الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
محقق
عبد الكريم سامي الجندي
الناشر
دار الكتب العلمية
الإصدار
الأولى ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
مناطق
•العراق
الامبراطوريات
الخلفاء في العراق
النَّسائيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كثير بْن مَخْلَد بْن الْحُسَيْن، عَنْ هِشَام بْن حَسَّان، قَالَ: كَانَ الْحَسَن إِذا اشْترى لَهُ شَيْء بِكَذَا وَكَذَا وَنصف أتمه بِهِ، فَبَاعَ الْحَسَنُ بَغْلا لَهُ بِأَرْبَع مائَة دِرْهَم، فَقِيل لصَاحبه، لَو أَتَيْته فاستَحْطَطْتُه من ثمنه شَيْئا، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيد! إِن رَأَيْت أَن تُخَفِّف عني من ثمن الْبَغْل! فَقَالَ لَهُ: خَمْسُونَ درهما أرضيت؟ قَالَ: نعم، يَا أَبَا سَعِيد، قَالَ: فلك خَمْسُونَ أُخْرَى أرضيت؟ قَالَ: نعم، رَضِيَ اللَّه عَنْك، قَالَ: فَلَمَّا أدبر الرَّجُل قَالَ: هَلُمَّ فَإنَّهُ بَلغنِي أَن من الْإِحْسَان أَن يَضَعَ الرَّجُل نصف حَقِّه، اذْهَبْ فلك مِائَتَان.
المجلِسُ السَادِس وَالأربَعُونْ
قصَّة مقتل أُمَيَّة بْن خَلَف
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الْقَاسِم الأنباي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: كُنْتُ أُعْرَفُ بِعَبْدِ عَمْرٍو فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا كَانَ يوْمُ بَدْرٍ سَلَبْتُ أَرْبَعَة ادرعٍ مِنْ دُرُوعِ الْمُشْرِكِينَ وَأَقْبَلْتُ بِهِنَّ، فَمَرَّ بِي أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَابْنُهُ عَلَيٌّ، فَنَادَانِي أُمَيَّةُ: يَا عَبْدَ عَمْرٍو! فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! قُلْتُ: وَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: أَنَا وَابْنِي خيرٌ لَك من هَذِه الأدرع، فَأَلْقَيْتُهُنَّ وَأَقْبَلْتُ بِهِمَا، فَبَصُرَ بِهِمَا بِلالٌ فَأَقْبَلَ بِسَيْفِهِ، وَقَالَ: أُمَيَّةُ رَأْسُ الْكُفْرِ؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَنِي مِنْكَ، فَقُلْتُ: يَا بِلالُ! كَانَت معي وَالله أَرْبَعَة أدرع وَأَلْقَيْتُهُنَّ وَاعْتَمَدْتُ عَلَى هَذَيْنِ، فَلا تَفْجَعْنِي بِهِمَا.
فَأَقْبَلَ يُرِيدُهُمَا فَقُلْتُ: تَنَح يَا ابْن السَّوْدَاءِ، وَقَامَ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ! أُمَيَّةُ رَأْسُ الْكُفْرِ وَابْنُهُ، فَأَقْبَلُوا بِالسُّيُوفِ إِلَيْهِمَا، فَمَا مَلَّكُونِي مِنْ أَمْرِهِمَا شَيْئًا، فَضُرِبَ عَلَيَّ ضَرْبَةً فَطَنَّتْ سَاقَهُ، فَصَاحَ أُمَيَّةُ صَيْحَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، ثُمَّ حَمَلُوا فَذَفَّفُوا عَلَيْهِمَا.
فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ بِلالا، فَجَعَنِي بِأَسِيرَيَّ وَذَهَبَتْ أَدْرَاعِي.
مَعْنَى ذَفَّفُوا: أَجْهَزُوا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبِي: قَالَ الْعَبَّاسُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ عَائِشَةَ، فَقَالَ لِي: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ شَاعِرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَدَحَ بِلالا لَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ:
هَنِيئًا زَادَكَ الرَّحْمَنُ خَيْرًا ... فَقَدْ أَدْرَكْتَ ثَأْرَكَ يَا بِلالُ
فَمَا نِكْسًا وُجِدْتَ وَلا جَبَانًا ... غَدَاةَ تَنُوشُكَ الأَسَلُ الطِّوَالُ
معنى التناوش مهموزًا وغير مَهْمُوز
قَالَ القَاضِي: معنى تنوشك: تناولك، وَهُوَ من المناوشة، وَقيل: إِن التناوش: التَّنَاوُل من قريب بِغَيْر همز، والتناؤش بِالْهَمْز: التَّنَاوُل من بعيد، قَالَ الراجز:
فَهِيَ تَنُوشُ الحَوْضَ نَوْشًا مِنْ عَلا ... نَوْشًا بِهِ تَقْطَعُ أَجْوَازَ الفَلا
1 / 339