بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
صلّى الله على سيّدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم:
قال أبو محمّد علىّ بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الأندلسىّ.
الحمد لله مبيد كلّ القرون الأول، ومديل الدّول، خالق الخلق، باعث محمد-ﷺ-بدين الحقّ.
أما بعد، فإن الله ﷿ قال: ﴿إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ﴾.
حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامى: حدثنا أحمد بن فتح: ناعبد الوهّاب ابن عيسى: ناأحمد بن محمد: ناأحمد بن عليّ: نامسلم بن الحجّاج:
نازهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد؛ قالوا: حدّثنا يحيى، هو ابن سعيد القطّان، عن عبيد الله، هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب: ناسعيد بن أبى سعيد، هو المقبرىّ، عن أبيه، عن أبى هريرة:
قيل: يا رسول الله! من أكرم الناس؟ قال: «أتقاهم!» قالوا: ليس عن هذا نسألك! قال: «يوسف، نبىّ الله ابن نبىّ الله ابن خليل الله!». قالوا: ليس عن هذا نسألك! قال: «فعن معادن العرب تسألونى؟ خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا».
وإن كان الله تعالى قد حكم بأن الأكرم هو الأتقى، ولو أنّه ابن زنجيّة لغيّة، وأن العاصى والكافر محطوط الدرجة، ولو أنّه ابن نبيّين، فقد جعل تعارف الناس
1 / 1
بأنسابهم غرضا له تعالى فى خلقه إيّانا شعوبا وقبائل؛ فوجب بذلك أنّ علم النسب علم جليل رفيع، إذ به يكون التعارف. وقد جعل الله تعالى جزءا منه تعلّمه لا يسع أحدا جهله، وجعل تعالى جزءا يسيرا منه فضلا تعلمه، يكون من جهله ناقص الدرجة فى الفضل. وكلّ علم هذه صفته فهو علم فاضل، لا ينكر حقّه إلاّ جاهل أو معاند.
فأما الفرض من علم النسب، فهو أن يعلم المرء أنّ محمدا-ﷺ الذى بعثه الله تعالى إلى الجنّ والإنس بدين الإسلام، هو محمد بن عبد الله القرشى الهاشمىّ، الذى كان بمكة، ورحل منها إلى المدينة. فمن شكّ فى محمد ﷺ-أهو قرشىّ، أم يمانى، أم تميمىّ، أم أعجمى، فهو كافر، غير عارف بدينه، إلاّ أن يعذر بشدّة ظلمة الجهل؛ ويلزمه أن يتعلم ذلك، ويلزم من صحبه تعليمه أيضا.
ومن الفرض فى علم النسب أن يعلم المرء أن الخلافة لا تجوز إلا فى ولد فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة؛ ولو وسع جهل هذا لأمكن ادّعاء الخلافة لمن لا تحلّ له؛ وهذا لا يجوز أصلا. وأن يعرف الإنسان أباه وأمّه، وكلّ من يلقاه بنسب فى رحم محرّمة، ليجتنب ما يحرم عليه من النكاح فيهم. وأن يعرف كل من يتصل به برحم توجب ميراثا، أو تلزمه صلة أو نفقة أو معاقدة أو حكما مّا، فمن جهل هذا فقد أضاع فرضا واجبا عليه، لازما له من دينه.
حدّثنا أبو محمد عبد الله بن ربيع التميمىّ قال: ناأبو بكر محمد بن معاوية القرشى الهاشمى: ناأبو عبد الله الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب، قال: حدثنى أبى: ناأبو ضمرة أنس بن عياض: ناعبد الملك بن
1 / 2
عيسى الثّقفىّ، عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، عن أبى هريرة قال: قال لنا رسول الله ﷺ: «تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبّة فى الأهل، مثراة فى المال، منسأة فى الأجل، مرضاة للرب».
قال أبو محمد علىّ بن أحمد بن حزم: الحسن المذكور فى هذا الحديث، الذى رواه عنه محمد بن معاوية هذا، هو الحسن الأطروش الذى أسلم الدّيلم على يديه.
قال علىّ بن أحمد: وأما الذى تكون معرفته من النسب فضلا فى الجميع، وفرضا على الكفاية، نعنى على من يقوم به من الناس دون سائرهم، فمعرفة أسماء أمهات المؤمنين، المفترض حقّهن على جميع المسلمين، ونكاحهنّ على جميع المؤمنين حرام؛ ومعرفة أسماء أكابر الصحابة من المهاجرين والأنصار-رضى الله عنهم-الذين حبّهم فرض. وقد صحّ
عن رسول الله ﷺ: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار!». فهم الذين أقام الله بهم الإسلام، وأظهر الدين بسعيهم. وكذلك صحّ أنه-﵇-أمر كل من ولى من أمور المسلمين شيئا أن يستوصى بالأنصار خيرا، وأن يحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم.
