272

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

الْملك، قَالَ: جَاءَ أَبُو الْعَتَاهِيَة يُرِيد الدُّخُول عَلَى أَحْمَد بْن يُوسُف فَمَنعه الْحَاجِب فَكتب إِلَيْهِ:
ألم تَرَ أنَّ الفَقْر يُرْجَى لَهُ الْغِنَى ... وأنَّ الْغِنَى يُخْشَى عَلَيْه من الفَقْرِ
قَالَ: فَقلت لَهُ: لَا تَتَعرض لَهُ وأسْكِتْهُ عَنْك، فَوجه إِلَيْهِ بِخَمْسَة آلَاف دِرْهَم، قَالَ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم: فأعلمت ذَلِكَ عَلَى بْن جَبَلَة، فَقَالَ: بئْسَمَا صنع كَانَ يَنْبَغِي أنْ يَقُول لَهُ:
أحمدُ، إِن الْفقر يُرْجَى لَهُ الْغنى
فيشيد باسمه، قَالَ: القَاضِي قَدْ رُوينا هَذَا الْخَبَر عَنْ أَبِي الْعَتَاهِيَة من غَيْر هَذَا الطَّرِيق، وَبعد بَيته الَّذِي فِيهِ بَيت آخر وَهُوَ:
ألم تَرَ أَن البَحْر يَنْضُبُ مَاؤُهُ ... وَتَأْتِي عَلَى حيتانه نُوَبُ الدَّهْر
من لحن الْعَامَّة
فِي ينضب لُغَتَانِ، ضم عين الْفِعْل وَكسرهَا وماضيه نَضَب بِالْفَتْح، وَإِنَّمَا ذكرت هَذِهِ لأنني أسمع الْعَامَّة يَقُولُونَ فِيهِ: ينضَب بِالْفَتْح وَرُبمَا قَالُوا: نضِب بِكَسْر الضَّاد فِي الْمَاضِي، وَهَذَانِ البيتان لأبي الْعَتَاهِيَة من أحسن الشّعْر وأوضحه، عَلَى أَنَّهُ قَدْ سبقه إِلَى بَيته الأول الْقَائِل:
فَمَا يدْرِي الْفَقِير مَتى غناهُ ... وماد يَدْري الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
وَفِيهِ حِكْمَةٌ وَعِبْرَةٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً ".
عذريٌ وَرب الْكَعْبَة
حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بن نصير لخواص، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس ابْن مَسْرُوق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الصَّمد الْبكْرِيّ، أَخْبَرَنَا ابْن عُيَيْنة، قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن عُقْبة الهَمْدانِّي لأعرابي: مِمَّنْ أَنْت، فَقَالَ: من قوم إِذا عشقوا مَاتُوا، قَالَ: عذريٌ وربِّ الْكَعْبَة، فَقلت: ومم ذَاك، قَالَ: فِي نسائنا صباحة، وَفِي فتياننا عفَّة.
أتلف ثَلَاثِينَ ألف ألف دِرْهَم
حَدَّثَنَا يزْدَاد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يزْدَاد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ، قَالَ: وحَدَّثَنِي ابْن أَبِي زُهَيْر الْعَبْسيّ، عَنْ عِيسَى بْن أَبِي شَيْبَة الْأَصْغَر، قَالَ:
دخل عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بكرَة عَلَى الحَجَّاج وَفِي إصبعه خَاتَم، فَقَالَ لَهُ: يَا عُبَيْد اللَّه! عَلَى كم ختمت بخاتمك هَذَا؟ قَالَ: عَلَى ثَلَاثِينَ ألف ألف، قَالَ: فَفِيمَ أتْلَفْتها، قَالَ: فِي تَزَوُّج العقائل والمكافأة بالصنائع، وَأكل الْحَار وشُرْبِ القار، قَالَ: أَرَاك ضليعًا، قَالَ: ذَاك أصلحك اللَّه لِأَنِّي لَا آكل إِلا عَلَى نقاء، وَلا أجامع إِلا عَلَى شَهْوَة، فَإِذا كَانَ اللَّيْل رَوَّيْتُ قدميَّ زَنْبقًا، ورأسي بَنَفْسجة يصعد هَذَا ويحدِر هَذَا فَالْتَقَيَا فِي الْمعدة فَعقَد الشَّحْم.
قَالَ القَاضِي: العقائل جمع عقيلة، والعقيلة: دُرَّة الْبَحْر، وَبهَا سميت الْمَرْأَة لكرامتها، قَالَ ابْن قيس الرقيات:
تذهل الشَّيْخ عَن بنيه وتبدي ... عَن خدام العقيلة الْعَذْرَاء

1 / 276