أن الإمامية تقول: إن الإمامة محصورة - بعد الحسين - في تسعة من ولده أولهم علي بن الحسين وآخرهم محمد بن الحسن العسكري وهو الإمام المنتظر المهدي عندهم، والزيدية تقول: إن الإمامة محصورة في ولد السبطين لا يختص بها بطن من بطن، واحتجت الزيدية بحديث الثقلين وحديث السفينة، والإثنا عشرية معترفة بصحة هذين الحدثين، وقد روى هذين الحديثين الشيعة وأهل السنة، فلهذا احتججنا على الكل بهذين الحديثين وأشباههما مما اعترف به جميع الطوائف، وبقوله تعالى: ?إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا?[الأحزاب:33]، ? قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى?[الشورى:23]، وقد أجمع أهل البيت على أنه لا يختص بها التسعة من ولد الحسين، والإمامية لا تنكر أن جميع أهل البيت في زمن كل إمام من أئمتهم لا يقولون بإمامة ذلك الإمام، لأنه لم يقم ويدعوا ولو قام ودعى مع كمال الشروط لقالوا بإمامته إلا علي الرضا فإنه إمام عندنا لأنه قام ودعا ولا نعترف بأن أئمتهم يدعون لأنفسهم الإمامة ولا نعتقد ذلك وحاشاهم، والله أمرنا باتباع أهل البيت ولم يأمرنا باتباع فريق من الشيعة فامتثلنا أمر الله وأمر رسوله، ولم نمتثل أمر من لم يأمرنا بالإقتداء بهم، ومن ادعى دعوى بغير برهان فدعواه عاطلة باطلة، ولا يعرف الحق من الباطل إلا بالبراهين، مع أنه لم يقع بين التسعة وبين سائر أهل البيت أي خلاف في هذا ولا نزاع وإنما قاموا بجهاد الظلم والمنكر بجهاد الدولتين الظالمتين الأموية والعباسية وبذلوا النفس والنفيس، وقتلوا تحت كل حجر ومدر، وأوصدت عليهم الحبوس، وشردوا في الآفاق مصداقا لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((ستنال عترتي من أمتي قتلا وتشريدا))، ودعوا إلى الله: ?ياقومنا أجيبوا داعي الله وءامنوا...?،?ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض...?[الأحقاف:31-32] مع أن مذهب الإثني عشرية مناف للعدل والحكمة، لأن الأمة تصير بعد الحسن العسكري مهملة بدون أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ولا إقامة حدود ولا فصل الخصومات إلى زماننا هذا أكثر من ألف عام وإلى متى وهم لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر ولم يجاهدوا إلى زمن نحو 1400، ونحن، امتثلنا لقول الله عز وجل:? ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر?[آل عمران:104]، ?لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون?[المائدة:78،79]، ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر?[آل عمران:110 ]، ?لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله?[النساء:95]، وكم في السنة من الحث على ذلك والتهديد على تركه.
وسبب الخلاف أن الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - سلام الله عليهم - لما ظهر ودعا الناس إلى البيعة بايعته الشيعة وكثير من غيرهم وقعد عنه قوم وقالوا له: لست أنت الإمام.
قال: فمن هو؟
قالوا: ابن أخيك جعفر.
قال: إن قال جعفر: إنه الإمام فقد صدق، واكتبوا إليه واسألوه. قالوا: الطريق مقطوع ولا نجد رسولا إلا بأربعين دينارا!!
صفحة ٧