرورة إلى طلع فجر ثان.
ويليه الفجر إلى الشروق، وتعجيلها أفضل مطلقا.
ويدرك مكتوبة بإحرام في وقتها، ولا يصلى حتى يتيقن أو يغلب على ظنه دخوله إن عجز عن اليقين، ويعيد إن أخطأ.
ومن صار أهلا لوجوبها قبل خروج وقتها بتكبيرة لزمته، وما يجمع إليها قبلها.
ويجب فورا قضاء فوائت مرتبا ما لم يتضرر أو ينس أو يخش فوت حاضرة أو اختيارها.
الثالث: ستر العورة، ويجب حتى خارجها، وفي خلوة وظلمة بما لا يصف البشرة.
وعورة رجل، وحرة مراهقة، وأمة مطلقا: ما بين سرة وركبة، وابن سبع إلى عشر: الفرجان، وكل الحرة عورة إلا وجهها في الصلاة.
وسن صلاة رجل في ثوبين ، ويكفي ستره عورته في نفل ومع أحد عاتقيه في فرض، وامرأة في قميص وخمار وملحفة، ويكفي ستر عورتها.
وإن انكشف لا عمدا من عورة يسير لا يفحش عرفا ولو طال، أو كثير ولم يطل: لم تبطل.
ومن صلى في غصب ثوبا، أو بقعة، أو ذهب، أو فضة، أو في حرير حيث حرم، أو حج بغصب عالما ذاكرا: أعاد، لا من حبس في محل نجس أو غصب لا يمكنه الخروج منه، أو كان المنهي عنه خاتما أو عمامة ونحوهما.
وكره في صلاة: سدل، واشتمال الصماء، وتغطية وجه، وتلثم على فم وأنف وكف، وشد وسط بزنار.
صفحة ٢٩
وحرم: خيلاء في ثوب وغيره، وتصوير ذي روح، ولبس ما هو فيه، لا افتراشه وجعله مخدا. وعلى ذكر: منسوج أو مموه بذهب أو فضة إلا إذا استحال، وحرير وما هو أكثر ظهورا، وأبيح إن استويا وخالص لضرورة أو حكة ونحوها، وعلم ثوب، ولبنة جيب ورقاع، وسجف فراء إذا كان ذلك أربع أصابع مضمومة فأقل، وخز - وهو ما سدي بحرير وألحم بغيره -.
الرابع: اجتناب نجاسة غير معفو عنها في ثوب وبدن وبقعة. وإن طين أرضا نجسة، أو فرشها طاهرا عليها وكرهت، وإن صلى على طاهر طرفه أو باطنه نجس صحت إن لم ينجر بمشيه، ومن رأى عليه نجاسة بعد صلاته وجهل كونها فيها لا يعيد، وإن علم لكنه نسي أو جهل حكمها أو عينها أعاد، ومن جبر عظمه أو خاطه بنجس وتضرر بقلعه لم يجب، ويتيمم له إن لم يغطه اللحم.
ولا تصح بلا عذر في مقبرة وخلاء وحمام وأعطان إبل ومجزرة ومزبلة وقارعة الطريق، ولا في أسطحتها. ولا فرض داخل الكعبة ولا فوقها، ويصح نفل باستقبال شاخص منها.
الخامس: استقبال القبلة، ولا تصح بدونه إلا لعاجز ومتنفل في سفر مباح.
وفرض قريب منها: إصابة عينها، وبعيد: جهتها.
ويعمل وجوبا بخبر ثقة بيقين وبمحاريب المسلمين، وإن اشتبهت سفرا اجتهد عارف بأدلتها وقلد غيره، ومن أدلتها: القطب والشمس والقمر ومنازلهما؛ فإنها تطلع من المشرق وتغرب في المغرب. وإن اختلف مجتهدان فلا يتبع أحدهما الآخر، ويتبع مقلد أوثقهما عنده، ومن صلى بغير اجتهاد ولا تقليد مع القدرة قضى مطلقا، وبأحدهما ثم علم الخطأ بعد فراغه فلا. ويجب الاجتهاد لكل صلاة، فإن تغير ولو فيها انتقل إلى الثاني وبنى.
