مطلب: على وجه تسمية قعيقعان وأجياد بذلك
وقيل: بل سبب عزمه على هدم البيت أن جماعة من هذيل ممن يحسد قريشا حسنوا لتبع هدم الكعبة، وأن يبنى بيتا عنده ويصرف حجاب العرب إليه، فلما سار لهذا القصد حصل له ما حصل، فأقلع عن ذلك كما تقدم، وأمر بقتل الهذليين، ثم لما قدم مكة كان سلاحه بالموضع المعروف بقعيقعان فلذلك سمى به، وقيل لغير ذلك، وكانت خيله بالمكان المعروف بأجياد، فقال: سمى بذلك لهذا، وقيل: لغيره، وكانت مطابخه فى الشعب المعروف بعبد الله بن عامر بن كريز، فلذلك سمى الشعب بالمطابخ، وأقام بمكة أياما ينحر كل يوم مدة إقامته مائة بدنة لا يرزأ هو ولا أحد ممن فى عسكره منها شيئا، بل يردها الناس ثم الطير ثم السباع.
(وأما قصة أصحاب الفيل) إذ قصدوا تخريب البيت فأهلكهم الله تعالى، فروى أن الحبشة لما ملكت اليمن وعليهم أبرهة الأشرم، بنوا كنيسة بصنعاء كالكعبة وصرفوا حجاج الكعبة إليها فسمع بذلك رجال من قريش فتوجهوا إليها ودخلوها ولطخوها بالعذرة وهربوا.
فبلغ ذلك أبرهة وعزم على هدم الكعبة وتجهز فى جيش عظيم، فلما شارف مكة أغار على سرحها فاستاق أموال قريش وأصاب إبلا لعبد المطلب ونزل بعرفة، فخرج إليه عبد المطلب فلما رآه أبرهة نزل عن سرير ملكه إجلالا له وقال لترجمانه: سله عن حاجته، فسأله، فقال: حاجتى أن يرد على مائتى بعير أصابها قومه. فقال أبرهة لترجمانه: قل له:
قد كنت أعجبتنى حين رأيتك، ولقد زهدت الآن فيك حيث جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك لأهدمه فلم تكلمنى فيه وكلمتنى فى إبل أصبتها، فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه، وفى رواية يحميه، فعظم كلامه عنده، ورد عليه إبله.
ثم خرج عبد المطلب وأمر قريشا أن يتفرقوا فى الشعاب ورءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش إذا دخل ففعلوا، وأتى عبد المطلب إلى الكعبة وأخذ بحلقتها (1). وجعل يقول (2):
صفحة ٥٥