قال علىّ: فإن لم نعرف أنساب الأنصار، لم نعرف إلى من نحسن ولا عمن نتجاوز؛ وهذا حرام. ومعرفة من يجب له حق فى الخمس من ذوى القربى؛ ومعرفة من تحرم عليهم الصدقة من آل محمد-﵇-ممن لا حق له فى الخمس، ولا تحرم عليه الصدقة. وكلّ ما ذكرنا، فهو جزء من علم النسب.
فوضح بما ذكرنا بطلان قول من قال إن علم النسب علم لا ينفع، وجهالة لا تضرّ،
1 / 3
وصحّ أنّه بخلاف ما قال؛ وأنه علم ينفع وجهل يضرّ. وقد أقدم قوم فنسبوا هذا القول إلى رسول الله ﷺ.
قال علىّ: وهذا باطل ببرهانين: أحدهما: أنه لا يصح من جهة النقل أصلا؛ وما كان هكذا فحرام على كل ذى دين أن ينسبه إلى النبى ﷺ؛ خوف أن يتبوأ مقعده من النار، إذ تقوّل عليه ما لم يقل. والثانى: أنّ البرهان قد قام بما ذكرناه آنفا على أن علم النسب علم ينفع، وجهل يضرّ فى الدنيا والآخرة، ولا يحلّ لمسلم أن ينسب الباطل المتيقّن إلى رسول الله ﷺ؛ وهذا من أكبر الكبائر. وفي الفقهاء من يفرّق فى أخذ الجزية وفى الاسترقاق، بين العرب [وبين] العجم، ويفرّق بين حكم نصارى بنى تغلب، وبين حكم سائر أهل الكتاب فى الجزية وإضعاف الصدقة؛ فهؤلاء يتضاعف الفرض عندهم فى الحاجة إلى علم النسب. وقد قصّ الله تعالى علينا فى القرآن ولادات كثير من الأنبياء-﵈-وهذا علم نسب. وكان رسول الله- ﷺ-يتكلم فى النسب
فقال: «نحن بنو النضر بن كنانة» وذكر أفخاذ الأنصار-رضى الله عنهم-إذ فاضل بينهم. فقدم بنى النجّار، ثم بنى عبد الأشهل، ثمّ بنى الحارث بن الخزرج، ثمّ بنى ساعدة؛ ثمّ
قال-﵇: «وفى كلّ دور الأنصار خير». وذكر بنى تميم، وبنى عامر بن صعصعة وغطفان. وأخبر-﵇-أنّ مزينة، وجهينة، وأسلم، وغفارا، خير منهم يوم القيامة. وذكر بنى تميم وشدّتهم على الدّجّال. وأخبر-﵇-أن بنى العنبر بن عمرو بن تميم من ولد إسماعيل. ونسب الحبشة إلى أرفدة. ونادى قريشا بطنا بطنا، إذ أنزل الله عليه: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾، وكلّ هذا علم نسب.
1 / 4
قال على: وكل هذا يبطل ما روى عن بعض الفقهاء من كراهية الرفع فى النسب إلى الآباء من أهل الجاهليّة؛ لأنّ هؤلاء الذين ذكر النبىّ ﷺ آباء جاهليون.
وقد قال ﵇:
أنا النبىّ لا كذب@أنا ابن عبد المطّلب حدّثنا محمد بن سعيد بن نبات: ناعبد الله بن نصر: ناقاسم بن أصبغ:
نامحمد بن وضّاح: ناموسى بن معاوية: ناوكيع: ناهشام بن عروة، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطّاب: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم».
وكان أبو بكر الصّدّيق-رضى الله عنه-وأبو الجهم بن حذيفة العدوى، وجبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف، من أعلم الناس بالأنساب.
وكان عمر، وعثمان، وعلىّ، به علماء، رضى الله عنهم. وإنما ذكرنا أبا بكر، وأبا الجهم بن حذيفة، وجبيرا قبلهم، لشدة رسوخهم فى العلم بجميع أنساب العرب. وقد أمر رسول الله ﷺ، حسان بن ثابت رضى الله عنه، أن يأخذ ما يحتاج إليه من علم نسب قريش عن أبى بكر الصدّيق-رضى الله عنه-وهذا يكذب قول من نسب إلى رسول الله-ﷺ-أن النسب علم لا ينفع، وجهل لا يضرّ؛ لأنّ هذا القول لا يصحّ، وكل ما ذكرنا صحيح مشهور منقول بالأسانيد الثابتة، يعلمها من له أقلّ علم بالحديث.
وما فرض عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب-رضى الله عنهم-الديوان، إذ فرضوه، إلاّ على القبائل؛ ولولا علمهم بالنسب، ما أمكنهم ذلك. فبطل كلّ قول خالف ما ذكرناه.
وكان سعيد بن المسيّب، وابنه محمد بن سعيد، والزّهرىّ، من أعلم الناس بالأنساب، فى جماعة من أهل الفضل والفقه والإمامة، كمحمد بن إدريس الشافعى، وأبى عبيد القاسم بن سلاّم، وغيرهما.
