الجزء الأول
0كتاب العقل والجهل
1- أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب قال حدثني عدة من أصحابنا منهم محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب أما إني إياك آمر وإياك أنهى وإياك أعاقب وإياك أثيب
2- علي بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن مفضل بن صالح عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي ع قال هبط جبرئيل على آدم ع فقال يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم يا جبرئيل وما الثلاث فقال العقل والحياء والدين فقال آدم إني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين انصرفا ودعاه
صفحة ١٠
1
فقالا يا جبرئيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان قال فشأنكما وعرج
3- أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله ع قال قلت له ما العقل قال ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قال قلت فالذي كان في معاوية فقال تلك النكراء تلك الشيطنة وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل
4- محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم قال سمعت الرضا ع يقول صديق كل امرئ عقله وعدوه جهله
5- وعنه عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم قال قلت لأبي الحسن ع إن عندنا قوما لهم محبة وليست لهم تلك العزيمة يقولون بهذا القول فقال ليس أولئك ممن عاتب الله إنما قال الله فاعتبروا يا أولي الأبصار
6- أحمد بن إدريس عن محمد بن حسان عن أبي محمد الرازي عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله ع من كان عاقلا كان له دين ومن كان له دين دخل الجنة
7- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي بن يقطين عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا
8- علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر عن محمد بن
صفحة ١١
2
سليمان الديلمي عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله ع فلان من عبادته ودينه وفضله فقال كيف عقله قلت لا أدري فقال إن الثواب على قدر العقل إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر ظاهرة الماء وإن ملكا من الملائكة مر به فقال يا رب أرني ثواب عبدك هذا فأراه الله تعالى ذلك فاستقله الملك فأوحى الله تعالى إليه أن اصحبه فأتاه الملك في صورة إنسي فقال له من أنت قال أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد الله معك فكان معه يومه ذلك فلما أصبح قال له الملك إن مكانك لنزه وما يصلح إلا للعبادة فقال له العابد إن لمكاننا هذا عيبا فقال له وما هو قال ليس لربنا بهيمة فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع فإن هذا الحشيش يضيع فقال له ذلك الملك وما لربك حمار فقال لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش فأوحى الله إلى الملك إنما أثيبه على قدر عقله
9- علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله فإنما يجازى بعقله
10- محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال ذكرت لأبي عبد الله ع رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت هو رجل عاقل فقال أبو عبد الله وأي عقل له وهو يطيع الشيطان فقلت له وكيف يطيع الشيطان فقال سله هذا الذي يأتيه من أي شي ء هو فإنه يقول لك من عمل الشيطان
11- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه رفعه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل فنوم العاقل
صفحة ١٢
3أفضل من سهر الجاهل وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته وما يضمر النبي ص في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل والعقلاء هم أولو الألباب الذين قال الله تعالى وما يتذكر إلا أولو الألباب
12- أبو عبد الله الأشعري عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر ع يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب يا هشام إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ونصر النبيين بالبيان ودلهم على ربوبيته بالأدلة فقال وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون يا هشام قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وقال هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون وقال إن في اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح
صفحة ١٣
4و السحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون وقال يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون وقال وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وقال ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وقال قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون وقال هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون يا هشام ثم وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عقابه فقال تعالى ثم دمرنا الآخرين. وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل أفلا تعقلون. وقال إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون يا هشام إن العقل مع العلم فقال وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون وقال ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون
صفحة ١٤
5و قال ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون وقال أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا وقال لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون وقال وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون يا هشام ثم ذم الله الكثرة فقال وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وقال ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وقال ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون يا هشام ثم مدح القلة فقال وقليل من عبادي الشكور وقال وقليل ما هم وقال وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقال ومن آمن وما آمن معه إلا قليل وقال ولكن أكثرهم لا يعلمون وقال وأكثرهم لا يعقلون وقال وأكثرهم لا يشعرون يا هشام ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر وحلاهم بأحسن الحلية فقال يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب وقال والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب وقال إن في خلق السماوات والأرض
