بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي ابتدأ عباده بالنعم، وأيدهم بالقدر، وأرشدهم بالدليل، وهداهم سواء السبيل، وأزاح عللهم بالألطاف، وحملهم بجميل الإسعاف، وبعث إليهم رسله بالإعلام، إعلاما بمصالحهم ومفاسدهم، لتكون له الحجة البالغة، والرحمة السابغة، وختم الرسل بسيد المرسلين محمد الصادق الأمين، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما.
أما بعد:
فقد عزمت على جمع كتاب في مجرد الفقه، حاو للأصول، جامع للأبواب والفصول، وسميته: " الكتاب الجامع للشرائع " جعله الله تعالى خالصا لوجهه، ومقربا منه (1)، وهو حسبي ونعم الوكيل.
وقد أجمعت إن شاء الله على عمل كتاب أذكر فيه الخلاف والوفاق، ووجوه الأقوال، وأدلة المسائل عند الفراغ من هذا، بتوفيق الله تعالى:
صفحة ١٧
كتاب الطهارة باب المياه قال الله تعالى: وأنزلنا من السماء ماءا طهورا (1).
ولا تجوز إزالة النجاسة، ورفع الحدث، إلا بالماء المطلق.
فإذا خالطه طاهر كالزعفران وشبهه، فإن سلبه اسم الماء، لم يجز رفع الحدث وإزالة النجاسة به وإن لم يسلبه جاز ذلك فيه.
وإن وقعت فيه نجاسة، وكان في مصنع أو غدير وشبههما وكان كرا - ومبلغه ألف ومائتا رطل بالبغدادي، أو كان ثلاثة أشبار ونصفا طولا في عرض وفي عمق - لم ينجسه، إلا أن يغلب على لونه أو أو طعمه أو رائحته، ويطهر بزوالها بالماء أو الهواء أو التراب، أو من قبل نفسه، فإن زالت النجاسة بمسك أو كافور لم يطهر، لأنهما ساتران لا مزيلان، وإن كان دون كر، نجس بكل حال، ويطهر بأن يتمم كرا.
ولو جمع بين نصفي كر نجسين لطهرا، فإن فرقا بعد، فعلى الطهارة (2) إلا أن تكون النجاسة عينا قائمة.
صفحة ١٨
" أحكام البئر " وإن كان الماء في بئر، نجس بما يرد عليها منها.
وطريق تطهيرها أن ينزح منها ما قدره الشرع، وما لم يقدر فيه شيئا فالأصل ألا يستعمل، لأنه نجس فإذا نزح كله فقد ذهب وجاء غيره طاهرا.
وينزح لموت الإنسان سبعون دلوا بالدلو المعتادة.
وللعذرة الرطبة، أو اليابسة التي تقطعت، ولكثير الدم - غير الدماء الثلاثة - خمسون دلوا.
وينزح لموت الشاة وشبهها ، ولبول الرجل فيها أربعون دلوا.
وللعذرة اليابسة، والدم القليل - غير الثلاثة - عشر.
وينزح منها لارتماس الجنب - ولا يطهر هو - وللكلب يخرج منها حيا، ولبول الصبي الذي أكل الطعام، ولموت الحمامة ولموت الدجاجة وشبههما، ولموت الحية، والفأرة - تنفسخ أو تنتفخ - سبع.
وينزح لذرق الدجاج خمس.
وينزح لموت الحية، والفأرة يخرج لوقتها، وللعقرب، والوزغ - على الفضل - ثلاث.
وينزح دلو واحد لبول الرضيع غير آكل الطعام، وموت العصفور وشبهه.
وينزح منها قدر كر لموت الخيل، والبغال، والحمير والبقر.
وينزح كلها لموت البعير، ووقوع الخمر، والمسكر، والفقاع، والدماء الثلاثة - الحيض والاستحاضة والنفاس -، والمني فإن تعذر لغزارته تراوح على نزحها أربعة رجال اثنين اثنين من أول النهار إلى آخره.
