جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة

ابن تيمية ت. 728 هجري
52

جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة

محقق

د. محمد رشاد سالم

الناشر

دار العطاء

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢هـ

سنة النشر

٢٠٠١م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

وَهَذَا يُوَافق طرق جَمِيع طوائف أهل الْملَل وَيَقُولُونَ مُقْتَضى حكمته أَن يكون الْعَاقِبَة والنصر لأوليائه دون أعدائه كَمَا قد بسط ذَلِك فِي مَوَاضِع وَأما الْأُمُور الطبيعية فإمَّا أَن تقع بمحض الْمَشِيئَة على قَول وَإِمَّا أَن تقع بِحَسب الْحِكْمَة والمصلحة على قَول وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ فتبديلها وَتَحْوِيلهَا لَيْسَ مُمْتَنعا كَمَا فِي نسخ الشَّرَائِع وتبديل آيَة بِآيَة فَإِنَّهُ إِن علق الْآيَة بمحض الْمَشِيئَة فَهُوَ يفعل مَا يَشَاء وَإِن علقها بالحكمة مَعَ الْمَشِيئَة فالحكمة تَقْتَضِي تَبْدِيل بعض مَا فِي الْعَالم كَمَا وَقع كثير من ذَلِك فِي الْمَاضِي وسيقع فِي الْمُسْتَقْبل فَعلم أَن هَذِه السّنَن دينيات لَا طبيعيات وَلَكِن فِي قَوْله تَعَالَى وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلا حجَّة لِلْجُمْهُورِ الْقَائِلين بالحكمة فَإِن أَصْحَاب الْمَشِيئَة الْمُجَرَّدَة يجوزون نقض كل عَادَة وَلَكِن يَقُولُونَ إِنَّمَا نعلم مَا يكون بالْخبر سنته تَعَالَى مطردَة فِي الدينيات والطبيعيات وَقَوله تَعَالَى فَلَنْ تَجِد لسنة الله تبديلا وَلنْ تَجِد لسنة الله تحويلا دَلِيل على أَن هَذَا من مُقْتَضى حكمته وَأَنه يقْضِي فِي الْأُمُور المتماثلة بِقَضَاء متماثل لَا بِقَضَاء مُخَالف فَإِذا كَانَ قد نصر الْمُؤمنِينَ لأَنهم مُؤمنُونَ كَانَ هَذَا مُوجبا لنصرهم حَيْثُ وجد هَذَا الْوَصْف بِخِلَاف مَا إِذا عصوا وَنَقَضُوا إِيمَانهم كَيَوْم أحد فَإِن الذَّنب كَانَ لَهُم وَلِهَذَا قَالَ وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلا فَعم كل سنة لَهُ وَهُوَ يعم سنته فِي خلقه وَأمره فِي الطبيعيات والدينيات نقض الْعَادة لاخْتِصَاص معِين لَكِن الشَّأْن أَن تعرف سنته وَحَقِيقَة هَذَا أَنه إِذا نقض الْعَادة فَإِنَّمَا ينقضها لاخْتِصَاص تِلْكَ الْحَال بِوَصْف امتازت بِهِ عَن غَيره فَلم تكن سنته

1 / 54