فتكرّر الحديث الواحد في مواضع، وترجم لكلّ صحابيّ في أوّل مسنده. كما أنَّه أفرد للمكثرين من الصحابة أجزاء، منها ما أتمّه، ومنها ما أدركه الأجل قبل إنجازه.
* * * *
وإذا خطونا لنتحدّث عن الكتاب فإننا نبدأ بعرض المقدّمة المختصرة التي عقدها ابن الجوزي له، تناول فيها دوافع التأليف ومنهاجه:
ذكر ابتداءً أن جماعة من أصحابه أحبُّوا أن يطَّلِعوا على حديث رسول اللَّه ﷺ، وأنهم لاحظو أن الأحاديث تتكرّر في الكتب، وألفاظها تنقص وتزيد، وأنّهم قد أخذتهم الحيرة فيما يعتمدون عليه منها: فبعضها لا يستوعب وتفوته أحاديث، وبعضها يتكرّر فيه الحديث ويعاد في مواضع، وبعضها يقتطع من الحديث ما يناسب الموضوع الذي يسوقه فيه. وأن الجمع بينها صعب، يفوت معه أشياء وعلوم أخر. فكان المؤلّف مسارعًا لتلبية حاجهم، وإزال انزعاجهم، بأن صنّف هذا الكتاب.
ثم تحدّث ابن الجوزي عن أوائل المصنّفين في الحديث وجامعي المسانيد، ونقل الأقوال في ذلك، ليصل إلى أن مسند الإمام أحمد أجمعُ هذه الكتب.
وذكر بعدها أن سيجمع بين أكثر الكتب الحديثيّة استيعابًا، وأعلاها إسنادًا: المسند والبخاري ومسلم والترمذي.
وعن طريقته في الجمع بيَّن أنه يأتي بالحديث في أتمّ ألفاظه من أيّها كان، وأنّه يحذف المكرّر، إلا أن يكون فيه زيادة حكم أو فائدة.
وأشار إلى أنّه ترك أحاديث يسيرة ممّا في المسند والجامع؛ لأنّها لا تصلح، وأنّ بعضها ذكره في الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة. وممّا سيفعله المؤلّف أن يبيَّنَ إذا كان الحديثُ عند الشيخين أو أحدهما، وأنّه سيستغني عن الأحاديث غير المسندة وكلام الصحابة - إلا قليلًا منه، وأنّه سيوضّح الكلمات الغريبة والمعاني المشكلة.
ثمَّ عقد ابن الجوزي فصلًا في فضائل هذه الكتب الأربعة. أعقبه ذكر إسناده إليها، ليستغني عن إعادة الإسناد في كلّ حديث. فإذا قال: حدّثنا أحمد فهو من مسنده، وإذا قال: حدّثنا عبد اللَّه فهو من زياداته على المسند، وإذا قال: حدّثنا البخاري فهو من صحيحه. . .
مقدمة / 15