وينزح منها لما غير أحد أوصافها، من النجاسات المقدرة، ما قدر، فإن طابت به، وإلا ينزح حتى تطيب.
صفحة ١٩
ولا ينجس الماء الجاري من العيون والأنهار إلا بما غلب عليه من النجاسة وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة من المجرى ولا بد من كون المادة مما لا يقبل النجاسة بانفرادها أو اتصالها بما فيه.
ويجوز استعمال الماء النجس عند الضرورة في الشرب وسقي الدواب والزروع ولا بأس باستعمال ماء الوضوء والغسل الواجب والندب في الطهارة وإزالة النجاسة لأنه ماء مطلق.
والمياه الجارية من الميازيب من المطر كالمياه الجارية.
وإذا اشتبه الماء الطاهر والنجس في إنائين تركا ولم يجز التحري وكذا ما زاد أو كان في أحدهما ماء وفي الآخر بول.
وماء البحر طهور، ويكره ما قصد إلى تشميسه وسؤر كل حيوان طاهر، طاهر، وسؤر كل حيوان نجس، نجس كالكلب والخنزير.
ويكره استعمال سؤر الحائض غير المأمونة وسؤر الفأرة.
والجنب والحائض ليسا بنجسين، ولا فرق بين عرق الجنابة من حلال أو حرام في طهارتها، ويكره عرق الحرام وعرق الإبل الجلالة، ولا بأس بسؤر الهر ويكره سؤر الدجاج.
وإذا عجن عجين بماء نجس فروى (1): أنه يؤكل وأن النار طهرته، وروي (2) أنه يباع من مستحل الميتة، وروي (3): أنه يدفن.
وإذا استعمل ماء نجسا في طهارة عالما به فطهارته فاسدة، وعليه إعادة ما صلى به منها، وإن لم يكن عالما ثم علم أعاد ما كان في الوقت، وإن تقدمه العلم أعاد
صفحة ٢٠
بكل حال. ولا يحتاج غسل الثياب والأواني ونزح الآبار من النجاسات إلى نية، فلو غسله غير عالم بنجاسته يطهر.
ويكره التداوي بالعيون الحمية، ولا بأس بالوضوء منها.
والطهارة بماء زمزم لا تكره.
ويستحب أن يكون بين البئر والبالوعة سبع أذرع في الأرض الرخوة، والبئر تحت البالوعة، وخمس أذرع في الصلبة أو كون البئر فوق البالوعة من جميع جوانبها في كله، ويجوز من قرب أو بعد إذا لم يفسد الماء.
ويكره استعمال الماء الآجن مع وجود الماء الطيب.
ولا ينجس الماء وغيره بموت ما لا نفس له سائلة فيه.
وكره ما ماتت فيه العقرب والوزغة، أو دخلتا فيه حيتين لمكان السم.
وإذا باشره حيوان طاهر حيا لم ينجسه كالهرة والفأرة وشبههما، وإن باشره نجس حيا كالكلب والخنزير نجسه إن كان قليلا أو ماء بئر.
وروي (1): في البئر يقع فيها ماء المطر فيه البول والعذرة وروث الدواب وخرؤ الكلاب ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت مبخرة (2).
وروي (3): عن الفأرة تقع في البئر ولم تنتن نزح أربعين دلوا وحمل على الندب.
وروي (4): في الثور نزح الماء كله.
وروي (5): في لحم الخنزير عشرون دلوا.
صفحة ٢١
وروي (1): في البئر يقع فيها قطرات من بول أو دم أو شئ من غيرها كالبعرة ونحوها ينزح منها دلاء.
وسئل (2) علي عليه السلام أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أو من ركو (3) أبيض مخمر (4)؟ فقال: بل من فضل جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله، الحنيفية السمحة السهلة.
باب الأنجاس ويجب تطهير الثوب والبدن للصلاة وموضع السجود.
والنجاسة:
الخمر وكل مسكر والفقاع.
