315

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

قَالَت: أَلا لَيْتَما هَذَا الْحمام لنا ... إِلَى حمامتنا أَو نِصْفُهُ فَقَدِ
وَمعنى: اتئب: استحيي، أربيت: زِدْتَ فِي الْغُلَوَاء، مَأْخُوذ من الْغُلُوِّ وتَجَاوْز الحَدِّ، قَالَ الشَّاعِر:
إِلا كَنَاشِرَةِ الَّذِي ضَيَّعْتُمُ ... كالْغُصْنِ فِي غُلَوائِهِ المتثبت
والسُّجَرَاء بِالسِّين الْمُهْملَة جمع سَجِير، وَهُوَ الْقَرِيب الْوَلِيّ، فَأَما الشُّجَراء بالشين الْمُعْجَمَة فَإنَّهُ جمع شجير، وَهُوَ الْبعيد والعَدُوّ.
المجلِسُ الثالِث وَالأربَعُونْ
الزَّجْرُ عَنْ أَذَى الْيَتِيم
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْفُلُوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بن سُفْيَان القطيغي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا بَكَى اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ﷿ لِبُكَائِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ أَبْكَى عَبْدِي وَأَنَا قَبَضْتُ أَبَاهُ وَوَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَا عِلْمَ لَنَا، قَالَ: اشْهَدُوا أَنْ مَنْ آوَاهُ أَرْضَيْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
تَعْلِيق الْمُؤلف
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر زجر عَنْ أَذَى الْيَتِيم وترغيب فِي التعطفِ عَلَيْه، وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ، والعقول السليمة والفطن السوية، تُنْبِئان عَنْ حَظْر ظُلْمه، وَحسن حفظه وتَعَهُّدِه، وَمَا أَتَى عَنِ اللَّه ﷿ فِي مُحكم تَنْزِيله وعَلى لِسَان رَسُوله من التوصية بِهِ، والتوعد بأليم الْعقَاب عَلَى ظلمه، كثير ظَاهر، قَدْ قَامَت الحجَّة بِهِ واستفاض الْعلم بِصِحَّتِهِ، فِي خاصَّةِ الْمُسْلِمِين وعامتهم، ومأموميهم وأئمتهم، فاتقى امرؤٌ ربه، وَخَافَ مقَامه، وأشفق مِمَّا هُوَ أَمَامه، وتدبر قَول الله ﷿: " وليخشن الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسيصلون سعيرًا " فَإِن هَذَا الَّذِي تلوناه فِي نَظَائِره من التَّنْزِيل أَجْزلُ لفظٍ وأبلغ وعظ، وَفِي فضل المصيخ إِلَيْهِ، وَالْعَامِل عَلَيْه، والقابل لَهُ، والقائم بِالْقِسْطِ فِيهِ، أوفر حَظّ.
وفقنا اللَّه وَإِيَّاكُم لمرضاته وأعاننا عَلَى طَاعَته، وعَصَمَنا من مَعْصِيَته، إِنَّه جواد كريمٌ، رءوف رَحِيم.
سآكلُ مِنْهَا وَلَو شققت بَطْنَك
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْن دُرَيْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَجَّ مُعَاوِيَةُ ﵀ وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرْوَانُ، فَلَمَّا وَرَدَ الْمَدِينَةَ هَيَّأَ لَهُ مَرْوَان

1 / 319