ومات بقرطبة سنة ٤٢٢ محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عبد الله بن مروان ابن عبد الله بن مسلمة بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان
1 / 5
ابن الحكم الكاتب، وهو آخر من بقى من ولد مسلمة بن عبد الرحمن بن معاوية، المعروف بكليب، وإليه تنسب أرحى كليب التى على النهر بقبلى قرطبة؛ فورّثت أنا ماله محمّد بن عبد الملك بن عبد الرحمن [بن عبد الملك بن عبد الرحمن] ابن سعيد الخير بن عبد الرحمن بن معاوية. بالقعدد، ودفعته إليه، وقضيت له به؛ وما كان عند محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن هذا علم بأنه مستحق هذا المال، ولا كان له طمع فى أخذه؛ فلولا علمى بالنسب لضاع هذا المال، وأخذه غير أهله بغير حق! ومثل هذا كثير.
قال علىّ: فجمعنا فى كتابنا هذا تواشج أرحام قبائل العرب، وتفرّ بعضها من بعض، وذكرنا من أعيان كلّ قبيلة مقدارا يكون من وقف عليه خارجا من الجهل بالأنساب، ومشرفا على جمهرتها. وبالله تعالى التوفيق.
وبدأنا بولد عدنان، لأنهم الصريح من ولد إسماعيل الذّبيح بن إبراهيم الخليل رسول الله ﷺ، ولأن محمدا رسول الله ﷺ، سيد ولد آدم-﵇-من عدنان.
وابتدأنا من ولد عدنا بقريش لموضعه ﵇ منهم، وابتدأنا من قريش بالأقرب فالأقرب منه ﵇، ثمّ الأقرب فالأقرب من قريش. وابتدأنا من ولد قحطان بالأنصار-رضى الله عنهم-لأنّهم أولى الناس بذلك، لتقديم الله تعالى إياهم فى الفضل، ولما أظهر الله ﷿ بأيديهم من الدين، فأوجب لهم بذلك حقّا على كل مسلم؛ ثمّ بالأقرب فالأقرب من الأنصار.
وبالله تعالى التوفيق، لا رب غيره. [ولا معبود سواه].
1 / 6
باب الكلام فى انقسام أجذام العرب جملة
جميع العرب يرجعون إلى ولد ثلاثة رجال: وهم عدنان، وقحطان، وقضاعة.
فعدنان من ولد إسماعيل بلا شك فى ذلك، إلاّ أنّ تسمية الآباء بينه وبين إسماعيل قد جهلت جملة. وتكلم فى ذلك قوم بما لا يصحّ؛ فلم نتعرض لذكر ما لا يقين فيه؛ وأمّا كلّ من تناسل من ولد إسماعيل-﵇-فقد غبروا ودثروا، ولا يعرف أحد منهم على أديم الأرض أصلا، حاشا ما ذكرنا من أنّ بنى عدنان من ولده فقط.
وأما قحطان، فمختلف فيه من ولد من هو؟ فقوم قالوا: هو من ولد إسماعيل ﵇. وهذا باطل بلا شك، إذ لو كانوا من ولد إسماعيل، لما خص رسول الله-ﷺ-بنى العنبر بن عمرو بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان بأن تعتق منهم عائشة.
وإذ كان عليها نذر عتق رقبة من بنى إسماعيل، فصحّ بهذا أنّ فى العرب من ليس من ولد إسماعيل. وإذ بنو العنبر من ولد إسماعيل، فآباؤه بلا شك من ولد إسماعيل؛ فلم يبق إلاّ قحطان وقضاعة.
وقد قيل إنّ قحطان من ولد سام بن نوح؛ والله أعلم؛ وقيل: من ولد هود ﵇؛ وهذا باطل أيضا بيقين قول الله تعالى: ﴿وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُودًا﴾ وقال تعالى: ﴿وَأَمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ. فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ﴾. وهود، ﵇، من عاد، ولا ترى باقية لعاد.
1 / 7
والذى فى التوراة من أنه قحطان بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ﵇ فقد بيّنّا فى كتابنا الموسوم ب «الفصل» يقين فساد نقل التوراة، عند ذكرنا ما فيها من الكذب الظاهر، الذى لا مخرج منه، وأنها مصنوعة مولدة، ليست التى أنزل الله تعالى على موسى-﵇-ألبتّة.
وأما قضاعة فمختلف فيه: فقوم يقولون: هو قضاعة بن معد بن عدنان، وقوم يقولون: هو قضاعة بن مالك بن حمير؛ فالله أعلم.
ووجدنا فى كتب بطليموس، وفى كتب العجم القديمة، ذكر القضاعيين ونبذة من أخبارهم وحروبهم. فالله أعلم أهم أوائل قضاعة هذه وأسلافهم، أم هم غيرهم.