السادس: النية، ولا تسقط بحال، وعليه تعيين معينة لا فرض وأداء وقضاء. وسن كونها مع تكبيرة إحرام، ولا يضر تقديمها عليها بيسير بعد الوقت، وإن فسخها في الصلاة أو تردد أو شك أو نوى إمامة أو ائتماما بعد أن أحرم منفردا بلا تكبيرة إحرام بطلت، وإن قلب فرضا في وقته المتسع نفلا جاز، وكره بلا غرض صحيح، وإن انتقل من فرض إلى آخر بلا تكبيرة إحرام انقلب نفلا ولم ينعقد الثاني. وشرط نية إمامة وائتمام ولا إمام ومؤتم انفراد لعذر يبيح ترك الجماعة، وتبطل صلاته ببطلان صلاة إمامه لا عكسه إن نوى إمام الانفراد.
صفحة ٣٠
والله أعلم.
باب صفة الصلاة
يسن خروجه إليها متطهرا بسكينة ووقار، مع قول ما ورد هنا، وإذا دخل المسجد أو خرج منه، وقيام إمام، فغير مقيم إليها عند قول مقيم: «قد قامت الصلاة»، وتسوية إمام الصف بنحو: «استووا رحمكم الله»، ثم يقول: «الله أكبر» رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو فروع أذنيه وهو قائم في فرض، ولا يقوم غيرها مقامها، وسن جهر إمام بها وبتسميع وبتسليمة أولى، وقراءة جهرية بحيث يسمع من خلفه، وجهر كل مصل في ركن، وواجب بقدر سماع نفسه فرض، ومع مانع بحيث يحصل لو لم يكن، ثم يقبض بيمناه كوع يسراه ويجعلهما تحت سرته، وينظر مسجده في كل صلاته، ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك»، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرا، ثم يقرأ الفاتحة مرتبة متوالية وفيها إحدى عشرة تشديدة، فإن قطعها بذكر كثير ونحوه، أو بسكوت طويل، أو ترك منها تشديدة أو حرفا، أو ترتيبها عمدا لزم غير مأموم إعادتها. والمشروع: لا يضر قراءة المأموم. وإذا فرغ قال: «آمين» يجهر بها إمام ومأموم معا في جهرية وغيرهما فيما يجهر فيه.
وسن جهر إمام بقراءة صبح وجمعة وعيد وكسوف واستسقاء وأوليي مغرب وعشاء، ويكره لمأموم، ويخير منفرد ونحوه.
ثم يقرأ بعدها سورة في الصبح من طوال المفصل، والمغرب من قصاره، والباقي من أوساطه.
ولا تصح الصلاة بقراءة تخرج عن مصحف عثمان.
صفحة ٣١
ثم يركع مكبرا رافعا يديه فيضعهما على ركبتيه مفرجتي الأصابع ويستوي ظهره ويقول: «سبحان ربى العظيم» وأدنى الكمال ثلاث، ثم يرفع رأسه ويديه معه قائلا: «سمع الله لمن حمده»، وبعد انتصابه: «ربنا ولك الحمد، ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد»، ومأموم: «ربنا ولك الحمد» فقط، ثم يكبر ويسجد على الأعضاء السبعة؛ فيضع ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، وسن كونه على أطراف أصابع قدميه، ومجافاة عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخديه، وتفرقة ركبتيه، ويقول: «سبحان ربى الأعلى» وأدنى الكمال ثلاث، ثم يرفع مكبرا ويجلس مفترشا؛ فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويقول: «رب اغفر لي» وأكمله ثلاث، ويسجد الثانية كذلك، ثم ينهض مكبرا قائما على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه بيديه، فإن شق فبالأرض فيأتي بمثلها غير نية وتحريمة واستفتاح وتعوذ إن كان تعوذ، ثم يجلس مفترشا. وسن وضع يديه على فخذيه، وقبضه من يمناه الخنصر والبنصر، وتحليق إبهامها مع الوسطى، وإشارته بسبابتها، في تشهد ودعاء عند ذكر الله مطلقا، وبسط اليسرى، ثم يتشهد فيقول: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله»، ثم ينهض في مغرب ورباعية مكبرا، ويصلي الباقي كذلك سرا مقتصرا على الفاتحة، ثم يجلس متوركا، فيفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويخرجهما عن يمينه، ويجعل إليتيه على الأرض فيأتي بالتشهد الأول، ثم يقول: «اللهم صل الله على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»، وسن أن يتعوذ فيقول: «أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال»، «اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم»، وأبيح دعاء بغيره ما لم يكن من أمر الدنيا فتبطل به، ثم يقول عن يمينه ثم عن يساره: «السلام عليكم ورحمة الله» مرتبا معرفا وجوبا. وسن تسكينه، والتفات عن يساره أكثر، ونية به الخروج من الصلاة.
