جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية
الناشر
المطبعة الشرفية - مصر
مكان النشر
طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته
تصانيف
السيرة النبوية
شَأْنُ الْمُتَوَاضِعِ
بِالطَّبْعِ وَيُؤَكِّدُهُ وَيُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ: (نَظَرُهُ): أَيْ مُطَالَعَتُهُ. (إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ): أَيْ أَكْثَرُ أَوْ زَمَنُ نَظَرِهِ إِلَيْهَا أَطْوَلُ أَيْ أَزْيَدُ وَأَمَدُّ (مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ): وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا بِرَأْسِهِ مُخْبِرًا عَنْ نِهَايَةِ تَوَاضُعِهِ وَخُضُوعِهِ وَغَايَةُ حَيَائِهِ مِنْ رَبِّهِ وَكَثْرَةُ خَوْفِهِ وَخُشُوعِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ نَظَرَهُ إِلَى الْأَرْضِ حَالَ السُّكُوتِ وَعَدَمِ التَّوَجُّهِ إِلَى أَحَدٍ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: كَانَ ﷺ إِذَا جَلَسَ يَتَحَدَّثُ يُكْثِرُ أَنْ يَرْفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الرَّفْعَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ تَوَقُّعِهِ انْتِظَارَ الْوَحْيِ فِي أَمْرٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْأَكْثَرُ لَا يُنَافِي الْإِكْثَارَ. (جُلُّ نَظَرِهِ): بِضَمِّ الْجِيمِ وَاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ مُعْظَمُهُ وَأَكْثَرُهُ. (الْمُلَاحَظَةُ): وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ اللَّحْظِ وَهُوَ النَّظَرُ بِاللِّحَاظِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا، يُقَالُ: لَحِظَهُ وَلَحِظَ إِلَيْهِ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ، وَاللِّحَاظُ بِالْفَتْحِ شَقُّ الْعَيْنِ مِمَّا يَلِي الصُّدْغَ، وَأَمَّا الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ فَالْمَوْقُ وَالْمَاقُ، وَاللِّحَّاظُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ لَاحَظْتُهُ إِذَا رَاعَيْتَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ جُلَّ نَظَرِهِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الْخِطَابِ الْمُلَاحَظَةُ فَلَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا وَتُحْمَلُ الْمُلَاحَظَةُ عَلَى حَالِ الْعِبَادَةِ. (يَسُوقُ أَصْحَابَهُ): أَيْ يُقَدِّمُهُمْ أَمَامَهُ وَيَمْشِي خَلْفَهُمْ تَوَاضُعًا وَإِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ كَالرَّاعِي يَسُوقُهُمْ وَإِيمَاءً إِلَى مُرَاعَاةِ أَضْعَفِهِمْ فَيَتَأَخَّرُ عَنْهُمْ رِعَايَةً لِلضُّعَفَاءِ وَإِعَانَةً لِلْفُقَرَاءِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " يُقَدِّمُ أَصْحَابَهُ " مِنَ التَّقْدِيمِ، أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطَأُ عَقِبُهُ عَقِبَ رَجُلٍ. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَرْبَابِ الْجَاهِ مِنَ الْجُهَلَاءِ وَأَصْحَابِ التَّكَبُّرِ وَالْخُيَلَاءِ، وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: " خَلُّوا ظَهْرِي لِلْمَلَائِكَةِ "، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يَمْشُونَ أَمَامَهُ وَيَدَعُونَ ظَهْرَهُ لِلْمَلَائِكَةِ، وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) وَيُرْوَى: " يَنُسُّ أَصْحَابَهُ "، فِي الْقَامُوسِ: النَّسُّ بِالنُّونِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ السَّوْقُ يَنُسُّ وَيَنِسُّ. (وَيَبْدُرُ): مِنْ حَدِّ نَصَرَ
بِمَعْنَى يَسْبِقُ وَيُبَادِرُ. (مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ): مُتَعَلِّقٌ بَيَبْدُرُ أَيْ بِالتَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ
1 / 44