266

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

لحن الرَّاوِي فِي كلمة خير
قَالَ: القَاضِي: هَكَذَا أما علينا الشُّحَيْمي هَذَا الْحَدِيث، وَلَفظ بِهِ كَمَا روينَاهُ، فَقَالَ: يُقَالُ لَهَا خيرا، وَلَم يَكُنْ ذَا علم بطريقة الْإِعْرَاب، وَلَعَلَّه لحن فِيهِ فغيَّره عَنْ صَوَابه، ولحن فِيهِ بعضُ من تقدَّمه من رُواته الَّذِين لَا معرفَة لَهُم بتصاريف الْإِعْرَاب ووجوهه، وَالصَّوَاب فِيهِ عِنْدِي أَن يَكُون اللَّفْظ فِي الْخَبَر أَتَى عَلَى الصِّحَّة وَهُوَ يُقَالُ لَهَا خير، فَلَو كَانَ اللَّفْظ خيراء عَلَى فعلاء، أَوْ فعلى على خيرى، لَكِن وَجها مَعْرُوف الْمَذْهَب فِي الْعَرَبيَّة، غَيْر أَنَّهُ كَانَ غَيْر مَصْرُوف وَلا مُنَون، وَالْمَشْهُور من هَذَا الْخَبَر التَّنْوِين، وَأَن خيرا فِيهِ من الخيرالذي هُوَ ضد الشَّرّ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبيّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " إِذا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ الثَّنَاءَ "، وَالْعرب تَقُولُ: جزى اللَّه فلَانا خيرا إِذا دعت لَهُ، وجزاه اللَّه شرًّا إِذا دعت عَلَيْه، كَمَا قَالَ الشَّاعِر فِي الْمَعْنى الأول:
أَلا رَجُلا جزاهُ اللَّه خيرا ... يَدُلُّ عَلَى محصلةٍ تَبِيتُ
وقَالَ أَبُو مَعْبَد:
جزى اللَّهُ رَبُّ الناسِ خير جَزَائِهِ ... رفيقن قَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
وقَالَ الحطيئة فِي الْمَعْنى الثَّانِي:
جَزَاكِ اللَّهُ شَرًّا من عجوزٍ ... ولَقَّاكِ الْعُقُوقَ من البَنِينا
وَهَذَا الْوَجْه هُوَ الْمَعْرُوف بَيْنَ خَاصَّة النَّاس وعامتهم، وَغير مُمْتَنع عِنْدِي أَن يَكُون خير اسْم الشَّجَرَة ويَعْني بقولِ الْقَائِل: جَزَاك اللَّه خيرا الْخَيْر الْمَعْرُوف، فَيُجْزَى تِلْكَ الشَّجَرَة إِذا كَانَتْ خيرا من الْخُيُور، وَنَظِير ذَلِكَ قَوْلهم: ويلٌ لفُلان، وذُكِر سِيبوَيْه أَنَّهُ قُبُوح، وقَالَ: غَيره نَحْو ذَلِكَ، وَجَاء عَنْ عددٍ من أَهْل التَّأْوِيل أَنَّهُ وادٍ فِي جَهَنَّم، فَتَأمل هَذَا فَإنَّهُ وجْهٌ لطيفٌ حَسَن.
إنَّه شَيْطَان الأحلام
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَن أَبِيه، عَن أم الْحُسَيْن بنت جَعْفَر بْن حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَمَّتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ ﵈، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:
أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عناقٌ مَشْوِيَّةٌ فَبَعَثَ إِلَى فَاطِمَةَ، وَعَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ﵈، فَأَجْلَسَهُمْ مَعَهُ لِيَأْكُلُوا فَأَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيْهَا الْحَسَنُ فَجَذَبَتْ فَاطِمَةُ يَدَهُ وَبَكَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فِدَاكِ أَبُوكِ! مَا شَأْنُكِ لِمَ تَبْكِينَ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي الْبَارِحَةَ كَأَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَيْكَ هَذِهِ الْعَنَاقُ وَكَأَنَّكَ جَمَعْتَنَا، فَأَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيْهَا الْحَسَنُ فَأكل فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، كُفُّوا، ثُمَّ قَالَ: يَا رُؤْيَا! فَأَجَابَهُ شيءٌ:

1 / 270