والمني والدم المسفوح وبول وروث ما لا يؤكل لحمه والكلب والخنزير والكافر وميتة ذي النفس السائلة ويغسل البدن من البول مرتين، والثوب مرة في الجاري، ومرتين في الراكد.
صفحة ٢٢
ودم السمك وشبهه طاهر لأنه ليس بمسفوح.
وقليل دم الحيض والاستحاضة والنفاس ككثيرها في وجوب الإزالة .
ولا يجب إزالة دم الجروح والقروح إذا شق إزالتها ولم يقف سيلانها.
وقد عفى عن دم دون سعة الدرهم الكبير عدا ما ذكرناه في ثوب أو بدن فإن كان مفرقا لو اجتمع لكان بسعة الدرهم فلا بأس به.
وعفى عن النجاسة فيما لا يتم الصلاة فيه بانفراده كالتكة، والجورب والقلنسوة والنعل والإزالة أفضل ولا يطهر المني بفركه، وإنما يطهر بالماء المطلق كغيره.
وبول الصبي قبل أن يطعم يصب عليه الماء صبا ولا يحتاج إلى عصر، فإن أكل الطعام أو كان بول صبية وجب غسله بكل حال.
وبول وروث ما أكل لحمه طاهران.
وإذا أصاب بعض الثوب أو البدن نجاسة ثم جهل موضعها غسل ذلك كله، فإن ظن في ثوبه نجاسة رشه بالماء فإن جهل الموضع رشه كله.
وإذا أعار ثوبه ذميا ثم استرده بنى على طهارته.
وإذا مس حيوانا نجسا رطبين أو أحدهما رطب، غسل يده أو ما مسه به، فإن كانا يابسين مسح عضوه بالتراب.
وإذا مس ذلك ثوبا رطبين أو أحدهما غسل، فإن كانا يابسين رش الموضع بالماء إن تعين فإن لم يتعين رش الثوب كله.
وروي (1) إن كان كلب صيد لم يرش.
ولا يعيد صلاته من لم يرش، أو يمسح بالتراب في ما ذكرناه.
وإذا مس بثوبه أو بيده ميتا من غير الناس غسل يده أو ثوبه وإن كانا يابسين وإن مس ببعض أعضائه ميتا من الناس بعد برده وقبل تطهيره اغتسل وإن مس
صفحة ٢٣
ذلك ثوبه غسله ولا يغتسل، لا يغسل ثوبه ولا يده من مسه قبل برده أو بعد تطهيره، وكذا إن مس قطعة منه فيها عظم أو قطعة ذات عظم قطعت من حي، فإن لم يكن ذات عظم غسل يده فقط.
والأرض والبواري والحصر، وما عمل من نبات الأرض سوى ثياب القطن والكتان تنجس بالمايع كالبول وشبهه وتطهر بتجفيف الشمس لها، ويسجد عليها ويتيمم بالأرض، وكذلك جميع نبات الأرض فإن جف بغيرها لم يطهر.
والخف والنعل يطهران بالأرض.
والخمر تطهر بانقلابها خلا بعلاج وغير علاج - وترك العلاج أفضل - وتطهر آنيتها بطهارتها.
ويطهر الكافر بالإسلام.
ويجب تطهير الآنية لقبح الشرب والأكل للنجس.
وتطهر الآنية من النجاسات بالغسل مرة واحدة سوى آنية الولوغ والخمر، وروي (1) أنها تغسل ثلاثا، وتختص آنية ولوغ الكلب بالتراب في الأولى خاصة.
ويستحب في الخمر أن تغسل آنيتها سبعا وفي الجرذ: فأرة كبيرة تموت (2) في الآنية كذلك. وليس في الخنزير تراب.
والمذي والودي طاهران، وكذلك القئ والقيح والصديد وماء المطر حال سقوطه إذا وقع على نجاسة لم ينجس إلا أن يغلب النجاسة عليه.
وماء الاستنجاء غير المتغير بالنجاسة، وماء الغسل من الجنابة طاهران إلا أن يقعا على نجاسة والصيقل كالسيف والمرآة تصيبهما النجاسة لا يطهران إلا بالماء.