وبلاد قضاعة متّصلة بالشأم، وببلاد يونان والأمم التى بادت ممالكها بغلبة الروم عليها، وببلاد بنى عدنان، ولا تتّصل ببلاد اليمن أصلا. إلا أن الذى يقطع به، ويثبت، ويحقق، ويوقن، فهو أنه ليس على ظهر الأرض أحد يصل نسبه بصلة قاطعة، ونقل ثابت، إلى إسماعيل، ولا إلى إسحاق-﵉ نعنى ابنى إبراهيم خليل الله-ﷺ-فكيف إلى نوح؟ فكيف إلى آدم؟ ﵉-هذا ما لا مرية فيه! وقد ظنّ قوم من فرقة، أن [رأس] الجالوت يصل نسبه إلى إسحاق ﵇، وليس كما ظنّوا، وقد بيّنّا البرهان على كذب هذا الظنّ، وعلى أن نسب داود، ﵇، لا يصل إلى إسحاق، فى كتاب «الفصل»؛ فأغنى عن إعادته. فأثبتنا الصحيح، وألغينا المشكوك. وبالله تعالى التوفيق.
وأمّا الذين يسمّونهم العرب والنسّابون العرب العاربة كجرهم، وقطورا،
1 / 8
وطسم، وجديس، وعاد، وثمود، وأميم، وإرم، وغيرهم، فقد بادوا؛ فليس على أديم الأرض أحد يصحّح أنه منهم، إلا أن يدعى قوم ما لا يثبت. وكذلك سائر ولد إبراهيم-ﷺ-كمدين بن إبراهيم، وسائر إخوته؛ وكذلك بنو عمّون المنسوبون إلى لوط ﵇. وكذلك ولد ناحورا أخى إبراهيم ﵇. وكذلك ولد عيصو بن إسحاق ﵇؛ فليس على وجه الأرض أحد يقال: «هذا منهم»، على ما كانوا فيه من كثرة العدد.
فسبحان هادم الممالك، ومبيد القرون، ومفنى الأمصار، وماحى الآثار، الذى يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
هؤلاء ولد عدنان والصريح من ولد إسماعيل ﵇
قال علىّ: شرطنا أن لا نذكر من ولادات أوائل القبائل وأوساطها إلا من أنسل من العرب. وأمّا من انقرض نسله فلا معنى لذكره، إلا من كان من الصحابة -رضى الله عنهم-وأبنائهم، وأهل الشرف ونباهة الذكر، فلا بد من ذكرهم؛ أو يدعو سبب إلى ذكر من انقرض عقبه لشهرته أو لبعض الأمر، وإن انقرضت أعقابهم. وبالله تعالى التوفيق.
ولد عدنان: معدّ بن عدنان: وعكّ بن عدنان، قيل: اسمه الحارث، وقد قيل:
عكّ بن الدّيث (بالدال غير منقوطة، والثاء التى عليها ثلاث نقط) ابن عدنان.
فولد معد بن عدنان: نزار بن معدّ؛ وإياد بن معدّ؛ وقنص بن معدّ.
1 / 9
وقد قيل إن ملوك الحيرة من المناذرة وآلهم من ولد قنص، والله أعلم؛ وقيل وعبيد الرّماح بن معدّ؛ ذكر أنّهم دخلوا فى بنى مالك بن كنانة، والله أعلم.
والضحاك بن معد؛ هو الذى أغار على بنى إسرائيل فى أربعين فارسا من تهامة.
فولد نزار بن معدّ بن عدنان: مضر، وربيعة، وإياد؛ وقيل: وأنمار. وذكروا أن خثعم وبجيلة من ولد أنمار، والله أعلم. إلاّ أن الصحيح المحض الذى لا شكّ فيه، أن قبائل مضر، وقبائل ربيعة ابنى نزار، ومن تناسل من إياد ومن عكّ، فإنّهم صرحاء ولد إسماعيل ﵇، ولا يصحّ ذلك لغيرهم ألبتّة.
فولد مضر: الياس بن مضر: وقيس عيلان بن مضر، [أمّهما أسمى بنت سود بن أسلم بن الحارث بن قضاعة]. وقد قال قوم: قيس بن عيلان بن مضر، والصحييح قيس عيلان. قال نصر بن سيار.
أنا ابن خندف تنمينى قبائلها … للصّالحات وعمى قيس عيلانا
وقال حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة، بحضرة وجوه العرب وقتيبة ابن مسلم، فى حديث طويل:. «لو رآها قيس لسمّى قيس شبعان، ولم يسمّ قيس عيلان». وهاتان شهادتان عاملتان.
فولد الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: عامر، وهو مدركة؛ وعمرو، وهو طابخة؛ وعمير، وهو قمعة، أمّهم خندف من قضاعة؛ فنسبوا إليها، وخزاعة من ولد قمعة المذكور.
1 / 10
فولد مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: خزيمة بن مدركة، وهذيل بن مدركة. وقيل: وغالب بن مدركة، قيل إنّ ولد غالب هذا دخلوا فى بنى الهون بن خزيمة بن مدركة؛ والله أعلم.