وامرأة كرجل، لكن تجمع نفسها، وتجلس مسدلة رجليها عن يمينها - وهو أفضل -، أو تتربع، وتسر بالقراءة إن سمعها أجنبي.
ثم يسن أن يستغفر الله ثلاثا ويقول: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام» و«سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر» ثلاثا وثلاثين معا، ويعقده بيده، ويدعو بعد كل مكتوبة، ويقرأ آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين.
فصل
صفحة ٣٢
يكره فيها التفات بلا حاجة، ورفع بصره، وإقعاء، وافتراش ذراعيه ساجدا، وعبث، وتخصر، وتروح بمروحة، وفرقعة أصابعه وتشبيكها، وكونه حاقنا ونحوه، وتائقا الطعام ونحوه، واستقبال صورة منصوبة والسجود عليها، واستقبال وجه آدمي ونار، وحمله ما يلهيه، وإخراج لسانه، وفتح فمه ووضعه فيه، وصلاته إلى متحدث ونائم وكافر.
وسن رد مار بين يديه، والفتح على إمامه إذا أغلق عليه، ويجب في الفاتحة، ولنسيان سجدة ونحوها، وصلاة إلى سترة، فإن عدمت فإلى خط، وما اعتقده سترة كاف، ولا تبطل بمرور شيء بين مصل وسترته أو قريبا منه عند عدمها إلا بكلب أسود بهيم. وأبيح لبس ثوب، ولف عمامة، وقتل حية وعقرب ونحو ذلك ما لم يطل عرفا.
وإذا نابه شيء سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، ويزيل بصاقا ونحوه بثوبه، ويباح في غير مسجد عن يساره، ويكره بيمينه وأمامه.
وجملة أركانها أربعة عشر: القيام في فرض مع القدرة، والتحريمة، والفاتحة، والركوع، والاعتدال عنه ولا يضر تطويله، والسجود، والاعتدال عنه، والجلوس بين السجدتين، والطمأنينة، والتشهد الأخير، وجلسته، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتسليمتان، إلا في صلاة جنازة ونفل فتسن فيه ثانية وتباح فيها، والترتيب.
وواجباتها ثمانية: التكبير غير التحريمة، والتسميع، والتحميد، وتسبيح ركوع ، وسجود، وقول: «رب اغفر لي» مرة مرة، والتشهد الأول، وجلسته.
وما عدا ذلك والشروط سنة، فالركن والفرض مثله، والشرط لا يسقط واحد منها جهلا ولا سهوا، والواجب يسقط بهما، ويجبر بسجود السهو، والسنة تسقط مطلقا.
فصل
يشرع سجود السهو لزيادة ونقص وشك سهوا.
فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة عمدا بطلت، وسهوا يسجد له.
وإن قام لزائدة جلس متى ذكر، وتشهد إن لم يكن تشهد وسجد وسلم، وإن نبهه ثقتان فلم يرجع بطلت صلاته إن لم يجزم بصواب نفسه وصلاة من تبعه عالما لا جاهلا، أو ناسيا، ولا من فارقه.
صفحة ٣٣
وعمل متوال مستكثر عرفا من غير جنسها بلا ضرورة يبطلها مطلقا، ولا سجود ليسيره سهوا.
ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوا، ولا نفل بيسير شرب عمدا.
وإن سلم قبل إتمامها عمدا بطلت، وسهوا فإن ذكر قريبا، ولو خرج من المسجد، أو شرع في أخرى ويقطعها، أو تكلم يسيرا لمصلحتها أتمها وسجد.
وإن أحدث أو قهقه بطلت كفعلهما في صلبها.
وإن نفخ أو انتحب، لا من خشية الله، أو تنحنح بلا حاجة فبان حرفان بطلت.
ومن ترك ركنا غير تكبيرة إحرام فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت المتروك منها، وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، وقبله يعود فيأتي به وبما بعده، وبعد سلامه فكترك ركعة ما لم يكن تشهدا أخيرا، أو سلاما فيأتي به ويسجد ويسلم. ومن نهض عن تشهد أول ناسيا لزم رجوعه، وكره إن استتم قائما، وحرم وبطلت إن شرع في القراءة لا إن نسي أو جهل، ويتبعه مأموم، ويجب السجود لذلك مطلقا.
ويبني على اليقين من شك في ركن أو عدد.
ولا سجود لشك في ترك واجب أو زيادة إلا إذا شك وقت فعلها، ولا على مأموم إلا تبعا لإمامه، لكن لو ترك الإمام السجود المترتب عليه سجد المأموم وهو لما تبطل الصلاة بعمده واجب، وكذا اللحن يحيل المعنى سهوا أو جهلا ولإتيان بقول مشروع في غير محله سهوا سنة، ولا تبطل بعمده، ولترك سنة مباح ، وتبطل بترك ما قبل السلام عمدا إن كان واجبا ما لم يأت به مع قرب.
ويكفي لجميع السهو سجدتان، ومحله ندبا قبله، إلا إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فبعده ندبا.
ومتى سجد بعده كبر وسجد ثم جلس فتشهد وجوبا وسلم، وقبله يسجد بعد التشهد ويسلم.
فصل
صفحة ٣٤
آكد صلاة تطوع: كسوف، فاستسقاء، فتراويح، فوتر - ووقته من صلاة العشاء إلى الفجر، وأقله ركعة، وأكثره إحدى عشرة مثنى مثنى ويوتر بواحدة، وإن أوتر بسبع أو بخمس سردهن، أو بتسع تشهد عقب ثامنة ثم تاسعة، وأدنى الكمال ثلاث بسلامين، يقرأ في الأولى «سبح»، والثانية «الكافرون» والثالثة «الإخلاص»، ويقنت بعد ركوع ندبا فيقول جهرا: «اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت»، «اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك». ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤمن مأموم، ويفرد منفرد الضمير، ويمسح الداعي وجهه بيديه هنا وخارج الصلاة. وكره قنوت في غيره، فإن ائتم بقانت تابع وأمن إن سمع، وإلا قنت. وسن لإمام خاصة في غير جمعة لنازلة غير الطاعون ولكل بعد السلام منه: «سبحان الملك القدوس» ثلاثا يرفع الصوت في الثالثة.
والتراويح عشرون ركعة برمضان تسن، والوتر معها جماعة، ووقتها بين سنة عشاء ووتر، ويوتر متهجد بعده، وكره تنفل بصلاة بينها لا بعدها جماعة.
ثم الراتبة ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد
المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر وهما آكدها، وسن تخفيفهما واضطجاع عقبهما على الشق الأيمن وقضاء ما فات من راتبة إن لم تكثر مع فرض، وفصل بين فرض وسنة وكلام بين شفع ووتر، وقراءة في سنة فجر ومغرب بعد الفاتحة الكافرون في الأولى والإخلاص في الثانية.
وسن غير الراتبة أربع قبل الظهر، وأربع بعدها، وأربع قبل العصر، وست بعد المغرب، وأربع بعد العشاء.
فصل
حفظ القرآن فرض كفاية.
وسن أن يختم في كل أسبوع، وكره تركه فوق أربعين، وإن خاف النسيان حرم. ويختم صيفا أول النهار وشتاء أول الليل.
صفحة ٣٥