ومن حصل معه ثوبان أحدهما متحقق النجاسة واشتبها تجنبهما، وصلى عريانا وروي أنه يصلي في كل واحد منهما الصلاة وإن صح ذلك حمل على أنه قد فرض
صفحة ٢٤
عليه الصلاة مرتين كما يصلي عند التباس القبلة الصلاة أربع مرات.
وإذا علم حصول النجاسة في موضع محصور ثم اشتبه تجنب الكل لأنه لا يتخلص من القبيح إلا بذلك وإن كان غير محصور لم يجب ذلك فيه للحرج.
والمربية للصبي لا تملك إلا ثوبا، تغسله في كل يوم مرة وصحت صلاتها فيه.
وإذا أحالت النار نجاسة طهر رمادها.
ودخان عين النجس طاهر.
ولا يطهر جلد الميتة بالدباغ، ولو دبغ سبعين مرة.
وأواني الخمر ما كان قرعا أو خشبا إذا غسل، طهر والأولى تجنبه.
وتجوز الصلاة في ثوب الحائض والجنب إذا لم يكن فيها نجاسة.
ويغسل دم الحيض من الثوب بالماء وحته (1) وقرضه ليسا واجبين. ويستحب صبغه بما يغير لونه.
وعن أبي عبد الله عليه السلام: تصبغه بمشق حتى يختلط (2).
والعلقة نجسة.
ولا بأس بالصلاة في ثوب الصبي ما لم يعلم فيه نجاسة.
ويغسل من الطنفسة والفراش من البول يصيبه وهو ثخين الحشو، ما ظهر.
وطين الطريق طاهر، ويستحب إزالته بعد ثلاثة أيام.
وإذا حمل أحد طرفي الثوب طاهرا وكان الآخر نجسا لم تبطل صلاته، إذا لم يحمله وإن تحرك بحركته.
وإذا كان الثوب نجسا يغسل بعضه طهر المغسول منه.
وأواني المشركين وثيابهم وفرشهم التي استعملوها وموايعهم يحكم بنجاستها وما كان من حبوب وثياب جدد، وأوان جدد، فعلى الطهارة.
ولا يجوز أن يدخلوا المساجد، ولا يجوز للمسلم أن يأذن لهم فيه،.
صفحة ٢٥
ولا يجوز حمل حيوان نجس العين - كالكلب - في الصلاة، وإن حمل قارورة مشدودة فيها نجاسة لم يجز.
وما غسل به النجاسة ولم تغيره فهو طاهر كماء الاستنجاء - على قول - وقيل هو نجس من الغسلة الأولى لانفصاله عن محل نجس، وطاهر من الثانية لانفصاله عن طاهر، ولا يقال: إنه نجس بأول وروده، إذ لو كان كذلك لم يطهر.
وشعر الكلب والخنزير نجسان على قول الأكثر، وقال المرتضى: بطهارتهما ولا بأس بما لا تحله الحياة من غير هما كالصوف والشعر والوبر والعظم والظلف والحافر ولبن الحيوان الطاهر وعرقه.
ولا عبرة بأثر النجاسة وريحها في الثوب والبدن بعد إزالتها.
باب الاستطابة وسنن الحمام.
الاستنجاء واجب من البول والغائط، فإن لم يفعل وصلى فعليه الإعادة، ولا يجب الاستنجاء من غيرهما من الأحداث.
ويحرم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط من الصحارى والبنيان، فإن كان الموضع مبنيا على ذلك انحرف إن أمكنه، ويجب أن يستتر.
ويستحب: أن يقدم رجله اليسرى داخلا، واليمنى خارجا.
وأن يتعوذ بالله من الشيطان.
ويغطي رأسه.
ويدعو الله عند الدخول والخروج والاستنجاء وعند الفراغ منه.
ويمسح يده على بطنه.
ويكره: استقبال الشمس، والقمر، والريح بالبول.
والحدث في الماء الجاري والراكد، وفي الراكد أشد كراهية.