فولد خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان: كنانة ابن خزيمة: وأسد بن خزيمة، والهون بن خزيمة. وقال قوم، وليس بشئ: وأسد [بن خزيمة]، وإن لخما وجذام وعاملة هم بنو أسدة بن خزيمة، والله أعلم.
هؤلاء ولد كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر
ابن نزار بن معدّ بن عدنان
ولد كنانة بن خزيمة بن مدركة: النّضر، وملك، وملكان، وعبد مناة؛ لم يعقب لكنانة ولد غير هؤلاء. وليس فى العرب ملك (بإسكان اللام) غير ملك بن كنانة فقط؛ وسائرهم مالك (بكسر اللام وقبلها ألف)، ولا أعرف فيمن تأخر من اسمه ملك أيضا، إلاّ ملك والد بكر بن ملك، صاحب فرغانة، من كبار الدّهاقين.
فإلى هؤلاء ترجع جميع أنساب كنانة.
هؤلاء ولد النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس
ابن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان
ولد النضر بن كنانة: مالك بن النّضر، لا يصح له عقب من ولد غيره؛ وقيل:
ويخلد بن النضر، وإنّ بنى يخلد هؤلاء دخلوا فى بنى كنانة؛ والله أعلم. قيل إنه كان منهم قريش بن بدر بن يخلد بن النّضر، وإنه كان دليل قومه فى الجاهلية فى متاجرهم؛ فكان يقال: «قدمت عير قريش!». فيه سموا قريشا. وقيل إن
1 / 11
بدرا أباه إليه نسبت بدر، البقعة المكرّمة التى نصر الله فيها رسوله ﷺ.
فولد مالك بن النضر بن كنانة: فهر بن مالك، لا يصحّ له عقب من ولد غيره، وهو الصريح من ولده. وقيل أيضا: والصّلت بن مالك، وإن ولد الصلت هذا دخل فى بنى مليح من خزاعة، رهط كثيّر بن عبد الرحمن الشاعر؛ ولذلك كان ينتسب فى قريش.
هؤلاء ولد فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن
مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان
وهم قريش لا قريش غيرهم؛ ولا يكون قريشىّ إلاّ منهم، ولا من ولد فهر أحد إلا قريشىّ ولد فهر بن مالك: غالب، وفيه البيت والعدد (نعنى بالبيت حيث ما ذكرناه الشرف، وبالعدد الكثرة)؛ ومحارب؛ والحارث. فولد غالب بن فهر: لؤىّ بن غالب؛ وتميم بن غالب، وهو الأدرم؛ وقيس بن غالب، انقرض. آخر من بقى من قيس ابن غالب رجل مات فى أيّام خالد بن عبد الله القسرى، فبقى لا يعرف من يستحقّ ميراثه؛ لكثرة ولد لؤىّ وانتشارهم.
فولد لؤى بن غالب: كعب بن لؤىّ، وفيه البيت والعدد؛ وعامر بن لؤى، وهذان الصريحان من ولد لؤىّ [بن غالب؛ وسامة بن لؤى. وقد قيل: وسعد ابن لؤى]؛ وعوف بن لؤى: والحارث، وهو جشم، بن لؤىّ. وليس هؤلاء ممن يقطع على صحّة أمرهم.
1 / 12
أما عوف، فدخلوا فى بنى ذبيان من غطفان بن قيس عيلان، وهم بنو مرّة ابن عوف بن سعد بن ذبيان، رهط الحارث بن ظالم المرّى؛ وسائر بنى مرة؛ وفيهم شرف قومهم؛ وينتمون فيقولون: بنو عوف بن سعد بن ذبيان.
وأما خزيمة، فدخلت فى شيبان بن ذهل بن بكر بن وائل؛ يعرفون ببنى عائذة:
منهم مقّاس العائذى الشاعر. وأما بنو سعد، فدخلوا أيضا فى بنى شيبان بن ذهل، وهم بنو بنانة، رهط ثابت البنانىّ الفقيه الزاهد، ﵀.
وأما الحارث، وهو جشم، فدخلوا فى هزّان من عنزة، ثم من ربيعة.
فمن بنى خزيمة المذكور، الفقيه على بن مسهر بن عمير بن عصم بن حضنة ابن عبد الله بن مرة بن ربيعة بن جارية بن سمىّ بن تميم بن الحارث بن مالك بن عبيد بن خزيمة المذكور، قاضى الموصل.
وبنو ناجية، الذين قتلهم علىّ-رضى الله عنه-على الرّدّة وسباهم، من بنى سامة. ومنهم على بن الجهم بن بدر بن الجهم بن مسعود بن أسيد بن أذنية بن كرّاز بن كعب بن جابر بن مالك بن عتبة بن الحارث بن قطن بن مدلج بن أخرم بن ذهل بن عمرو بن مالك بن عبيدة بن الحارث بن سامة بن لؤىّ، الشاعر القديم. وأما كعب بن لؤىّ، فولد مرّة، وفيه العدد والشرف؛ وعدىّ؛ وهصيص. فولد مرّة بن كعب بن لؤى: كلاب بن مرة، وفيه البيت والشرف؛ وتيم بن مرة: ويقظة بن مرّة.