صفحة ١٥
6و اختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب وقال أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب وقال أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب وقال كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب وقال ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب وقال وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين يا هشام إن الله تعالى يقول في كتابه إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب يعني عقل وقال ولقد آتينا لقمان الحكمة قال الفهم والعقل يا هشام إن لقمان قال لابنه تواضع للحق تكن أعقل الناس وإن الكيس لدى الحق يسير يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان وشراعها التوكل وقيمها العقل ودليلها العلم وسكانها الصبر يا هشام إن لكل شي ء دليلا ودليل العقل التفكر ودليل التفكر الصمت ولكل شي ء مطية ومطية العقل التواضع وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا وأكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ع وأما الباطنة فالعقول يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ولا يغلب الحرام صبره
صفحة ١٦
7يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله من أظلم نور تفكره بطول أمله ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ورغب فيما عند الله وكان الله أنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة وغناه في العيلة ومعزه من غير عشيرة يا هشام نصب الحق لطاعة الله ولا نجاة إلا بالطاعة والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم والتعلم بالعقل يعتقد ولا علم إلا من عالم رباني ومعرفة العلم بالعقل يا هشام قليل العمل من العالم مقبول مضاعف وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا فلذلك ربحت تجارتهم يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب وترك الدنيا من
صفحة ١٧
8الفضل وترك الذنوب من الفرض يا هشام إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة ونظر إلى الآخرة فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة فطلب بالمشقة أبقاهما يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته يا هشام من أراد الغنى بلا مال وراحة القلب من الحسد والسلامة في الدين فليتضرع إلى الله عز وجل في مسألته بأن يكمل عقله فمن عقل قنع بما يكفيه ومن قنع بما يكفيه استغنى ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا يا هشام إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا وسره لعلانيته موافقا لأن الله تبارك اسمه لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه يا هشام كان أمير المؤمنين ع يقول ما عبد الله بشي ء أفضل من العقل وما تم عقل امرئ حتى يكون فيه خصال شتى الكفر والشر منه مأمونان والرشد والخير
صفحة ١٨
9منه مأمولان وفضل ماله مبذول وفضل قوله مكفوف ونصيبه من الدنيا القوت لا يشبع من العلم دهره الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره والتواضع أحب إليه من الشرف يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه ويرى الناس كلهم خيرا منه وأنه شرهم في نفسه وهو تمام الأمر يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه يا هشام لا دين لمن لا مروة له ولا مروة لمن لا عقل له وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها يا هشام إن أمير المؤمنين ع كان يقول إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شي ء فهو أحمق إن أمير المؤمنين ع قال لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن فمن لم يكن فيه شي ء منهن فجلس فهو أحمق وقال الحسن بن علي ع إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها قيل 0يا ابن رسول الله ومن أهلها قال الذين قص الله في كتابه وذكرهم فقال إنما يتذكر أولوا الألباب قال هم أولو العقول وقال علي بن الحسين ع مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح وآداب العلماء زيادة في العقل وطاعة ولاة العدل تمام العز واستثمار المال تمام المروءة وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة وكف الأذى من كمال العقل وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ولا يسأل من يخاف منعه ولا يعد ما لا يقدر عليه ولا يرجو ما يعنف برجائه ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه
13- علي بن محمد عن سهل بن زياد رفعه قال قال أمير المؤمنين ع العقل غطاء ستير والفضل جمال ظاهر فاستر خلل خلقك بفضلك وقاتل هواك بعقلك تسلم لك المودة وتظهر لك المحبة
14- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن سماعة بن مهران
صفحة ٢٠
1
قال كنت عند أبي عبد الله ع وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبو عبد الله ع اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا قال سماعة فقلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا فقال أبو عبد الله ع إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فأقبل فقال الله تبارك وتعالى خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي قال ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيا فقال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فلم يقبل فقال له استكبرت فلعنه ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل والإيمان وضده الكفر والتصديق وضده الجحود والرجاء وضده القنوط والعدل وضده الجور والرضا وضده السخط والشكر وضده الكفران والطمع وضده اليأس والتوكل وضده الحرص والرأفة وضدها القسوة والرحمة وضدها الغضب والعلم وضده الجهل والفهم وضده الحمق والعفة وضدها التهتك والزهد وضده الرغبة والرفق وضده الخرق والرهبة وضده الجرأة والتواضع وضده الكبر والتؤدة وضدها التسرع والحلم وضدها السفه