وأفنية الدور.
ومواضع اللعن في النزال.
صفحة ٢٦
ومساقط الثمار.
وجحرة الحيوان.
والبول في صلب الأرض، وقائما والتطميح به في الهواء.
والأكل، والشرب، والسواك.
والكلام - إلا بذكر الله، أو حكاية الأذان عند سماعه، وقراءة القرآن إلا آية الكرسي فإنها عوذة أو ما اضطر إليه.
ويحرم ذلك في الموضع الذي يتأذى المسلمون به.
وليجلس على نجوة.
ويجب غسل الإحليل من البول مرتين، ولا يجزي التراب والحجر. وإن تعدى الغائط مخرجه وجب استعمال الماء، وإن لم يتعد خير بين الماء وأبكار الأحجار الثلاثة، والجمع أفضل يبدأ بالأحجار، والاقتصار على الماء أفضل منه على الحجر.
ويجزي الخرق والخزف والجلد الطاهر.
فإن زالت النجاسة بحجر واحد كفى وأتم الثلاثة سنة فإن لم ينق، زاد عليها والوتر أفضل.
ويجزي الحجر ذو القرون الثلاثة.
ولا يحل الاستنجاء بما لا يزيل النجاسة كالحديد الصيقل وقشر البيض، ولا بما هو مطعوم أو له حرمة أو كان روثا أو عظما، فإن زالت النجاسة بذلك أثم وطهر المحل، وقيل: لا يطهر.
ولا حد لماء الاستنجاء والغرض النقاء.
والتختم في اليسار ليس بسنة، فإن فعله وكان عليه من أسماء الله أو رسله أو أئمته حوله عند الاستنجاء لأن الاستنجاء باليسار هو السنة.
وينبغي أن يستعمل كل حجر من الثلاثة على جميع محل النجاسة، ولو استعمل كل حجر في إزالة جزء منه جاز.
صفحة ٢٧
ويستنجي للمقعدة ثم الإحليل.
ويمسح من عند المقعدة إلى تحت الأنثيين ثلاثا، ويمسح القضيب ثلاثا، وينتره ثلاثا، ثم يغسله.
فإن رأى بعد ذلك بللا لم يضره، وإن لم يفعل ذلك ثم رأى بللا أعاد الوضوء.
ويكره إطالة الجلوس على الخلاء.
وعن أبي بصير (1) عن أبي عبد الله عليه السلام: الاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير.
ولا يلزمه أن يدخل إلا نملة في دبره، وإنما عليه ما ظهر.
وروى (2) محمد بن علي بن محبوب، عن سعدان بن مسلم، عن عبد الرحيم قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في الخصي يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل، قال، يتوضأ وينتضح ثوبه في النهار مرة واحدة.
وإذا دخل الحمام وجب عليه ستر عورته، قبله ودبره (3)، ودبره مستور بإليتيه، والفخذ ليست بعورة عند أكثر أصحابنا وليغض بصره.
والسنة التنور في كل خمسة عشرة، ولو استعملها قبل ذلك لكان زيادة في النظافة.
وإذا طلى القضيب والأنثيين بالنورة فقد استتر والتدلك بالدقيق ليس بسرف، إنما السرف فيما أضر بالبدن وأتلف المال.
والتدلك بالحناء يذهب بالسهك ويحسن الوجه ويطيب النكهة.
ولا ينبغي إدمان الحمام.
ولا بأس أن تنور الجنب، ويكره أن يدهن ويخضب.
صفحة ٢٨
ويكره للرجل والمرأة أن يجنبا مختضبين حتى يأخذ الحناء مأخذه، وأن تختضب المرأة حايضا.
ويكره دخول الولد الحمام مع الوالد لئلا يرى عورته.
ولا بأس بقرائة القرآن في الحمام.
ويكره أن يدخل الماء إلا بمئزر فإن له أهلا.
ولو اغتسل بارزا لجاز إذا لم يره أحد.
