الإيمان فقد كذب، ومن زعم أن المعرفة تنفع في القلب، وإن لم يتكلم بها فهو جهمي، ومن زعم أنه مؤمن عند الله مستكمل الإيمان فهذا من أشنع قول المرجئة وأقبحه.
والقدر: خيره وشره، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره من الله تبارك وتعالى، قضاء قضاه على عباده، وقدر قدره عليهم لا يعدو أحد منهم مشيئة الله، لا يجاوز قضاءه، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، وواقعون في ما قدر عليهم لا محالة، وهو عدل منه عز ربنا وجل.
والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والشرك بالله، والذنوب جميعا، والمعاصي كلها بقضاء وقدر من الله من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة، بل لله الحجة البالغة على خلقه و {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}. وعلم الله ماض في خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه -من لدن أن عصي ربنا تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة- المعصية وخلقهم لها، وعلم الطاعة من أهل طاعته وخلقهم لها، فكل يعمل لما خلق له، وصائر إلى ما قضي عليه وعلم منه، ولا يعدو أحد منهم قدر الله ومشيئته، والله الفعال لما يريد.
فمن زعم أن الله تبارك وتعالى شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة، وأن العباد شاءوا لأنفسهم الشر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة الله تبارك وتعالى ذكره، فأي افتراء على الله أكثر من هذا؟ !
ومن زعم أن أحدا من الخلق صائر إلى غير ما خلق له، فقد نفى قدرة الله عن خلقه، وهذا إفك على الله وكذب عليه.
صفحة ١٠