1 / 13
فولد كلاب بن مرّة: قصى بن كلاب، وفيه البيت والشرف؛ وزهرة بن كلاب.
فولد قصى بن كلاب: عبد مناف، وفيه البيت والشرف؛ وعبد العزّى؛ وعبد الدار، وفيهم حجابة البيت؛ وعبد، انقرض عقب عبد.
فولد عبد مناف بن قصى: عمرو وهو هاشم، وفيه العدد والشرف؛ والمطّلب؛ وعبد شمس؛ ونوفل. وأمّ هاشم وعبد شمس والمطلب: عاتكة بنت مرة بن هلال ابن فالج بن ذكوان السّلمية. وأمّ نوفل: واقدة من بنى مازن بن صعصعة السّلمية، خلف عليها هاشم بن عبد مناف بعد أبيه؛ وكانت العرب تسمى هذا النكاح نكاح المقت؛ فولدت له ابنتين: خالدة، وضعيفة. وكان هاشم وعبد شمس توأمين، وخرج عبد شمس فى الولادة قبل هاشم.
فولد هاشم بن عبد مناف: شيبة، وهو عبد المطلب، وفيه العمود والشرف، ولم يبق لهاشم عقب إلاّ من عبد المطّلب فقط. وأمّ عبد المطلب: سلمى بنت عمرو ابن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار من الأنصار، وأخواه لأمه معبد، وعمرو، ابنا أحيحة بن الجلاح. وكان لهاشم أيضا من الولد:
نضلة؛ وأبو صيفى؛ وأسد، بنو هاشم بن عبد مناف: انقرضت أعقابهم. وكان منهم عمرو بن أبى صيفى، الذى أعتق سارة التى حملت كتاب حاطب بن أبى بلتعة إلى قريش، ينذرهم بغزو النبى ﷺ إليهم، عام الفتح لمكّة، فاتّبعها علىّ والزبير فأدركاها، وأخذا الكتاب منها؛ وفاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهى من المهاجرات المبايعات؛ أمّ جميع ولد أبى طالب: علىّ، وجعفر وعقيل، وأم هانئ، وطالب، بنى أبى طالب، وابن أخيها عبد الله بن حنين بن أسد بن هاشم، لا عقب له.
فولد عبد المطّلب بن هاشم: عبد الله، فيه الشرف كلّه؛ وأبا طالب، وأبا لهب
1 / 14
اسمه عبد العزّى، ويكنى أبا عتبة؛ والزبير؛ أمّ عبد الله والزبير وأبى طالب:
فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرّة؛ والمقوّم؛ والحارث؛ وحمزة؛ والعبّاس؛ وبنين غيرهم، فلم يعقب أحد منهم عقبا باقيا إلا أربعة: العباس، وأبو طالب، والحارث، وأبو لهب، وأربع بنات، منهنّ البيضاء أمّ أمّ عثمان -رضى الله عنه-وهى توأمة عبد الله بن عبد المطلب.
أمّ عبد الله وأبى طالب والزبير: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران. وأمّ العبّاس وضرار: نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن النمر بن قاسط بن ربيعة بن نزار؛ وأمّ عمرو بن عامر هذا هى القرّيّة التى ينسب إليها بنو القرّية. وأمّ حمزة وصفيّة أمّ الزّبير: هالة بنت وهيب بن عبد مناف ابن زهرة. وأمّ الحارث: صفيّة من بنى عامر بن صعصعة. وأمّ أبى لهب:
لبنى الخزاعية.
وهذا نسب عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف
ولد عبد الله بن عبد المطّلب: رسول الله وسيد ولد آدم، الذى فرض الله طاعته على جميع الإنس والجنّ، واتخذه خليلا وكليما، وختم به الأنبياء والرّسل، وبملّته الملل، وأظهر على يديه المعجزات: من شقّ القمر، وإنباع الماء، وإطعام النفر الكثير من الطعام اليسير، وغير ذلك: ولم يصحّ شرف إلا لمن أطاعه واتّبعه، محمدا ﷺ. لم يكن لعبد الله ولد غيره ﵇، ولم يعقب ﵇ ذكرا إلا إبراهيم بن رسول الله ﷺ؛ مات صغيرا، لم يستكمل عامين، فى حياة النبىّ ﵇. وأمّ إبراهيم هذا: مارية القبطيّة،
1 / 15
أهداها إليه المقوقس النصرانىّ، صاحب الإسكندريّة؛ ومات إبراهيم قبل موت النبى ﷺ، بأربعة أشهر؛ ودفن بالبقيع.
وكان لرسول الله ﷺ من الولد سوى إبراهيم: القاسم، وآخر اختلف فى اسمه، فقيل: الطاهر، وقيل: الطيّب، وقيل: عبد الله، وقيل:
عبد العزى، ماتوا صغارا جدّا.
