جامع الرسائل

ابن تيمية ت. 728 هجري
159

جامع الرسائل

محقق

د. محمد رشاد سالم

الناشر

دار العطاء

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢هـ

سنة النشر

٢٠٠١م

مكان النشر

الرياض

وَهَذَا التخيل يَقع من توهم التغاير وَلَا تغاير فِي الصِّفَات مِثَال ذَلِك أَن إنْسَانا تعلم صُورَة الْكِتَابَة وَله علم بِصُورَة بِسم الله الَّتِي تظهر تِلْكَ الصُّورَة على القرطاس وَهَذِه صفة وَاحِدَة وكمالها أَن يكون الْمَعْلُوم تبعا لَهَا فَإِنَّهُ إِذا حصل الْعلم بِتِلْكَ الْكِتَابَة ظَهرت الصُّورَة على القرطاس بِلَا حَرَكَة يَد وواسطة قلم ومداد فَهَذِهِ الصّفة من حَيْثُ إِن الْمَعْلُوم انْكَشَفَ بهَا يُقَال لَهُ علم وَمن حَيْثُ إِن الْأَلْفَاظ تدل عَلَيْهَا يُقَال لَهَا كَلَام فَإِن الْكَلَام عبارَة عَن مَدْلُول الْعبارَات وَمن حَيْثُ إِن وجود الْمَعْلُوم تبع لَهَا يُقَال لَهَا الْقُدْرَة وَلَا تغاير هَهُنَا بَين الْعلم وَالْقُدْرَة وَالْكَلَام فَإِن هَذِه صفة وَاحِدَة فِي نَفسهَا وَلَا تكون هَذِه الإعتبارات الثَّلَاث وَاحِدَة وكل من كَانَ أَعور لَا ينظر إِلَّا بِالْعينِ العوراء وَلَا يرى إِلَّا مُطلق الصّفة فَيَقُول هُوَ هُوَ وَإِذا الْتفت إِلَى الإعتبارات الثَّلَاث يُقَال هِيَ غَيره وَمن اعْتبر مُطلق الصّفة مَعَ الإعتبارات فقد نظر بعينين صحيحتين اعْتقد أَنَّهَا لَا هُوَ وَلَا غَيره وَالْكَلَام فِي صِفَات الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مناسبا لهَذَا الْمِثَال فَإِنَّهُ مباين لَهُ بِوَجْه آخر وتفهيم هَذِه الْمعَانِي بِالْكِتَابَةِ غير يسير فَهَذَا الْكَلَام من جنس الْكَلَام الْمَذْكُور فِي السُّؤَال وَكِلَاهُمَا يرجع إِلَى مَا تزعمه المتفلسفة من أَن الصِّفَات ترجع إِلَى الْعلم إِذا أثبتوه مقَالَة ابْن حزم وَقد يقرب من هَؤُلَاءِ ابْن حزم حَيْثُ رد الْكَلَام والسمع وَالْبَصَر وَغير

1 / 170