303

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

فأنشدني دعبل فِي ذَلِكَ:
يَا مَعْشَرَ الْأَعْرَاب لَا تغلطوا ... خُذُوا عَطَاياكم وَلا تسْخطوا
فَسَوف يعطيكُم حُنَيْنِيَّةً ... لَا تَدْخُل الكيسَ وَلا تُربط
والمَعْبَدِيَّاتُ لقوادكم ... وَمَا بِهَذَا أحدٌ يُغْبَطُ
فَهَكَذَا يرزقُ أجْنادَهُ ... خليفةٌ مصحفُهُ البَرْبَطُ
قَالَ القَاضِي: البَرْبط الْعُود، وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ وَالْعرب تسميه الْمِزْهَر، وَقَدْ زعم بَعضهم أَن هَذَا الضَّرْب من آلَات الملاهي تُسَمى الْعود فِي سالف الْأُمَم وغابرها، وَأَن من أَسْمَائِهِ عِنْد الْعَرَب الْكِرَانُ والبَرْبَطُ والْمُوتَر، وَلنَا فِي هَذَا قولٌ لَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكره.
المجلِسُ الحَادي وَالأربَعوُنْ
وجوب ضبط الْعلم وَتَقْيِيد الْحِكْمَة حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَمِّهِ شُعَيْبٍ، أَنَّ شُعَيْبًا حَدَّثَهُ وَمُجَاهِدًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو: حَدَّثَهُمَا أَنَّهُ، قَالَ لرَسُول اللَّه ﷺ: أَكْتُبُ مَا سَمِعْتُ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عِنْدَ الْغَضَبِ وَعِنْدَ الرِّضَا، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَقُولَ إِلا حَقًّا.
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر دلَالَة وَاضِحَة عَلَى أَنَّهُ من الصَّوَاب ضبط الْعلم وَتَقْيِيد الْحِكْمَة، بالْكِتاب حفظا لَهما وحِرْزًا من تَشَذُّ بهما، وعتادًا يُرجع إِلَيْهَا، ويفزع الناسِي إِلَيْهِمَا فيذكر مَا نَسيَه مِنْهُ، ويستدل عَلَى مَا عزب عَنْهُ، وعَلى فَسَاد قَول من ذهب إِلَى كَرَاهِيَة ذَلِكَ، وَقد جَاءَ عَنِ النَّبيّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ "، وَجَاء فِي الْأَثر: أَن سُلَيْمَان بْن دَاوُد، قَالَ لبَعض من أسره من الشَّيَاطِين: مالكلام؟ قَالَ: ريح، قَالَ: فَمَا يُقَيّده، قَالَ: الْكتاب، وَفِي إِحْضَار مَا ورد فِي هَذَا الْمَعْنى وإيراد الْحجَج فِيهِ طول لَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكره فِي هَذَا الْموضع.
نصائح غَالِيَة للأحنف بْن قَيْس
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرو، عَنِ الثَّوْرِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُل من أهل الْبَصْرَة، عَنْ رَجُل من بني تَمِيم، قَالَ حضرت مجْلِس الْأَحْنَف بْن قَيْس وَعِنْده قومٌ مجتمعون فِي أمرٍ لَهُم، فَحَمدَ اللَّه تَعَالَى وَأثْنى عَلَيْه، ثُمّ قَالَ: إِن مِنَ الكَرَمِ مَنْعَ الْحُرَم، مَا أقرب النِّقْمةَ من أَهْل الْبَغي، لَا خير فِي لذةٍ تُعْقِبُ نَدَمًا، لن يَهْلِكَ وَلنْ يَفْتَقِر مَنْ زَهِد، ربَّ هزلٍ قَدْ عَاد جِدًّا، مَنْ أمِن الزَّمَان خانه، وَمن تَعظَّم عَلَيْه مهانه، دَعُوا الْمُزَاح فَإنَّهُ يُورث الضغائِن، خير القَوْل مَا صدقه الْفِعْل، وَاحْتَملُوا لمن أدَلَّ عَلَيْكُم، واقبول عُذْر

1 / 307