وعن أبي (1) الحسن الأول عليه السلام ولا يغتسل من الشئ التي يجتمع فيها ماء الحمام فإنه يجتمع فيها غسالة اليهودي والنصراني والمجوس - تمام الخبر -.
وعن الرضا عليه السلام سئل عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب، قال: لا بأس (2). ولا بأس أن يغتسل من الحمام المسلم والنصراني إذا كانت له مادة.
وحلق الإبط أفضل من نتفه، وطليه أفضل من حلقه.
والسنن الحنيفية خمس في الرأس: المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الشعر، وقص الشارب.
وخمس في البدن: قص الأظفار، وحلق العانة، والإبطين، والختان، والاستنجاء.
وكان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وفرة وهي إلى شحمة الأذن.
والسواك سنة عند كل صلاة وخاصة صلاة الليل، ويكره في الحمام.
والتسويك بالإبهام والمسبحة عند الوضوء سواك، ويستاك عرضا.
ويدهن غبا (3) ويكتحل وترا.
صفحة ٢٩
وقد يترك السواك لضعف الأسنان.
وقص الأظفار يوم الجمعة، وإن شئت في سائر الأيام، ويبدأ بالخنصر اليسرى، ويختم بالخنصر اليمنى، ويكره القص بالأسنان.
ويحسن قص ما قصصت ودفنه، وكذا دفن الشعر والدم، وحك الظفر بعد قصه.
والنساء يتركن من أظفارهن فهو أزين لهن.
والخضاب سنة، ولا تخل المرأة كفها من الخضاب، ولا تعطل نفسها وإن كانت مسنة ولو بقلادة في عنقها.
ولا بأس بخضاب اللحية بالسواد، وقد قتل السبط عليه السلام وهو مخضوب بالوسمة، وقيل في قوله تعالى (1): وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة - منه الخضاب بالسواد.
والختان واجب على الرجال ومكرمة في النساء، ويستحب أن لا تستأصل فإنه أنور لوجهها.
وحلق الرأس لا بأس به في الرجال في غير حج وعمرة، وهو جمال لكم، ومثلة بأعدائكم، ومعناه في وصفه عليه السلام الخوارج يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وعلامتهم التسبيت وهو الحلق وترك الدهن.
ويكره القزع وقال اعفوا اللحى وحفوا الشوارب، وينبغي أن يؤخذ من اللحية ما جاوز القبضة.
ويكره نتف الشيب.
وكان علي عليه السلام لا يرى بأسا بجزه (2).
وقال الصادق عليه السلام قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الأربعاء، وأصيبوا حاجتكم من الحجامة يوم الخميس، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة (4).
صفحة ٣٠
ولا يحتجم يوم الجمعة أصلا.
وأخذ شعر الأنف يحسن الوجه.
ويستحب غسل الرأس بالسدر والخطمي كل يوم جمعة، وقيل للخارج من الحمام: طاب منك ما طهر وطهر منك ما طاب.
وقيل (1) لجعفر بن محمد عليهما السلام: ألا نخلي لك الحمام؟
فقال: لا، المؤمن خفيف المؤونة.
وإذا اغتسل الإنسان في فضاء حاذر على عورته.
باب الطهارة وهي ضربان: وضوء وغسل وما هو بدل عنهما، وكلهما ضربان: واجب وندب.
فواجب الوضوء: للصلاة والطواف المفروضين.
وندبه: لهما مندوبين ولدخول المساجد وقراءة القرآن وحمل المصحف وأفعال الحج عدا الطواف الفرض وصلاته وتجديده مع بقاء حكمه لكل صلاة.
والتأهب لصلاة الفرض قبل وقته.
وللكون على الطهارة.
وللنوم عليه.
وللصلاة على الجنائز.
صفحة ٣١
وللسعي في الحاجة.
ولزيارة قبور المؤمنين ولنوم الجنب ولجماع المحتلم ولجماع غاسل الميت ولم يغتسل ولمريد غسل الميت وهو جنب والحائض تذكر الله في مصلاها لا لرفع الحدث والغسل الواجب ستة: غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة على وجه، والنفاس، ومس أموات الناس بعد البرد وقبل التطهير، وغسل الأموات.