وكان له ﵇ من البنات: زينب، أكبرهنّ؛ وتاليتها رقيّة؛ وتاليتها فاطمة؛ وتاليتها أمّ كلثوم. أمّ جميع ولده ﷺ، حاشى إبراهيم:
خديجة أمّ المؤمنين، بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ.
فأمّا زينب، فتزوّجها أبو العاصى بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس؛ فولدت له أمامة وعليّا، مات مراهقا، لا عقب لهما. وتزوّج أمامة علىّ بن أبى طالب بعد موت فاطمة خالتها؛ فمات عنها، ولم تلد له؛ ثم تزوجها بعده المغيرة ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب؛ وأسلم أبو العاصى وهاجر ﵀.
وتزوّج رقية عثمان بن عفان؛ فولدت له عبد الله، مات صغيرا ابن ستة أعوام.
وتزوج أم كلثوم أيضا عثمان بن عفّان، بعد موت أختها رقيّة؛ فماتت عنده أيضا ولم تلد.
وتزوّج فاطمة على بن أبى طالب؛ فولدت له الحسن: والحسين؛ والمحسّن مات المحسّن صغيرا؛ وزينب؛ وأمّ كلثوم رضى الله عنهم.
وماتت زينب ورقيّة وأمّ كلثوم بنات النبى ﷺ فى حياته.
وعاشت فاطمة بعده ﵇ شهورا ثلاثة. وقيل: ستة، ولم تتجاوز منهن واحدة خمسا وثلاثين سنة. وماتت فاطمة رضى الله عنها ولها خمس
1 / 16
وعشرون سنة. وماتت رقيّة فى نحو هذه السن، يوم ورد الخبر بفتح بدر. ولم تبلغ أمّ كلثوم اثنتين وعشرين سنة. وماتت أيضا زينب فى حدّ الحداثة، رضى الله عنهن.
وأم رسول الله ﷺ: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، لم يكن لها زوج غير عبد الله والد رسول الله ﷺ، لا قبله ولا بعده.
وكان ﵇ إذ مات أبواه، فى حدّ الطفولية.
مضى عبد الله بن عبد المطّلب.
وهؤلاء ولد الزّبير بن عبد المطّلب
ولد الزّبير بن عبد المطلب: الطاهر؛ وحجل؛ وقرّة؛ وعبد الله، له صحبة قتل يوم أجنادين؛ ولا عقب لواحد منهم.
وهؤلاء ولد المقوّم بن عبد المطّلب
ولد المقوّم بن عبد المطّلب: بكر؛ وعبد الله. فولد بكر بن المقوم: عبد الله.
لا عقب للمقوّم.
وهؤلاء ولد حمزة بن عبد المطّلب
لم يسلم من ولد عبد المطلب المذكورين أحد إلاّ حمزة والعبّاس. فولد حمزة:
عمارة، أمّه خولة بنت قيس بن قهد الأنصارى؛ ويعلى؛ وعامر، أمّهما أنصاريا وابنة، تزوجها سلمة بن أبى سلمة بن عبد الأسد المخزومىّ.
وقد انقرض عقب حمزة، رضى الله عنه.
1 / 17
وهؤلاء ولد العبّاس بن عبد المطّلب
ولد العباس-رضى الله عنه-: الفضل، به كان يكنى، ردف رسول الله ﷺ، وهو أحد من تولّى غسل رسول الله ﷺ؛ لم يعقب إلا ابنة تزوّجها أبو موسى الأشعرىّ صاحب رسول الله ﷺ. ولدت أمّ كلثوم بنت الفضل بن العباس لأبى موسى الأشعرىّ، رضى الله عنه: موسى بن أبى موسى؛ وإخوته لأمه محمد، وجعفر، وحمزة، بنو الحسن بن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، لا عقب لهؤلاء من ولد الحسن؛ وعبد الله أبا العباس الحبر البحر، ولد بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات بالطائف، وصلّى عليه محمد بن الحنفيّة؛ وعبيد الله، ولى اليمن لعلىّ، ومات بالمدينة؛ وقثم، ولى بالمدينة لعلى، ومات بسمرقند، وكان يشبه رسول الله ﷺ، ولا عقب له؛ ومعبد، ولى مكّة لعلى، ومات بإفريقية؛ وعبد الرحمن؛ وهؤلاء لأمّ الفضل الهلاليّة؛ وعبد الرحمن هذا مات بإفريقية لا عقب له؛ وتمّام، لا عقب له، لأمّ ولد؛ كان له ولد اسمه جعفر؛ وكان لجعفر هذا ابنان: تمام ويحيى ابنا جعفر، مات تمّام، ثمّ مات يحيى، ولم يعقبا، فى دولة المنصور فورثه عبد الصمد بن على؛ وكثيّر، لا عقب له، لأمّ ولد؛ والحارث، لأمّ ولد، لا عقب له. فالعقب من ولد العبّاس لعبد الله، وعبيد الله، ومعبد.
