جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة
محقق
د. محمد رشاد سالم
الناشر
دار العطاء
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٢هـ
سنة النشر
٢٠٠١م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
قَالَ إِن بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ حَبسهم الْعذر
وَقد قَالَ تَعَالَى لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم [سُورَة النِّسَاء ٩٥] فَهَؤُلَاءِ لَهُم علم بالمأمور بِهِ الْكَامِل واعتقاد الْأَمر بِهِ وَإِرَادَة فعله بِحَسب الْإِمْكَان وَهَذَا كُله من أدائهم للْمَأْمُور بِهِ فَإِذا تَجَدَّدَتْ لَهُم قدرَة لم يَتَجَدَّد رَغْبَة فِي الْفِعْل الْكَامِل وَإِنَّمَا يَتَجَدَّد الْعَمَل بِتِلْكَ الرَّغْبَة الْمُتَقَدّمَة وَإِن كَانَ لَا بُد لهَذَا الْفِعْل من إِرَادَة تخصه وَلم يكن هَؤُلَاءِ مأمورين بذلك إِلَّا فِي هَذِه الْحَال فَقَط كَمَا تُؤمر الْمَرْأَة بِالصَّلَاةِ عِنْد انْقِضَاء الْحيض وكما يُؤمر الصَّبِي بِمَا يجب عَلَيْهِ عِنْد بُلُوغه وكما يُؤمر المزكى بِالزَّكَاةِ بعد ملك النّصاب والحول وَالْمُصَلي بِالصَّلَاةِ بعد دُخُول الْوَقْت
وَأما النَّاسِي والمخطىء فَإِنَّهُ لم يكن قد أَتَى بِالْعلمِ والاعتقاد والإرادة فَلَا يُثَاب على هَذِه الْأُمُور الَّتِي لم تكن لَهُ بل يكون الَّذِي حصل لَهُ ذَلِك أفضل مِنْهُ بهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ [سُورَة الزمر ٩] فنفى الْمُسَاوَاة بَين الَّذِي يعلم وَالَّذِي لَا يعلم مُطلقًا لم يسْتَثْن الْمَعْذُور كَمَا اسْتثْنى فِي تَفْضِيل الْمُجَاهِد على الْقَاعِد الْمَعْذُور
وَكَذَلِكَ سَائِر مَا فِي الْقُرْآن من نَحْو هَذَا كَقَوْلِه وَمَا يَسْتَوِي
1 / 242