وندب الغسل: غسل يوم الجمعة إلى الزوال أداء، وبعده يوم السبت لقضائه وتقديمه يوم الخميس خوف عوز الماء يوم الجمعة.
وغسل العيدين وأولى ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه وليلة سبع عشرة منه وليلة تسع عشرة.
وليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، والغسل أول ليل هذه الليالي وروي (1) أن الصادق عليه السلام كان يغتسل ليلة ثلاث وعشرين أولها وآخرها.
وليلة الفطر وليلة النصف من رجب ويوم السابع والعشرين منه.
صفحة ٣٢
وليلة نصف شعبان.
وغسل الإحرام للحج والعمرة.
ودخول مكة، ودخول المسجد الحرام والكعبة والطواف.
ودخول المدينة، ودخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله، وزيارته، وزيارة الأئمة عليهم السلام.
ويوم الغدير، وهو الثامن عشر من ذي الحجة.
ويوم المباهلة وهو رابع وعشرون منه - وغسل المباهلة.
وغسل التوبة لكفر أو فسق.
وغسل تعمد السعي لرؤية المصلوب بعد ثلاثة أيام كفارة لسعيه.
وروي (1) غسل قتل الوزغة وقال بعض شيوخنا: علته خروجه من ذنوبه.
وغسل قضاء صلاة الكسوف المحرق كل القرص بتعمد تركها.
وغسل صلاتي الحاجة، والاستخارة.
وغسل يوم عرفة.
وغسل يوم نيروز الفرس.
وغسل المولود.
وإذا اجتمعت أغسال من هذه أجزأ عنها غسل واحد.
وما كان منها لفعل فالسنة أن يفعله على الغسل، فإن أحدث قبل الفعل أعاد الغسل.
وما كان منها لوقت فإذا فعله فيه كفاه ولا يبالي بحدث بعده.
وليس شئ من الأغسال المندوبة برافع للحدث بل لا بد قبله أو بعده من الوضوء.
وغسل الجنابة كاف بمجرده في استباحة الصلاة ورفع الحدث، وباقي
صفحة ٣٣
الأغسال الواجبة يفتقر إلى الوضوء، وروي (1) أنها تكفى.
والوضوء كاف إلا وضوء الحائض والجنب، ووضوء سائر الأغسال الواجبة.
وإذا اجتمع غسل الجنابة والجمعة وغيرهما من الأغسال المفروضة والمسنونة أجزأ عنها غسل واحد، فإن نوى الواجب أجزأ عن الندب، وإن نوى به المسنون فقد فعل سنة وعليه الواجب، وإن نوى به الواجب والندب قيل: أجزأ عنهما، وقيل: لا يجزي لأن الفعل الواحد لا يكون واجبا وندبا.
والطهارة الاختيارية بالماء، والاضطرارية بالتراب: فمنها ما هو بدل عن الوضوء، ومنها ما هو بدل عن الغسل الواجب، وقال بعض أصحابنا: قد يكون التيمم بدلا من غسل الإحرام إذا لم يجد الماء وسنبين في التيمم واجب ما هو بدل عن الوضوء وندبه إن شاء الله تعالى.
باب الوضوء والسنة: وضع الإناء على اليمين، وغسل اليدين قبل إدخالهما فيه مرة من بول أو نوم ومرتين من الغائط، وتقديم الاستنجاء على الوضوء، وفتح العين عند الوضوء، والدعاء إذا شاهد الماء، والتسمية، وأخذ الماء باليمين، وتولى الوضوء بها إلا في مسح الرجل اليسرى، وأخذ الماء بها وإدارته إلى اليسار في غسلها، والدعاء عند غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين وبعد الفراغ، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا بكف واحدة ويبدأ بالمضمضة، وتثنية غسل الوجه واليدين - ولا تكرار في المسح -، ووضع الرجل الماء على ظاهر ذراعيه والمرأة بالعكس - وجعل الغسل المسنون كالواجب -، ووضع المرأة القناع في صلاة المغرب والغداة فتمسح كالرجل، ولها أن لا تضعه في الباقي، وتدخل إصبعها تحته، ومسح مقدم الرأس قدر ثلاث أصابع مضمومة عرضا مع الشعر إلى قصاصه
صفحة ٣٤
والرجلين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين بالكفين، والوضوء بمد من ماء.