وأما الحارث، فليس فى أولاده مشهور إلا السرى بن عبد الله بن الحارث ابن العبّاس بن عبد المطّلب، ولى مكّة لأبى جعفر المنصور، واليمامة أيضا له؛ وإخوته العباس، والمطلب، والحارث؛ وابن أخيه الزبير بن العبّاس بن عبد الله ابن الحارث بن العبّاس، ولى السّند. وقد انقرضوا كلّهم.
وأمّا معبد بن العبّاس بن عبد المطّلب، فمن ولده: العبّاس بن عبد الله ابن معبد بن العبّاس بن عبد المطّلب؛ ولى مكّة والطائف للسفاح؛ وكان رجلا صالحا، روى عنه سفيان بن عيينة؛ وابنا أخيه داود، ومحمد ابنا إبراهيم
1 / 18
ابن عبد الله بن معبد، ولى داود هذا واسط، للمنصور. ومنهم. أيضا:
محمد بن العباس بن عبد الله المذكور، كلّهم محدّث. ومنهم أيضا: أبو بكر بن أبى موسى المعبدىّ، ولى القضاء ببغداد أيّام المطيع؛ وكان عظيم الجاه ببغداد عند الراضى والمتقى والمستكفى والمطيع، وعند الديالمة؛ وله عقب باق.
وأما عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطلب، فمن ولده قثم بن العبّاس بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطّلب، ولى اليمامة ومكّة؛ وابنه عبيد الله بن قثم، ولى مكة للرشيد؛ ومحمد بن جعفر بن عبيد الله بن العبّاس. ومنهم أسماء ابنة الحسن بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطّلب، التى رفعت الراية السوداء على منار مسجد مدينة الرسول-ﷺ-يوم لقاء محمد بن عبد الله الحسنى لعيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس؛ فكان ذلك سبب انهزام أهل المدينة. وكانت أمّ الحسن بن عبد الله المذكور وأمّ أخيه الحسين بن عبد الله: أسماء بنت عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب.
وهؤلاء ولد عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب
ولد عبد الله بن العباس: العباس؛ ومحمد؛ والفضل؛ وعبد الرحمن، لا عقب لواحد منهم؛ وعلىّ، وهو أصغرهم، وفيه الجمهرة والعدد والبيت والخلافة؛ ولا عقب لعبد الله من غير علىّ؛ مات على سنة ١١٧، ومولده سنة ٤٠ من الهجرة؛ وأمّه زهرة بنت مشرح الكنديّة؛ وسليط، لأمّ ولد، نفاه عبد الله بن العباس؛ ثم استلحقه، واتّهم أخوه علىّ بقتله؛ فجلده الوليد بن عبد الملك لذلك مائة سوط.
وادعى أبو مسلم أنه عبد الرحمن بن سليط هذا ابن عبد الله بن العباس، ولا عقب
1 / 19
لسليط. فولد على بن عبد الله بن العباس: محمد، وفيه البيت والعدد والخلافة، أمّه العالية بنت عبيد الله بن العباس؛ مات محمد سنة ١٢٢، وكان بينه وبين أبيه علىّ أربع عشرة سنة؛ وسليمان، صاحب البصرة، وفى ولده أيضا ثروة ورياسة؛ وداود، صاحب الحجاز؛ وعبد الله، صاحب الشام، أمّه لبنى، أمّ ولد؛ وصالح، صاحب مصر (وكانت فى ولده أيضا ثروة ورياسة، ولى الشام ومصر ولده بها، بحلب ومنبج وسلمية)، شقيق سليمان؛ وعيسى، صاحب فارس، شقيق داود؛ وعبد الصمد، صاحب الجزيرة؛ وإسماعيل، شقيق عبد الصمد، صاحب الكوفة.
لكلّ هؤلاء عقب وأولاد، غير هؤلاء ليس لهم عقب.
وهؤلاء ولد محمد بن علىّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب
ولد محمد بن علىّ: عبد الله أبا العبّاس، أمير المؤمنين؛ أمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان بن الديّان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد؛ وعبد الله أبا جعفر المنصور، أمير المؤمنين؛ أمّه سلامة أمّ ولد، قيل: نفزيّة، وقيل:
صنهاجية؛ والعبّاس بن محمد؛ أصغر ولد أبيه، ولد قبل موت أبيه بعامين سنة عشرين ومائة؛ أمّه أمّ ولد؛ وموسى بن محمد؛ وإبراهيم الإمام بن محمد؛ وهما أكبر ولد محمّد؛ ويحيى بن محمد أمّه بنت ببّة، وهى أمّ الحكم بنت عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب؛ وكان يحيى عاقّا بأبيه محمّد؛ ولبابة بنت محمد، تزوّجها جعفر بن سليمان بن على، فماتت عنده ولم تلد له.
أما أبو العباس السفاح، أمير المؤمنين، فأعقب بنين، أكبرهم محمد ولى البصرة، ومات عن غير عقب. ولا عقب لأبى العباس السفّاح، ولا عقب أيضا
1 / 20