351

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

مناطق
العراق
الامبراطوريات
الخلفاء في العراق
مَا يَكُنْ كَائِنا لَا شكّ فِيهِ ... يَزِدْهُ الصُّبْحُ وَاللَّيْل اقترابا
وليسا زَائِدِي شَيْئا تَوَلَّى ... وحَالا دُونَهُ إِلا ذَهَابَا
وَفِي الرُّكْن الثَّالِث:
أيالك دَهْرًا قَدْ خَلا عَجَبُهْ ... دَهْرًا تحول رَأسه وذنبه
دَهْرًا تَدَاوَلَهُ الإماءُ فَقَدْ ... تَرْضَى بماءِ بُطُونِهَا عَرَبُهْ
وَفِي الرُّكْن الرَّابِع الْأَخير:
الأخيرُ شَرُّ ... الأخيرُ شَرّ
قَالَ القَاضِي: تُرْجع مِل الهَجْعة أَرَادَ من الهجعة، فَحذف النُّون، وَلَم يَأْتِ بِالْكَلِمَةِ عَلَى أَصْلهَا لِئَلَّا ينكسر الشّعْر، وَهَذَا مذهبٌ مَعْرُوف فِي الْعَرَبيَّة إِذا كَانَتْ هَذِهِ اللَّام ظَاهِرَة كَقَوْلِهِم: بَلْعَنْبر وبَلْحَرث وبَلْقَيْن، فَإِذا كَانَت اللَّام لَا تظهر أخرج عَلَى أَصله كَقَوْلِك، بَنو الرحل وَيَقُولُونَ: بَلْمَرة لظُهُور اللَّام، قَالَ الشَّاعِر:
غَدا بني علْبَاء بَكْر بْن وَائِل ... وعجا صُدُور الْخَيل نحر تَمِيم
وَمن الْكثير الفاشي من هَذَا الْبَاب فِي كَلَامهم قَوْلهم: مَا أنْسَ مِلْ أَشْيَاء بِمَعْنى من الْأَشْيَاء، قَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا مل أَشْيَاء لأنس قَوْلهَا ... لَعَلَّ النَّوَى بعد التغرق تصقب
فَمَا أنسى ملْ أشياءِ لَا أنسى قَوْلَها ... وأدمُعها يَغْسِلْن حَشْو المكاحِلِ
وَهَذَا بَاب يَتَّسِع، ويتصل بِهِ الْبَيَان عَنْ قِرَاءَة أَبِي عَمْرو: " وأنَّهُ أَهْلَكَ عَادَلْ أُولَى "، وقَالَ الشَّمَاخُ بْن ضِرار يمدح عرابة الأوسي:
رَأَيْت عرايتل أَوْسِيَّ يَسْمُو ... إِلَى الخيراتِ مُنْقَطِعَ القَرِين
ولِشَرْح هَذَا الْمَعْنى مَوضِع من كتبنَا هُوَ أحقُّ بِهِ.
المجلِسُ الثَامِن وَالأربَعوُنَ
خَبَرُ بَنِي أُبَيْرِقٍ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وثلثمائة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرَّانِيُّ بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ بيتٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُمْ " بَنُو أُبَيْرِقٍ ": بِشْرٌ وَبُشَيْرٌ وَمُبَشِّرٌ، وَكَانَ بُشَيْرٌ رَجُلا مُنَافِقًا، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمّ يَنْحَلُهُ بَعْضَ الْعَرَبِ، ثُمّ يَقُولُ: قَالَ فُلانٌ كَذَا وَقَالَ فُلانٌ كَذَا، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ الشِّعْرَ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشِّعْرُ إِلا الْخَبيث، فَقَالَ:

1 / 355