ويكره الاستعانة بالغير في الوضوء، والتمندل.
ولا يجوز المسح على الخفين، والشمشك، والنعل السندية، ويجوز في التقية والضرورة المسح على الخفين.
ولا يجوز غسل الرجلين بدلا عن المسح إلا لتقية، وأن يوضيه الغير مع القدرة، وغسل الرأس، ومسح أحد جانبيه ومؤخره وكله، ومسح الأذنين وغسلهما، وغسل ما أقبل منهما ومسح ما أدبر وتخليلهما، والمسح على حائل كالعمامة إلا صاحب الجبائر فإنه يمسح عليها ويصلي ولا يعيد - ويغسل المجروح ما حول الجرح لا باطنه - - ومسح الرأس والرجلين بماء جديد، ومسح باطن القدمين، والمسح على شعر جمعه، وتثليث الغسل واستقبال شعر اليدين (1).
ويجب النية في كل طهارة من وضوء، وغسل، وتيمم.
ولا يصح الطهارة من الكافر. وهي (2) بالقلب، وإن جمع بين القلب واللسان جاز. وينوي أنه يتوضأ لرفع الحدث أو استباحة فعل لا يصح إلا بطهارة، أو يستحب فيه. ويستصحبها حكما وهو أن لا يغير نيته بما يخالفها فإن فعل وكان في الغسل بنى وإن كان في الوضوء وجف ما سبق استأنفه، وإن لم يجف بنى عليه.
فإن نوى بطهارته رفع الحدث والتبرد جاز. ومحلها المعين عند غسل الوجه ويجوز عند غسل اليدين أو المضمضة.
وغسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى مجاور شعر الذقن طولا، وما دارت عليه الوسطى والإبهام عرضا في الأغلب.
فإن غسله منكوسا جاز لأنه غاسل وخالف السنة، وقيل: لا يجوز.
وغسل اليدين من المرفقين، ويدخلهما فيه إلى أطراف الأصابع.
صفحة ٣٥
ومسح مقدم الرأس مقدار ما يقع عليه اسم المسح.
ومسح الرجلين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، ويجوز بالعكس وبإصبع واحدة وهما قبتا القدمين.
والترتيب كما رتبه الله تعالى.
ويجب تقديم اليمين على اليسار، فإن خالف قدم المؤخر وآخر المقدم ما لم يجف السابق.
والمتابعة بين أعضاء الطهارة، فإن فرق وجف ما سبق استأنف الوضوء وإن لم يجف بنى عليه.
ويجب نزع الخاتم الضيق وشبههه، وتحريك الواسع.
ولا يلزم البحث عما أحاط به الشعر، إنما يغسل ما ظهر.
ولا يجب تخليل اللحية، ولا غسل ما استرسل منها.
ولا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ولا يكره للصبيان ذلك لأنهم غير مخاطبين.
ويجوز الجمع بين الصلوات الكثيرة بالوضوء، وتجديده أفضل.
ومن قطع بعض عضوه مسح أو غسل باقيه وإن قطع كله سقط عنه ووضأ الباقي، وروى (1) علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ؟ قال: يغسل ما بقي من عضده، وقال (2) رسول الله صلى الله عليه وآله: الوضوء مد والغسل صاع وسيأتي أقوام بعدي يستقلون ذلك فأولئك على خلاف سنتي، والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس.
ويجوز المسح على مقدم الرأس وإن كان فيه شعر، ولا يلزم أيضا له إلى نفس البشرة فإن استقبل الشعر بالمسح أجزأه لأنه ما سح.
صفحة ٣٦