الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية ت. 728 هجري
85

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

محقق

علي بن حسن - عبد العزيز بن إبراهيم - حمدان بن محمد

الناشر

دار العاصمة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٩هـ / ١٩٩٩م

مكان النشر

السعودية

وَهَذَا الْأَصْلُ يُبْطِلُ قَوْلَ عُقَلَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُوَ لِقَوْلِ جُهَّالِهِمْ أَعْظَمُ إِبْطَالًا، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ عُقَلَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَكْثَرَهُمْ يُعَظِّمُونَ مُحَمَّدًا ﷺ، لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَلِمَا صَدَّقَ التَّوْارَةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَالْمُرْسَلِينَ قَبْلَهُ، وَلِمَا ظَهَرَ مِنْ عَظَمَةِ الْقُرْآنِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا، وَفَضَائِلِ أُمَّتِهِ الَّتِي آمَنَتْ بِهِ، وَلِمَا ظَهَرَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ مِنَ الْآيَاتِ، وَالْبَرَاهِينِ، وَالْمُعْجِزَاتِ، وَالْكَرَامَاتِ، لَكِنْ يَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّهُ بُعِثَ إِلَى غَيْرِنَا، وَإِنَّهُ مَلِكٌ عَادِلٌ، لَهُ سِيَاسَةٌ عَادِلَةٌ، وَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ حَصَّلَ عُلُومًا مِنْ عُلُومِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، وَوَضَعَ لَهُمْ نَامُوسًا بِعِلْمِهِ وَرُتَبِهِ، كَمَا وَضَعَ أَكَابِرُهُمْ لَهُمُ الْقَوَانِينَ، وَالنَّوَامِيسَ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ وَمَهْمَا قَالُوهُ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَصِيرُونَ بِهِ مُؤْمِنِينَ بِهِ، وَلَا يَسُوغُ لَهُمْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ الِاحْتِجَاجُ بِشَيْءٍ مِمَّا قَالَهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ الَّذِي يَعْلَمُهُ جَمِيعُ الْأُمَمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي ذَلِكَ، فَمَنْ كَذَّبَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَدْ كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَادِقًا فِي ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ رَسُولًا لِلَّهِ، بَلْ كَانَ كَاذِبًا، وَمَنْ كَانَ كَاذِبًا عَلَى اللَّهِ، يَقُولُ: اللَّهُ أَرْسَلَنِي بِذَلِكَ، وَلَمْ يُرْسِلْهُ بِهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِ.

1 / 144