صفحة ٢١
2
والصمت وضده الهذر والاستسلام وضده الاستكبار والتسليم وضده الشك والصبر وضده الجزع والصفح وضده الانتقام والغنى وضده الفقر والتذكر وضده السهو والحفظ وضده النسيان والتعطف وضده القطيعة والقنوع وضده الحرص والمؤاساة وضدها المنع والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر والطاعة وضدها المعصية والخضوع وضده التطاول والسلامة وضدها البلاء والحب وضده البغض والصدق وضده الكذب والحق وضده الباطل والأمانة وضدها الخيانة والإخلاص وضده الشوب والشهامة وضدها البلادة والفهم وضده الغباوة والمعرفة وضدها الإنكار والمداراة وضدها المكاشفة وسلامة الغيب وضدها المماكرة والكتمان وضده الإفشاء والصلاة وضدها الإضاعة والصوم وضده الإفطار والجهاد وضده النكول والحج وضده نبذ الميثاق وصون الحديث وضده النميمة وبر الوالدين وضده العقوق والحقيقة وضدها الرياء والمعروف وضده المنكر والستر وضده التبرج والتقية وضدها الإذاعة والإنصاف وضده الحمية والتهيئة وضدها البغي والنظافة وضدها القذر والحياء وضدها الجلع والقصد وضده العدوان والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة والبركة وضدها المحق والعافية وضدها البلاء والقوام وضده المكاثرة والحكمة وضدها الهواء والوقار وضده الخفة والسعادة وضدها الشقاوة والتوبة وضدها الإصرار
صفحة ٢٢
3و الاستغفار وضده الاغترار والمحافظة وضدها التهاون والدعاء وضده الاستنكاف والنشاط وضده الكسل والفرح وضده الحزن والألفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل وينقى من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده وبمجانبة الجهل وجنوده وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته
15- جماعة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العباد بكنه عقله قط وقال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم
16- علي بن محمد عن سهل بن زياد عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه ع قال قال أمير المؤمنين ع إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع وترتهنها المنى وتستعلقها الخدائع
17- علي بن إبراهيم عن أبيه عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبيد الله الدهقان عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد قال قال أبو عبد الله ع أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا
18- علي عن أبيه عن أبي هاشم الجعفري قال كنا عند الرضا ع
صفحة ٢٣
4فتذاكرنا العقل والأدب فقال يا أبا هاشم العقل حباء من الله والأدب كلفة فمن تكلف الأدب قدر عليه ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا
19- علي بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال قلت له جعلت فداك إن لي جارا كثير الصلاة كثير الصدقة كثير الحج لا بأس به قال فقال يا إسحاق كيف عقله قال قلت له جعلت فداك ليس له عقل قال فقال لا يرتفع بذلك منه
20- الحسين بن محمد عن أحمد بن محمد السياري عن أبي يعقوب البغدادي قال قال ابن السكيت لأبي الحسن ع لما ذا بعث الله موسى بن عمران ع بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر وبعث عيسى بآلة الطب وبعث محمدا صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء بالكلام والخطب فقال أبو الحسن ع إن الله لما بعث موسى ع كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله وما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم وإن الله بعث عيسى ع في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيا لهم الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله وأثبت به الحجة عليهم وإن الله بعث محمدا ص في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام
صفحة ٢٤
5و أظنه قال الشعر فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم قال فقال ابن السكيت تالله ما رأيت مثلك قط فما الحجة على الخلق اليوم قال فقال ع العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه قال فقال ابن السكيت هذا والله هو الجواب
21- الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن المثنى الحناط عن قتيبة الأعشى عن ابن أبي يعفور عن مولى لبني شيبان عن أبي جعفر ع قال إذا قام قائمنا وضع الله يده على رءوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم
22- علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن علي بن إبراهيم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال حجة الله على العباد النبي والحجة فيما بين العباد وبين الله العقل
23- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد مرسلا قال قال أبو عبد الله ع دعامة الإنسان العقل والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم وبالعقل يكمل وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذاكرا فطنا فهما فعلم بذلك كيف ولم وحيث وعرف من نصحه ومن غشه فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله وأخلص الوحدانية لله والإقرار بالطاعة فإذا فعل ذلك كان مستدركا لما فات وواردا على ما هو آت يعرف ما هو فيه ولأي شي ء هو هاهنا ومن أين يأتيه وإلى ما هو صائر وذلك كله من تأييد العقل
24- علي بن محمد عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال العقل دليل المؤمن
25- الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن حماد بن عثمان عن السري بن خالد عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا علي لا فقر
صفحة ٢٥
6أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل
26- محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك إياك آمر وإياك أنهى وإياك أثيب وإياك أعاقب
27- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحسين بن خالد عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل آتيه وأكلمه ببعض كلامي فيعرفه كله ومنهم من آتيه فأكلمه بالكلام فيستوفي كلامي كله ثم يرده علي كما كلمته ومنهم من آتيه فأكلمه فيقول أعد علي فقال يا إسحاق وما تدري لم هذا قلت لا قال الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرفه كله فذاك من عجنت نطفته بعقله وأما الذي تكلمه فيستوفي كلامك ثم يجيبك على كلامك فذاك الذي ركب عقله فيه في بطن أمه وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول أعد علي فذاك الذي ركب عقله فيه بعد ما كبر فهو يقول لك أعد علي
28- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن بعض من رفعه عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة كثير الصيام فلا تباهوا به حتى تنظروا كيف عقله
29- بعض أصحابنا رفعه عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله ع قال يا مفضل لا يفلح من لا يعقل ولا يعقل من لا يعلم وسوف ينجب من يفهم ويظفر من يحلم والعلم جنة والصدق عز والجهل ذل والفهم مجد والجود
صفحة ٢٦
7نجح وحسن الخلق مجلبة للمودة والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس والحزم مساءة الظن وبين المرء والحكمة نعمة العالم والجاهل شقي بينهما والله ولي من عرفه وعدو من تكلفه والعاقل غفور والجاهل ختور وإن شئت أن تكرم فلن وإن شئت أن تهان فاخشن ومن كرم أصله لان قلبه ومن خشن عنصره غلظ كبده ومن فرط تورط ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه ومن لم يعلم لم يفهم ومن لم يفهم لم يسلم ومن لم يسلم لم يكرم ومن لم يكرم يهضم ومن يهضم كان ألوم ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم
30- محمد بن يحيى رفعه قال قال أمير المؤمنين ع من استحكمت لي فيه خصلة من خصال الخير احتملته عليها واغتفرت فقد ما سواها ولا أغتفر فقد عقل ولا دين لأن مفارقة الدين مفارقة الأمن فلا يتهنأ بحياة مع مخافة وفقد العقل فقد الحياة ولا يقاس إلا بالأموات
31- علي بن إبراهيم بن هاشم عن موسى بن إبراهيم المحاربي عن الحسن بن موسى عن موسى بن عبد الله عن ميمون بن علي عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله
32- أبو عبد الله العاصمي عن علي بن الحسن عن علي بن أسباط عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا ع قال ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل قال فقال ع لا يعبأ بأهل الدين ممن لا عقل له قلت جعلت فداك إن ممن يصف
صفحة ٢٧
8هذا الأمر قوما لا بأس بهم عندنا وليست لهم تلك العقول فقال ليس هؤلاء ممن خاطب الله إن الله خلق العقل فقال له أقبل فأقبل وقال له أدبر فأدبر فقال وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أحسن منك أو أحب إلي منك بك آخذ وبك أعطي
33- علي بن محمد عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال ليس بين الإيمان والكفر إلا قلة العقل قيل وكيف ذاك يا ابن رسول الله قال إن العبد يرفع رغبته إلى مخلوق فلو أخلص نيته لله لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك
34- عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبيد الله الدهقان عن أحمد بن عمر الحلبي عن يحيى بن عمران عن أبي عبد الله ع قال كان أمير المؤمنين ع يقول بالعقل استخرج غور الحكمة وبالحكمة استخرج غور العقل وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح قال وكان يقول التفكر حياة قلب البصير كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور بحسن التخلص وقلة التربص
35- عدة من أصحابنا عن عبد الله البزاز عن محمد بن عبد الرحمن بن حماد
صفحة ٢٨
9عن الحسن بن عمار عن أبي عبد الله ع في حديث طويل إن أول الأمور ومبدأها وقوتها وعمارتها التي لا ينتفع بشي ء إلا به العقل الذي جعله الله زينة لخلقه ونورا لهم فبالعقل عرف العباد خالقهم وأنهم مخلوقون وأنه المدبر لهم وأنهم المدبرون وأنه الباقي وهم الفانون واستدلوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه من سمائه وأرضه وشمسه وقمره وليله ونهاره وبأن له ولهم خالقا ومدبرا لم يزل ولا يزول وعرفوا به الحسن من القبيح وأن الظلمة في الجهل وأن النور في العلم فهذا ما دلهم عليه العقل قيل له فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره قال إن العاقل لدلالة عقله الذي جعله الله قوامه وزينته وهدايته علم أن الله هو الحق وأنه هو ربه وعلم أن لخالقه محبة وأن له كراهية وأن له طاعة وأن له معصية فلم يجد عقله يدله على ذلك وعلم أنه لا يوصل إليه إلا بالعلم وطلبه وأنه لا ينتفع بعقله إن لم يصب ذلك بعلمه فوجب على العاقل طلب العلم والأدب الذي لا قوام له إلا به
36- علي بن محمد عن بعض أصحابه عن ابن أبي عمير عن النضر بن سويد عن حمران وصفوان بن مهران الجمال قالا سمعنا أبا عبد الله ع يقول لا غنى أخصب من العقل ولا فقر أحط من الحمق ولا استظهار في أمر بأكثر من المشورة فيه
وهذا آخر كتاب العقل والجهل والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما
صفحة ٢٩
0كتاب فضل العلم
بسم الله الرحمن الرحيم
باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه
1- أخبرنا محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا إن الله يحب بغاة العلم
2- محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله عن عيسى بن عبد الله العمري عن أبي عبد الله ع قال طلب العلم فريضة
3- علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه قال سئل أبو الحسن ع هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه فقال لا
4- علي بن محمد وغيره عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي حمزة عن أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه قال سمعت أمير المؤمنين يقول أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفي لكم والعلم مخزون عند أهله وقد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه
5- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن يعقوب بن يزيد عن
صفحة ٣٠