جامع الرسائل

ابن تيمية ت. 728 هجري
178

جامع الرسائل

محقق

د. محمد رشاد سالم

الناشر

دار العطاء

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢هـ

سنة النشر

٢٠٠١م

مكان النشر

الرياض

وَآخر كَانَ بالشَّوْبَك من قَرْيَة يُقَال لَهَا (الشاهدة) يطير فِي الْهَوَاء إِلَى رَأس الْجَبَل وَالنَّاس يرونه، وَكَانَ شَيْطَانه يحملهُ، وَكَانَ يقطع الطَّرِيق؛ وَأَكْثَرهم شُيُوخ الشَّرّ، يُقَال لأَحَدهم البَوْشي أبي الْمُجيب ينصبون لَهُ خركاه فِي لَيْلَة مظْلمَة ويصنعون خبْزًا على سَبِيل القربات، فَلَا يذكرُونَ الله وَلَا يكون عِنْدهم من يذكر الله وَلَا كتاب فِيهِ ذكر الله، ثمَّ يصعد ذَلِك البَوْشي فِي الْهَوَاء وهم يرونه ويسمعون خطابه للشَّيْطَان وخطاب الشَّيْطَان لَهُ، وَمن ضحك أَو سرق من الْخبز ضربه الدُّف وَلَا يرَوْنَ من يضْرب بِهِ. ثمَّ إِن الشَّيْطَان يُخْبِرهُمْ بِبَعْض مَا يسألونه عَنهُ، وَيَأْمُرهُمْ بِأَن يقربُوا لَهُ بقرًا وخيلًا وَغير ذَلِك، وَأَن يخنقوها خنقًا وَلَا يذكرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا، فَإِذا فعلوا قضى حَاجتهم. وَشَيخ آخر أَخْبرنِي نَفسه أَنه كَانَ يَزْنِي بِالنسَاء ويتلوط بالصبيان الَّذين يُقَال لَهُم "الحوارات"، وَكَانَ يَقُول: يأتيني كلب أسود بَين عَيْنَيْهِ نكتتان بيضاوان، فَيَقُول لي: فلَان ابْن فلَان نذر لَك نذرا وَغدا نَأْتِيك بِهِ، وَأَنا قضيت حَاجته لِأَجلِك، فَيُصْبِح ذَلِك الشَّخْص يَأْتِيهِ بذلك النّذر، ويكاشفه هَذَا الشَّيْخ الْكَافِر. قَالَ: وَكنت إِذا طُلب مني تَغْيِير مثل اللاَّذَن أَقُول حَتَّى أغيب عَن عَقْلِي وَإِذ باللاذن فِي يَدي أَو فِي فمي، وَأَنا لَا أَدْرِي من وَضعه. قَالَ: وَكنت أَمْشِي وَبَين يَدي عَمُود أسود عَلَيْهِ نور.

1 / 193